ما لم يقله دايفيد إغناتيوس في مقالته الأخيرة حول الحوار الخليجي-الإيراني
من اللافت أن إغناتيوس يجمع ما بين الموقفين السعودي والإماراتي من دون أي تمييز بين الفوارق الملحوظة في مصالحهما.
-
تركز الكتابات الأخيرة لإغناتيوس بدقة على منطقة غرب آسيا من زاوية المصلحة الأميركية
في الثاني عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019، أي قبل 5 أيام من بدء الحراك الشعبي في لبنان، نشر الكاتب الأميركي الشهير دايفيد إغناتيوس، تغريدةً على حسابه في "تويتر" أعرب فيها عن سعادته لزيارة لبنان و"لقاء الأصدقاء"، كاشفاً أنه توصل إلى أن "أفضل طريقة لمواجهة حزب الله هي في مساعدة لبنان على بناء دولة قوية وأقل فساداً".
Good to be in Beirut again and talking with Lebanese friends. I come away thinking that the best way for US to push back against Hezbollah is is to help Lebanon build a stronger, more solvent, less corrupt state. https://t.co/59dLvqeprW
— David Ignatius (@IgnatiusPost) October 12, 2019
تركز الكتابات الأخيرة لإغناتيوس بدقة على منطقة غرب آسيا من زاوية المصلحة الأميركية، وآخرها ما كتبه بالأمس في الـ"واشنطن بوست" حول رغبة السعودية والإمارات في إجراء حوار مع إيران وحلفائها.
تقوم سردية الكاتب الأميركي على الرواية السعودية للحوار المزعوم، فيقول إن "الرياض وجهت رسالة إلى طهران تتضمن جملة مقترحات دبلوماسية، لكن الأخيرة لم ترد عليها".
لا يوضح إغناتيوس تاريخ الرسالة السعودية، علماً أن روايته بأسرها تتحدث عن مرحلة سابقة لأعمال الشغب الأخيرة في إيران، كما أنها تُسقط بالكامل كل المبادرات الإيرانية العلنية السابقة للحوار، من دون تلقّي رد سعودي.
وتنظر طهران بريبة كبيرة إلى أي مبادرات حالية، بعد محاولات إثارة الشغب، خاصة وأنّ مؤشرات عديدة تدل على تواصل محاولات التخريب في الداخل الإيراني، وفي مقدمها التحالفين الأمنيين الأميركي والأوروبي اللذين اتخذا من الإمارات مقراً لنشاطاتهما. علمًا أن التجارب الإيرانية السابقة مع المحور الآخر تفيد أن إعلان حسن النوايا من قبل أي طرف يسبق عادة محاولات زعزعة الاستقرار داخل إيران.
ومن اللافت أن إغناتيوس يجمع ما بين الموقفين السعودي والإماراتي من دون أي تمييز بين الفوارق الملحوظة في مصالحهما، مشيراً إلى أن "الدولتين تدرسان خفض التوتر في اليمن".
في الواقع، لا يمكن اختزال الموقف الإماراتي بأولويات السعودية حالياً، خاصة بعد أن أوفدت أبو ظبي شخصيات رفيعة المستوى إلى طهران في الأسابيع القليلة الماضية قدمت عروضاً مغرية مقابل احتواء الغضب الإيراني. وقد التقت معظم هذه الشخصيات بالأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني.
ويركز إغناتيوس على محور آخر في ما يشبه عملية التبني الكامل للموقف السعودي، من خلال التلميح إلى توجه خليجي نحو روسيا والصين، بعد انتقاد سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أدت إلى "فقدان دول الخليج الثقة بالولايات المتحدة كطرف يوفر الحماية العسكرية"، الأمر الذي ينفي "النوايا الطيبة" التي يتحدث عنها إغناتيوس نفسه إزاء إيران.
ويؤخد على الكاتب الأميركي إغفاله أي إشارة إلى الواقع المأساوي الذي يخلفه استمرار الصراع في الشرق الأوسط والخليج، في مقابل توجيه مقصود لمقالته التي تبدو أقرب إلى حملة دعائية للسعودية منها إلى تحليل سياسي مكتمل العناصر المهنية.