ملامح البرلمان الفرنسي المقبل ترسمها نتائج الانتخابات الرئاسية
الأقطاب الثلاثة الناتجة عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية تهيمن بقوة على الفضاء السياسي الفرنسي، وغالبية الناخبين اليساريين في الانتخابات الرئاسية سيصوّتون لمرشحي الاتحاد في الانتخابات التشريعية، مع تأرجح بسيط في مواقف الشيوعيين والاشتراكيين.
-
المعطيات تشير إلى استبعاد المفاجآت في الانتخابات التشريعية الفرنسية المقبلة (أرشيف)
ميزان القوى الناتج عن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية على وشك أن يرسم صورة الجمعية الوطنية (البرلمان) المقبلة.
وفقاً لاستطلاع مركز "إبسوس-سوبرا ستيريا"، بالشراكة مع "لوموند"، فإنّ توازن القوى قبل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية بـ3 أسابيع مقسّم بين 3 قوى تحظى ب 75٪ من نوايا التصويت، وهي الأغلبية الرئاسية تحت راية "النهضة، "مودم و"آفاق" 28٪، الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد (Nupes) يجمع كلاً من فرنسا غير الخاضعة والبيئة والحزبين الاشتراكي والشيوعي 27 ٪ والتجمع الوطني 21٪، وسيجمع حزب إريك زمور 6٪، أي أنّ الكتلة اليمينية المتطرفة ستمثّل حوالى 27٪ من نوايا التصويت.
للتذكير، في مساء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، صوّت 27.8٪ من الفرنسيين لمصلحة إيمانويل ماكرون، و 23.1٪ لمارين لوبان و21.9٪ لجان لوك ميلينشون.
ثلاثية لا تترك مجالاً كبيراً للمنافسة
هذا التوازن الجديد للقوى السياسية لا يترك مجالاً للمنافسة. أول من عانى هو حزب الجمهوريين المتحالف مع الوسطيين في اتحاد الديمقراطيين والمستقلين (UDI). مثل النتيجة المأساوية لمرشحتها الرئاسية فاليري بيكريس (4.78٪ من الأصوات)، فإنّ حظّها في الحكومة في حالة ضعف غير مسبوقة بنسبة 9٪ من نوايا التصويت.
ويبدو أنّ كلّاً من الأقطاب الثلاثة الناتجة عن الانتخابات الرئاسية تهيمن بقوة على الفضاء السياسي الفرنسي. وهكذا فإنّ غالبية الناخبين اليساريين في الانتخابات الرئاسية سيصوّتون لمرشحي الاتحاد في الانتخابات التشريعية؛ 86٪ من ناخبي جان لوك ميلينشون الذين شملهم الاستطلاع سيختارون بطاقة الاقتراع للاتحاد في 12 حزيران/يونيو، إذ أنّ الاشتراكيين والشيوعيين هم الأقلّ اقتناعاً بالتحالف الذي تمّ تشكيله حول شعار "رئيس الوزراء ميلينشون" و "البرنامج المشترك"، حيث لا تزال هناك العديد من التناقضات البرنامجية، ولا سيما في ما يتعلّق بالاتحاد الأوروبي، والتخلّص التدريجي من الأسلحة النووية والسلطة أو حتى القضايا المجتمعية مثل عنف الشرطة.
النتيجة
يبدو أنّ 55٪ فقط من ناخبي آن هيدالغو و 59٪ من ناخبي فابيان روسيل سيصوّتون للاتحاد. أنصار زعيم حزب البيئة يانيك جادو لديهم الحافز الأكبر لديناميات اليسار و 64٪ يريدون اختيار مرشح نقابي. إذا بدا أنّه غير كامل ولا يرضي الجميع، فإنّ التحالف ضد اليسار يظلّ محركاً قوياً للانتخابات المقبلة. هؤلاء الناخبون أنفسهم مقسمون: 27٪ من الاشتراكيين و 16٪ من الشيوعيين و 8٪ من البيئة الذين شملهم الاستطلاع يريدون التصويت لمرشحين آخرين: 11٪ فقط في الحزب الاشتراكي و 8٪ في الحزب الشيوعي الفرنسي و 15٪ من البيئة يريدون اختيار ترشيح الأغلبية الرئاسية.
من جانبها، مارين لوبان أيضاً ستحظى ب 80٪ من ناخبيها، ويتمّ توزيع الباقي بالتساوي بين الأطراف السياسية الأخرى. أخيراً، بالنسبة لإريك زمور، هناك 64٪ ممّن اختاروه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يريدون انتخابه، بينما هناك 17٪ سيصوتون لاختيار التجمع الوطني و 11٪ لـ" الجمهوريين".
الشعور بالتعب
من ناحية أخرى، إذا نتج عن التقسيم الثلاثي توازن للقوى السياسية الثلاث في نوايا التصويت، فإنّ هذا ليس هو الحال عندما نلاحظ التوقعات لتوزيع مقاعد مجلس النواب الجديد. فالنتائج النهائية ستعتمد بشكل واضح على ديناميكيات الحملة، خاصة بين الجولتين. ومع ذلك، اليوم، يُتوقع أن يحصل الاتحاد اليساري على 165 إلى 195 مقعداً (كان لدى اليسار حوالى 60 نائباً في المجلس السابق)؛ الأغلبية الرئاسية من 290 إلى 330 (مقابل 350)؛ حزب لوبان من 20 إلى 45 مقعداً (مقابل 6 نواب في نهاية المجلس التشريعي).
وفقاً لمنطق المؤسسات، فإنّ 54٪ ممن شملهم الاستطلاع يريدون أن يحصل إيمانويل ماكرون على أغلبية في الجمعية وأن يكون قادراً على تطبيق سياسته. لكنّ 45٪ يريدون التعايش مع جان لوك ميلينشون. هذه الرغبة في إعادة التوازن بين السلطات، وخاصّة في تلطيف سلطة رئيس الدولة، يتردّد صداها مع شعار اليسار "إرسال جان لوك ميلينشون إلى ماتينيون".
وهكذا يمكن لهذه "الجولة الثالثة" الشهيرة أن تخلق قضية مفهومة من قبل أكبر عدد من المقترعين في ظل استمرار ظاهرة الامتناع . وبهذا المعنى، قال 74٪ من المستجيبين إنهم مهتمون بالانتخابات التشريعية (+ نقطة واحدة مقارنة بعام 2017). حتى تعيين رئيسة للوزراء - لم يسمع به أحد منذ تعيين الاشتراكية إديث كريسون في عام 1991 - لا يبدو أن له تأثيراً مضاعفاً، إذ إنّ 38٪ ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم "غير مبالين" بهذه الأخبار، و 34٪ راضون. 28٪ غير راضين.
هذا الشعور بالتعب، الذي كان يُقاس بالفعل قبل الانتخابات الرئاسية، يتجسد أيضاً في توقعات نسبة المشاركة. تتراوح نية التصويت في الجولة الأولى بين 45٪ و 49٪، أي بمتوسط ثقل 47٪. أولئك الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً هم الأقل احتمالية للتصويت (32٪ بين 18-24 عاماً و 34٪ بين 25-34 عاماً) بينما 66٪ ممّن تبلغ أعمارهم 70 عاماً أو أكثر سيضعون بطاقة اقتراع في صندوق الاقتراع في 12 حزيران/يونيو.
قبل 5 سنوات، بلغت نسبة المشاركة النهائية في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية لعام 2017، 48.7٪ ولم تكن بهذا الانخفاض على الإطلاق. لذلك، نحن نتجه مرة أخرى نحو اقتراع يتّسم بامتناع كبير عن التصويت.