وزير الصحة التونسي للميادين: نريد تحويل الأزمة إلى فرصة
وزير الصحة التونسي يتحدث ضمن برنامج المشهدية خاص على الميادين عن وضع تونس في ظل أزمة كورونا وعن الفحوصات المخبرية، والمؤسسات الصحية.
قال وزير الصحة التونسي عبداللطيف المكّي أنه "ليس هنالك مكان آمن في العالم عندما نتحدث عن وباء فيروسي، لأنّ هذا الوباء بدأ يصيب البشر ولا مهرب منه إلا بابتكار تلاقيح تجعل البدن يتصدى له بفعالية ويصبح لا خوف، أو بجعل العدوى تكون بشكل بطيء ومتناسب مع قدرات المنظومات الصحية حتى لا تحدث أضرار".
وشرح المكي في مقابلة خاصة على الميادين ضمن برنامج "المشهدية خاص" أنه عندما يُصيب الفيروس 60% إلى 70% من المجتمعات نستطيع أن نقول أنه حصلت مناعة جمعية وأنّ الفيروس يصبح غير قادر أن يُحدث كل هذه الموجات من الأضرار.
وأضاف ليس هنالك مكان آمن وإنّما هنالك مكان يُؤمَّن، ويُتعامَل مع الفيروس بطريقة الترويض، بين ظفرين، حتى لا يُحدث كل تلك الأضرار ويُحدث مناعة بطريقة هادئة في المجتمع، وهذا ما نعمل عليه في تونس عبر الإجراءات الوقائية وهي من أنجع الإستراتيجيات.
وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي للمشهدية: ليس هناك مكان آمن في العالم عندما نتحدث عن فيروس #كورونا ولا مهرب منه إلا بابتكار اللقاح#المشهدية @MekkiAbdellatif@MedawarLana pic.twitter.com/puSjJHNtML
— Al Mashhadiya (@mashhadiya) April 17, 2020
الوضع العام في تونس
ورداً على سؤال قال "إلى حد الآن في تونس المسألة هادئة ولكن يجب أن نضع دائمًا في الحسبان إمكانية الإنفلات نتيجة لعدم إلتزام مواطنين، نتيجة لعديد الأسباب الأخرى، ولكن في العموم الوضع في تونس جيد لأنّ الإستراتيجية الوطنية للتصدي لفيروس كورونا ليست بوسائل طبية فقط بل هي بوسائل إجتماعية، ووسائل أمنية، ووسائل إعلامية أيضاً".
أما عن تقييم النتائج بالنسبة لعدد الإصابات، عدد الوفيات،أوضح المكي "نحن لا نريد أن نقيّم أنفسنا كحكومة وأصحاب قرار، إنّما الخبراء العلميون هم الذين يقيّمون وإحدى أهم أدوات التقييم هذ المقارنة مع الدول الموجودة في الإقليم، وهنا يُعتبَر عدد الإصابات من مستوى منخفض إلى متوسط، يُعتبَر عدد الذين دخلوا إلى الإنعاش كذلك من منخفض إلى متوسط، وعدد الوفيات كذلك، رغم أننا نأسف لكل وفاة ولكل روح تغادرنا ونعتبر أنّ الوفاة تصيب كل التونسيين، كما أننا نسعد لكل شخص يتعافى من هذا الفيروس، ورغم جميع هذه النتائج نبقى متيقّظين لأي إحتمالات أخرى".
المكي تحدث أيضاً عن لحظة تأسفه وتأثره في السابع من نيسان/ أبريل، قائلاً "في تلك الفترة كانت لحظة إنسانية، لم أكن أودّ أن تنزل الدموع في مثل ذلك المشهد ولكنها غلبتني والسبب هو ليس حجم المصاعب، لأننا وُحدنا نحن كحكومة مناضلين لنواجه المصاعب ونحلّ المشاكل، إنّما بسب عبثية بعض المشاهد، وعدم الإلتزام بإجراءات بسيطة هكذا من باب الإهمال، وكانت يمرّ أمام عينيّ إحتمال رؤية قوافل من الموتى على عتبات المستشفيات وفي البيوت دون أن نكون قادرين على إسعافهم، فهذه العبثية ونتائج هذه العبثية هي التي جعلتني أتأثّر، وأظنّ أنّ الرأي العام التونسي تلقى الرسالة".
وفي سياق الحديث، أوضح أن الحكومة شددت من إجراءات احترام الحجر الصحي، مما أعادنا إلى مرحلة كما قلت من الإنتشار الهادئ للفيروس مع تقليل الأضرار وتقليل عدد الوافدين على المستفشيات والذين يحتاجون إلى إنعاش، وعدم تكاثرهم هذا جيد ويجعل التكفّل بالمرضى في المستشفيات أفضل وبمقاييس أفضل، عكس لو كان هناك عدد كبير سيكون على حساب نوعية الخدمات الصحية ونحن رأينا ذلك في بلدان متقدمة جداً في مجال الإنعاش وفي مجال الطب.
اختبار الفحص..واثبات وجود الفيروس
شرح المكّي "بالنسبة لإثبات وجود الفيروس هنالك إختبار مخبري معتمَد من طرف منظمة الصحة العالمية ومن طرف كل المنظومات الصحية ذات المصداقية في العالم، وهو الRTPCR والذي نجريه نحن ونعتمده رسمياً في إثبات وجود الفيروس وهو يعتمد على إثبات مباشر للفيروس في العيّنات التي تُؤخَذ من الأنف. لكن هنالك إختبارات أخرى سريعة تم تطويرها خلال أواخر شهر شباط/ فبراير وهي تدخل إلى سوق المستلزمات الطبية بصورة مكثّفة الآن، هي إمّا كذلك تثبت الفيروس مباشرةً عبر عيّنات من الأنف أو تثبت آثار الفيروس في الدم من خلال إثبات وجود مضادات للفيروس صنعها جهاز المناعة البشري ضد الفيروس.
كما شدد على أن تونس في مرحلة تجربته، دخلت كميات، بضعة آلاف نحن نجرّبها الآن في المراكز التي خصصناها الآن للCOVID19، أيضًا سنجربها خلال الثلاثة أيام، اليوم وغداً وبعد غد ميدانياً بطريقة علمية لندرس ما هي النتائج ثمّ نستعملها على نطاق أوسع بمئات الآلاف.
وتابع المكي قائلاً "نحن نعتمد طريقة الإستهداف، يعني كل المنظمات العلمية ذات المصداقية تقول أن الفحص يجب أن يكون بالإستهداف، ونحن نستهدف الأشخاص الذين أتوا من الخارج، من أماكن ظهر فيها المرض بقوة، ونستهدف محيط الأشخاص المحيطة والمخالطات للأشخاص الذين ثبت عندهم الفيروس.
أي محافظة هي الأخطر حالياً؟؟
وأشار عبداللطيف المكّي إلى أن بلاده تستعمل وسائل طبية لكن كذلك هناك وسائل رقمية في التعرّف على خريطة إنتشار المرض، وقد ابتكرت بالتعاون مع تكنولوجيا الإتّصالات في تونس تطبيق اسمه stop Corona وهي تعتمد على إستجواب المواطنين عن بعد عبر موقع إلكتروني وهم يُجيبون عن مجموعة من الأسئلة التي تحدد عندهم عناصر الإختطار للإصابة بالفيروس، وقد أعطتنا نتيجة متطابقة مع أبحاثنا الميدانية التي تعتمد التحليل، وهذا شيء مبشّر.
وتابع "وجدنا أن الانتشار الفيروسي كان في البداية على المدن الساحلية ذات النشاط الإقتصادي الكبير، وهذا مفهوم لأنّ هذا المرض يُستورَد أو وافد، هنالك إحدى المحافظات في تونس التي إلى اليوم لم يدخلها أي إصابة بالفيروس، وهذه معروفة من المناطق الأقلّ تنمية، وهنالك الكثير من المحافظات لا تزال الإصابات فيها بأعداد قليلة جداً، في حينّ أنّ المحافظات المعروفة بكثيرة السفر والذهاب والمجيء فيها مستوى وبائي مرتفع مقارنةً ببقية المحافظات.
وضع المؤسسات الصحية في تونس
وقال وزير الصحة "لدينا منظومة صحية عريقة جداً يفوق عمرها القرن، عندنا مؤسسات صحية بحثية مثل مؤسسة pasteur عمرها يقارب 130 سنة، وكبريات مستشفياتنا في تونس عزيزة عثمانة أو الرابطة أو شارل نيكول أو حتى مستشفيات في المناطق الداخلية كالكاف والباجة، أعمارها تجاوزت القرن. إلا أنّ السياسة الصحية عرفت إنتكاسة ليبرالية متوحّشة خلال فترة ما قبل الثورة قرابة ربع قرن تعرّض قطاع الصحة العمومي إلى تضييق وإلى خنق شرايين الحياة كالتمويل، كتطوير القوانين والأطر القانونية، كتطوير الموارد البشرية، إلا أنه رغم هذا لا يزال عندنا اقتدار بفضل منظومات التكوين، تكوين الممرضين وتكوين الأطباء، واستطاع الجهاز الصحي أن يردّ".
أما بالنسبة إلى مسألة أسرّة الإنعاش فلفت إلى وجود "نقص كبير ولكننا اعتمدنا على قدراتنا التنظيمية وهي أعطتنا عدد لا بأس به من أسرّة الإنعاش سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخاص الذي وُضع على ذمّة القطاع العام، قمنا باقتناءات مكثّفة لأجهزة التنفس، ولدينا إقتناءات أخرى ستأتي خلال شهرين، وبالتالي نحن نجعل من هذه المحنة فرصة".
وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي للمشهدية: لدينا ندرة في أطباء الإنعاش المتوافرين في #تونس وننظّم الجهد لتوفير الخدمات المطلوبة#المشهديّة @MekkiAbdellatif@MedawarLana pic.twitter.com/7TzjsYcRFP
— Al Mashhadiya (@mashhadiya) April 17, 2020
متى ستنتهي الأزمة؟
أجاب عبداللطيف المكّي قائلاً "هذا القرار يُتَّخَذ على مستويات ثلاثة، يتمّ أولاً تقدير الموقف من طرف وزارة الصحة واللجنة العلمية أساساً التي يرأسها أسبوعياً رئيس الحكومة، وهي تشتغل على مدار اليوم في وزارة الصحة، ثم تُرفَع تصويتها إلى اللجنة الوطنية لمجابهة الكورونا وهي مجلس وزاري معزز بكبار المسؤولين في مجموعة من القطاعات، وهذا المجلس نفسه يرفع رأيه واقتراحه لمجلس الأمن القومي الذي يتّخذ الإجراءات في ما يخصّ الإجراءات العامة للحجر الصحي العام ومنع التجوّل.
أعتقد أن الفيروس لا يزال في الإقليم وربّما تحدث هناك موجة إرتدادية وبالتالي فإن الحديث لا يكون على الحجر وعدم الحجر بل الحجر ثمّ الحجر بطريقة تكون أذكى وأكثر مرونة تسمح للإقتصاد أن يتحرك مع المحافظة على نفس المستوى من المناعة.
وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي للمشهدية: فترة الحجر قد تطول حتى شهر أيار- مايو أو أكثر وخاصة بالنسبة إلى الأماكن التي تشهد تجمعات#كورونا#المشهديّة@MekkiAbdellatif@MedawarLana pic.twitter.com/CJPv3RF3yk
— Al Mashhadiya (@mashhadiya) April 17, 2020
مساعدات من الصين
في سياق حديثه، لفت المكّي إلى أن هنالك مساعدة من رجل أعمال صيني أُرسلَت الى إفريقيا ووُزّعَت إنطلاقاً من أثيوبيا، وهنالك مساعدة أقلّ أهمية من الجانب الصيني، مضيفاً "نحن نتفهّم ذلك لأن الصين توجّه مساعدات الى دول كثيرة وهي في نفس الوقت محتاجة ولا تزال مهددة داخلياً، يعني نتفهم ذلك، المهم أن الحكومة الصينية وسفير الصين في تونس قاموا معنا بجهد للجلب من السوق الصينية على حساب ميزانية الدولة التونسية".
أما عن التعاون مع الاتحاد الأوروبي، فقال"ربّما المساعدات مع الإتّحاد الأوروبي تكون على الصعيد الاقتصادي العام لأنّ الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة لمقاومة الفيروس لها انعكاسات سلبية جداً على الاقتصاد، وربّما دور الإتّحاد الأوروبي سيكون في هذا المجال.
عبداللطيف المكّي شدد خلال المقابلة على "أننا سنحوّل أزمة الكورونا إلى فرصة للبلاد" .
وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي للمشهدية: نريد تحويل الأزمة إلى فرصة لإجراء ما يلزم من إصلاحات اقتصادية وتنموية للنهوض في #تونس#المشهديّة@MekkiAbdellatif@MedawarLana pic.twitter.com/NFs50umdlD
— Al Mashhadiya (@mashhadiya) April 17, 2020