مشهد جديد في الانتخابات النصفية الأميركية: ميليشيات تأمين الاقتراع
صحيفة "لوموند" الفرنسية تتحدث، في مقال لمراسلها السابق في واشنطن، عن أن "الميليشيات اليمينية المسلحة، التي تقول إنها ستدافع عن التصويت ونزاهته، هي العنصر الجديد غير المتوقع في انتخابات التجديد النصفي".
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في مقال لكاتب العمود السياسي ومراسلها السابق في الولايات المتحدة، جيلز باريس، بعنوان "الميليشيات الجديدة لضمان نزاهة التصويت في الانتخابات النصفية الأميركية"، إن "الميليشيات اليمينية المسلحة، التي تقول إنها ستدافع عن التصويت ونزاهته، هي العنصر الجديد غير المتوقع في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022".
ويتساءل المقال، في صحيفة "لوموند"، عما "يمكن أن يحدث بصورة خاطئة؟". ويكمل أنه "بعد عشرين شهراً من الهجوم غير المسبوق على مبنى الكابيتول الأميركي على خلفية الانتخابات الرئاسية لعام 2020، يحاول لاعب جديد اقتحام الانتخابات النصفية: ميليشيات مسلحة تدّعي حماية نزاهة التصويت".
وأشار جيل باريس إلى "مدى خطورة هذا الأمر"، موضحاً أن "الأمر تطلّب من قاضٍ في أريزونا، وهي نقطة أساسية لبداية أي إنكار لنتائج الانتخابات، أن يحذّر من بديهيات، كالتقاط صور أو مقاطع فيديو للناخبين وهم يقترعون، ونشر معلومات عنهم عبر الإنترنت، وحمل الأسلحة النارية علانية، وارتداء الدروع الواقية للجسم في أثناء القيام بدوريات حول أماكن الاقتراع".
وأشار القاضي الأميركي إلى أنّ ظهور الجماعات المسلحة "يتعلق بالتخويف أكثر من كونه يتعلق بحماية هذا الواجب المدني (الانتخابات)، بغضّ النظر عن حقيقة مفادها أنّ مجرّد ربط العبارتين، "الأسلحة النارية" و"مركز الاقتراع"، يجعل أيّ عقل أوروبي عادي يفقد صوابه".
وتابع باريس: "أنتم تعلمون بأنّكم لستم في مكان آمن عندما يحذّر مراقبو الانتخابات، من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، في تقرير دوريّ، من أنّ هؤلاء المراقبين الحزبيين قد يستخدمون عملهم للتدخل غير المبّرر في العملية الانتخابية".
وبحسب الكاتب، يستخدم تقرير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هذا النوع من اللهجة عموماً مع "مؤسسات ديمقراطية لا تزال متعثرة"، وليس "مع بلد يدّعي أنه أبرز نماذج الديمقراطية، مثل الولايات المتحدة".
"الانتخابات الأميركية النظيفة" تلاحق "البغال"
وأضاف باريس أنّ المجموعة الضالعة في قضية محكمة أريزونا، "انتخابات أميركية نظيفة"، قالت إنها كانت "تطارد البغال". وفي هذا الكلام إشارة غير خافية إلى فيلم وثائقيّ مثير للجدل، بعنوان "2000 بغل"، أخرجه دينيش ديسوزا، وهو ناشط أميركي محافظ، دِينَ في عام 2014 بمساهمة غير قانونية في الحملة الانتخابية، وعُفِي عنه في عام 2018 من جانب الرئيس آنذاك، دونالد ترامب.
وتابع: "تمّ إصدار الفيلم الوثائقي في عام 2021، وزعم - من دون أدلة ملموسة - أنّ المنظمات غير الربحية، التي لم يذكر اسمها، دفعت البغال، وهو مصطلح عامّ للمهربين، لجمع بطاقات الاقتراع بصورة غير قانونية في الولايات المتأرجحة الرئيسية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة".
ويستند هذا الإصدار، المنحاز بصورة واضحة إلى ترامب، والذي حقق نجاحاً كبيراً بين منكري الانتخابات، والمكبّل بمزاعم عن احتيال كبير بشأن الناخبين ثبت لاحقاً أنه ادّعاء خاطئ، إلى "شهادات من مجموعات فاعلة بقوة اليوم، بالإضافة إلى باحث كبير من مؤسسة هيريتدج، وهي مؤسسة فكرية محافظة"، بحسب مقال "لوموند".
وزعمت الرئيسة المؤسسة لمجموعة "انتخابات أميركية نظيفة"، ميلودي جينينغز، أنّها استوحت فكرة المجموعة من "2000 بغل". كما تشارك "شبكة النزاهة الانتخابية" أيضاً، بقيادة كليتا ميتشل، المحامية التي ساعدت دونالد ترامب على إلغاء انتخابات 2020، في تجميع ما تسميه "جيش المواطنين" لمراقبة الانتخابات.
"جيش ترامب الأمني" لمراقبة الانتخابات
وتحدث باريس عن "التصويت المحق"، وهو صوت نشط آخر بقيادة مجموعة ممن يعتقدون أنّ "مؤامرة انتخابية" حدثت عام 2020.
وسُجن قائداها، كاثرين إنجلبريخت وجريج فيليبس، في تشرين الأول/أكتوبر، بسبب عدم امتثالهما لأمر محكمة بتقديم أدلة على وثائق مزعومة قدماها بشأن "تزوير الانتخابات".
وسبق أن دانت محكمة هذه المجموعات الجمهورية بـ"القيام بأي أنشطة أمنية تتعلق بالاقتراع في أماكن الاقتراع أو الدوائر الانتخابية، بحيث يكون الغرض أو التأثير الكبير لهذه الأنشطة هو ردع الناخبين المؤهلين عن التصويت"، لكن انقضاء هذا الحكم في عام 2017 أعاد فتح الطريق أمام هذا النشاط.
وكان ابن الرئيس السابق دونالد ترامب وجّه، قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية عام 2020، نداءً عاطفياً وتجييشياً إلى "كلّ رجل وامرأة قادر جسدياً على الانضمام إلى "جيش" في عملية أمن انتخابات ترامب"، ولم تنجح دعوته في ذلك الوقت، لكنّ "جيشه" المتوقع من مراقبي الاقتراع قد يظهر هذا العام، فيما يمكن أن يكون تدريباً لانتخابات عام 2024 الرئاسية، وفق باريس.
ورأى الكاتب أنه "يمكن أن تصبح الأمور قبيحة".
وأشار إلى تحذير لستيفن بانون، المستشار الاستراتيجي السابق لترامب، في حلقة أخيرة من البودكاست الخاص به، من أننا "سنكون هناك ونفرض هذه القواعد، وسوف نتحدّى أيّ تصويت وأيّ اقتراع، وعليكم أن تتعايشوا مع هذا الأمر".