هل يصمد اتفاق نتنياهو - غانتس طويلاً؟
بعد الخلافات التي حصلت بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، تم التوصل إلى اتفاق بينهما يقضي بتشكيل "حكومة طوارئ وطنية"، ولكن ماذا سيكون مصير هذا الإتفاق؟
-
هل تفجر ملفات نتنياهو في القضاء اتفاقه مع غانتس؟
لطالما شهد الداخل الإسرائيلي صراعات سياسية متعددة، إلا أن الصراع الذي شهدته الساحة السياسية العام الماضي وبداية هذا العام على تشكيل الحكومة شكّل سابقة ووصل إلى مراحل غير مسبوقة، خصوصاً أنه ترافق مع قضايا فساد إداري وحكومي لاحقت نتنياهو، الذي جهد للبقاء في رئاسة الحكومة في سبيل إعاقة التحقيقات القضائية.
هذا الصراع الذي رافقه انتشار فيروس كورونا واتسم بانسداد الأفق السياسي، أجبر نتنياهو وبيني غانتس على الرضوخ وتقديم التنازلات في سبيل تشكيل حكومة وعدم الذهاب إلى انتخابات رابعة، وخصوصاً في ظل خلاف داخل حكومة نتنياهو حول أحقية الإشراف على مكافحة الأزمة بين وزارة الصحة ووزاة الأمن.
الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الخصمين السابقين قضى بتشكيل حكومة "طوارئ وطنية" تضم 36 حقيبة وزارية لمدة 3 سنوات، تكون رئاستها بالتناوب بين نتنياهو وغانتس.
وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بضمان أحزاب الحريديم "شاس" و"يهدوت هتوارة" على إقامة مجلس وزاري مصغر لمواجهة تحديات كورونا برئاسة مشتركة لنتنياهو وغانتس، وبمشاركة الوزراء ذوي الصلة بالموضوع.
وبموجب ائتلاف حكومة الطوارئ ستتوزع المهام والعضوية بالتساوي بين الليكود وحزب "أزرق أبيض" في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وفي المجلس الوزاري المصغر للقضايا الاجتماعية والاقتصادية.
ماهية الاتفاق ومصيره
على الرغم من كل الخلافات التي حصلت، وبعضها ما يزال قائماً، بين أطراف حزب "كحول لفان" الذي يرأسه بيني غانتس، فإن المشترك هو الذي جمع بين غانتس ونتنياهو، متخطين لوائح الاتهام الموجهة ضد الأخير. هذا ما أكده الباحث والمحلل السياسي المختص في الشؤون الإسرائيلية أليف صباغ.
وخلال لقائه مع الميادين نت، قال صباغ إن هذه الاتهامات جعلت الغالبية العظمى من المحللين السياسيين يعتقدون أنها ستحول دون أن يكون نتنياهو رئيس حكومة بمشاركة "كحول لفان"، مشيراً إلى أن الفرصة كانت مهيأة لغانتس حتى يشكل حكومة أقلية، بدعم من القائمة المشتركة.
وقد أبدى موشيه يعلون ويائير لبيد وأفيغدور ليبرمان موافقتهم على ذلك، على الرغم من مواقفهم العنصرية ومعارضتهم السابقة لذلك، ولكن عضوي "كحول لفان" يوعاز هندل وتسفي عاوزر (كانا من مجموعة يعلون، وتحولا إلى مجموعة غانتس بعد الاتفاق) منعا تشكيل حكومة الأقلية.
وكان لهذين العضوين تأثير حاسم في تشكيل حكومة ما يسمى "الإجماع الصهيوني" برئاسة تبادلية، يبدأها نتنياهو، بحسب تعبير صباغ.
وقد اعترف يوعاز هندل لاحقاً بأن ضغوطاً هائلة مورست عليه وعلى زميله هاوزر لمنع تشكيل حكومة مدعومة من النواب العرب.
وفي هذا السياق، أشار صباغ إلى أن الدور الذي أداه الثنائي هندل وهاوزر ليس شكلياً ولا شخصياً، وإنما يعبر عن موقف إيديولوجي استراتيجي في "الحركة الصهيونية"، مضيفاً أن هندل أحد أهم مؤسسي قائمة "كاحول لفان"، وقد شغل حتى ما قبل الجولات الانتخابية الأخيرة، منصب رئيس "معهد الأبحاث للاستراتيجية الصهيونية".
وفي هذا المركز، تمت صياغة قانون القومية الذي يرى في "إسرائيل" دولة للشعب اليهودي فقط، ولا يسمح للنواب العرب في الكنيست "بالمشاركة في اتخاذ القرارت المصيرية"، كما أنه "لا يسمح بإقامة دولة أخرى بين النهر والبحر"، واعتبر صباغ أن هذه المبادئ جاءت في صلب الاتفاق الحكومي، وأنها تشكل لبّ "الإجماع الصهيوني"، قائلاً: "إن هذا الاتفاق يتضمن مكاسب عديدة لنتنياهو".
"ويعتقد غانتس أن مشاركته في حكومة برئاسة نتنياهو تعرقل مسيرة اليمين الفاشي للقضاء على أسس الديموقراطية في الدولة، من خلال السيطرة على وزارة القضاء وتركيبة المحكمة العليا، وبالتالي نهجها القضائي الذي منع سن قوانين تقوض الديموقراطية وحقوق الفرد خلال العقدين الأخيرين"، وفقاً لصباغ.
وتابع: "في كل الحالات، يتضمن الاتفاق عدداً كبيراً من الألغام التي يمكن أن تفجر هذا الائتلاف وتؤدي إلى العودة إلى جولة انتخابية رابعة خلال هذه السنة أو بداية السنة القادمة"، مؤكداً أن جولة انتخابية رابعة في ظل جائحة كورونا أمر لا يمكن حصوله.
احتمال ضم مناطق محتلة
بحسب صباغ فإن "كل الاحتمالات واردة لضم مناطق محتلة، حتى لو نص الاتفاق على أن ذلك مشروط بموافقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتفادي خطر انهيار اتفاق السلام مع الأردن، لأن غالبية المجتمع الإسرائيلي مؤيدة لضم المستوطنات، جميعها أو غالبيتها، إلى السيادة الإسرائيلية. هذا الأمر هو الذي جعل نتنياهو يحافظ على بلوك 59 عضواً، وقد يتزايد عددهم في انتخابات لاحقة".
هل تُفجر تُهم الفساد اتفاق نتنياهو - غانتس؟
-
نتنياهو يتخوف من قيام المحكمة العليا بمنعه من رئاسة الحكومة
وحول مصير نتنياهو، قال صباغ: "هذا ما سيتقرر في مراحل مختلفة من التداول القضائي، فالمحكمة العليا ستبحث في الأيام القريبة ثلاثة التماسات تطالب بمنعه من رئاسة الحكومة، باعتباره متهماً بثلاث لوائح اتهام خطيرة، ولكن القانون بمفهومه الجامد لا يمنعه من ذلك".
وفي مرحلة لاحقة، تبدأ يوم 24 أيار/مايو، تفتتح المحكمة المركزية مسلسل جلسات التداول في لوائح الاتهام الموجهة ضد نتنياهو.
هذا المسلسل قد يطول لسنوات، إذا ما سمحت المحكمة العليا له برئاسة الحكومة، على الرغم من لوائح الاتهام الموجهة إليه، وفقاً لصباغ.
يشار إلى أن قرار المحكمة العليا بعد أيام سيشكل سابقة قضائية ملزمة لأي مرشح قادم لرئاسة الحكومة، وقد يكون أول لغم في مسيرة هذه الحكومة.
وختم الباحث كلامه قائلاً: "إذا ما اتخذت المحكمة العليا قراراً يمنع نتنياهو من رئاسة الحكومة، أتوقع نزول اليمين الفاشي إلى الشارع، وهذا ما هدد به نتنياهو في السابق، كما شكل هذا التهديد رادعاً لغانتس لتشكيل حكومة أقلية مدعومة من النواب العرب".