تونس: جدل واتهامات بسبب تعيين مستشارين "نهضاويين" في حكومة الفخفاخ

التعيينات الجديدة لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ طرحت الكثير من التساؤلات، وخصوصاً في علاقتها بحركة النهضة، إضافة إلى التكلفة التي ستتحملها الدولة في ظل غرقها بالديون.

  • تونس: جدل واتهامات بسبب تعيين مستشارين "نهضاويين" في حكومة الفخفاخ
    رئيس الحكومة التونسيّة إلياس الفخفاخ خلال كلمة له في شباط/فبراير الماضي (أ.ف.ب)

أثار تعيين القياديين في حركة النهضة عماد الحمامي وأسامة بن سالم مستشارين لدى رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، جدلاً كبيراً وسيلاً من الانتقادات لدى الرأي العام التونسي، الذي اعتبر أنها "تعيينات في غير وقتها، وإهدار للمال العام، كما أنها تسميات تقوم على الولاءات والترضيات".

وقد تمّ تعيين القيادي في حركة النهضة عماد الحمامي مستشاراً لدى رئيس الحكومة إلياس الفخفاح برتبة وزير، فيما تمّ تعيين القيادي في حركة النهضة أسامة بن سالم في منصب مستشار لدى رئيس الحكومة برتبة كاتب دولة.

التعيينات الجديدة طرحت الكثير من التساؤلات، وخصوصاً في علاقتها بحركة النهضة. وفي هذا الإطار، اعتبر المحامي عماد بن حليمة أن تعيين الحمامي مستشاراً لدى رئيس الحكومة هدفه أن "يكون عيناً لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في القصبة"، فيما تساءل البعض: لماذا تتمّ التعيينات فقط من حركة النهضة، وخصوصاً أنه سبق أن تمّ تعيين الحبيب خضر مستشاراً لدى رئيس مجلس النواب!؟ متهمين حركة النهضة بـ"مواصلة إنجاز برامجها عبر فرض أعضائها في مراكز القرار العليا بالحكومة".

يذكر أن عماد الحمامي، المستشار الجديد، سيهتم بملفات الصحة في رئاسة الحكومة، وقد سبق أن تولى 3 حقائب وزارية (الصحة، ثمّ التشغيل والتكوين المهني، ثمّ الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة).

الحمامي كان شارك عدة مرات في المفاوضات باسم "حركة النهضة" مع إلياس الفخفاخ، قبل منح الثقة لحكومته، كما كان قاب قوسين أو أدنى من تولي حقيبة وزارة النقل.

ويتم تداول أخبار مفادها أن تعيين الحمامي مستشاراً لرئيس الحكومة "كان شرطاً من شروط النهضة لمنح الثقة لحكومة الفخفاخ". وكان الحمامي أيضاً تعرض للكثير من الانتقادات بسبب ضعف أدائه على رأس وزارة الصحة في حكومة يوسف الشاهد.

من جهة أخرى، تساءل الرافضون لهذه التعيينات عن "سبب تعيين عضو مجلس الشورى لحركة النهضة أسامة بن سالم، وهو صاحب قناة الزيتونة التي تنشط خارج القانون، وتحوم حولها شبهات بخصوص مصادر تمويلها، كما أنها مارقة على قوانين الدولة ومتحدية قرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري".

وكانت رجاء بن سلامة، مديرة دار الكتب الوطنيّة، نشرت الأحد 26 نيسان/أبريل 2020 تدوينة على صفحتها على "فايسبوك"، جاء فيها: "حركة النّهضة تبحث عن مواطن شغل رفيعة المستوى لقياديّيها. فيسمّي رئيسها مجلس ديوان يضمّ النّهضويّين المقرّبين الذين لم يسعفهم الحظّ لدخول البرلمان. يدخلهم البرلمان مع امتيازات ورتب ورواتب. ثمّ تفرض مؤخّراً على رئيس الحكومة تسمية قياديّين منها، منهما صاحب قناة تلفزيّة، مستشاران برتبة وزيرين. هاذان المستشاران ليسا طبيبين ولا خبيرين في الرّقمنة أو الاقتصاد ليساهما في إنقاذ البلاد في هذه الأزمة. بل فقط ينتميان إلى حركة النّهضة".

وتابعت بن سلامة: "أيّة رسالة لا أخلاقيّة تصل إلى التّونسيّين في هذه الأزمة؟ أيّة عمليّة ممنهجة لتحطيم معنويّات التّونسيّين الذين تبرّعوا بيوم عمل، والذين فقدوا شغلهم أو سيفقدونه؟ صحيح أنّ للنّهضة أغلبيّة -ضعيفة- في البرلمان، ولكنّ هذا لا يبرّر هذا"، مضيفةً أنّ "هناك فرضيّتان: إمّا أنّ هذه الحركة أصابها جنون الحكم بالعمى عن الواقع التونسيّ، فهي تسير في طريق الانتحار، وإمّا أنّها تريد بهذا الابتزاز إضعاف رئيس الحكومة، وإضعاف ثقة التّونسيّين فيه، مع ضرب عصفور آخر بحجر، هو غنيمة المنصبين"

الانتقادات طالت أيضاً رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، واعتبر البعض أن "سيل التعيينات سيكلف الدولة مزيداً من تبذير أموال دافعي الضرائب، وخصوصاً أنّه سبق أن تمّ تعيين جوهر بن مبارك مستشاراً سياسياً له".

وفي هذا الإطار، دعت القاضية كلثوم كنو رئيس الحكومة إلياس فخفاخ إلى "تسديد أجور المستشارين الجدد من حر ماله، وليس من الأموال العمومية".

أمّا البعض الآخر، فتساءل: "كيف يمكن لدولة على حافة الإفلاس، غارقة في الديون والمديونية، أن تسرف بلا حساب، وتغدق على المسؤولين رواتب وزراء ومستشارين، ثمّ تغلق أبواب الانتدابات من جهة أخرى؟!". 

اخترنا لك