هكذا تبدو التعددية القطبية.. تصريحات ماكرون تُحدث موجة ردود الفعل في واشنطن
موقع "ذا ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركي يتطرّق إلى التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بشأن التعامل مع الصين وتايوان.
-
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
ذكر موقع "ذا ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركي أنّ التعليقات الأخيرة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بشأن التعامل مع الصين وتايوان، تتناقض مع العناصر الرئيسة لسياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في آسيا، وخلقت دوامة من ردود الفعل في الولايات المتحدة.
ووفق الموقع، فإن تعليقات ماكرون قد تساعد على تقديم جرعة قاسية ومطلوبة بشدة، من الواقع إلى النخب في واشنطن، الذين ما زالوا متشبثين بمفاهيم أميركا، في حقبة الـتسعينيات، كقوة عظمى عالمية لا مثيل لها، و"أمة لا غنى عنها".
وقال الموقع إن صعود الصين ليس سوى عامل واحد يبشّر بقدوم عالم "متعدد الأقطاب"، بحيث تنتشر القوة العالمية ببطء، بعيداً عن الولايات المتحدة. فهذا التطور لا يجب أن يكون مفاجئاً لواشنطن إذ تأمل القوى المتوسطة، مثل فرنسا، اجتيازَ الواقع الناشئ بطريقة يعتقد قادتها أنها تلائم مصالح أمتهم.
وفي مقابلة، عقب اجتماعه بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، حذّر الرئيس الفرنسي من أن يصبح الأوروبيون "تابعين" لعالم تهيمن عليه واشنطن. ووصف المواجهة المحتملة بين الصين وتايوان بأنها "ليست أزمتنا". وطرح رؤية بديلة للاستقلال الاستراتيجي الأوروبي وسياسة خارجية فرنسية مستقلة.
اقرأ أيضاً: ماكرون يدعو أوروبا إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي
ورأى الموقع أنّه "لو اقتصرت المعارضة على استراتيجية الولايات المتحدة على فرنسا، لما كان ذلك مفاجئاً، فلطالما استاءت السلالات السياسية الفرنسية، مثل الديغولية والشعبوية اليسارية، من الهيمنة الأميركية، حتى مع بقاء فرنسا حليفاً مؤيداً للولايات المتحدة في معظم التحديات الشائعة".
وتابع الموقع: "كان المثال الأكثر وضوحاً في العقود الأخيرة هو تحدي فرنسا لغزو واشنطن غير الشرعي للعراق في عام 2003، وقد يكون ماكرون رسولاً غير متوقع للديغولية، أو حتى أكثر من ذلك، لليسار الشعبوي الفرنسي. لكن، إذا نظرنا إلى سائر دول العالم، فلن يكون صوته وحيداً".
وبحسب الموقع، فإنّ الحقيقة هي أن نظام التحالف والشراكة في الولايات المتحدة يمر في تحول كبير، لا سيما في جنوبي الكرة الأرضية، في حين أنه، خلال الحرب الباردة، كان من الممكن الاعتماد على عدد من الأنظمة المدعومة من الولايات المتحدة في الجنوب، وجنوبي شرقي آسيا، وأميركا اللاتينية وأفريقيا، من أجل دعم واشنطن فيما يتعلق بالخصوم الرئيسيين. وهذا الواقع بات أقل كثيراً اليوم.
وأكد الموقع أنّ "هذا ما يبدو عليه تعدد الأقطاب، لكن الولايات المتحدة ليست مستعدة لعالم ما بعد القطب الواحد. وعليه، فإنّ تهويلها الأخلاقي على الديمقراطية وحقوق الإنسان يقع على آذان صماء، من نيودلهي إلى هافانا".
وأشار الموقع في تقريره إلى أنّه ستكون هناك بالتأكيد بعض الحالات التي ستتحالف فيها دول الجنوب العالمي ضد خصوم واشنطن التقليديين، مثل سنغافورة في مقابل روسيا، أو الهند في مقابل الصين، أو "إسرائيل" بشأن إيران، لكن هذه الاستثناءات أكثر من القاعدة.
وبدلاً من تعميم تفضيلاتها، قد تستفيد واشنطن من التخلي عن ميلها إلى الأخلاق عندما ترى سلوكاً وحكومات لا تحبها. وبالطبع، عندما تتعرض المصالح الأميركية الأساسية - أي سلامة الوطن الأميركي ونظامه السياسي وأمن شعبه وازدهاره - للتهديد المباشر، فيجب على الولايات المتحدة أن تتصرف، وفق الموقع.
لكن توقع وقوع دول بعيدة، مثل مصر والهند والبرازيل، في معركة عالمية ضد قوى عظمى أخرى، أمرٌ غير مُجدٍ، ويأتي بنتائج عكسية. ويجب على الولايات المتحدة أن تدرك أن تفضيلاتها الاستراتيجية وقيمها، في عالم متعدد الحضارات، قد تكون، بصورة متزايدة، جزءاً من خيار انتقائي بدلاً من قائمة محددة لهذا العالم.
ويختم الموقع بأنه لا تزال مجموعة من دول الجنوب العالمي، شأنها شأن دول مهمة في أوروبا، تختار القيادة الأميركية، ما دامت تخدم مصالحها. لكنها سوف تذهب، خلاف ذلك، إلى حيث يمكن العثور على صفقات أفضل.