"أنفاق غزة وأنفاق المقاطعة"... "إسرائيل" تخاف المعارضة
مقابل التطبيع الذي تسعى إليه "إسرائيل" لكسب الشرعية في محيطها الإقليمي والدولي، تنشط حركة المقاطعة العالمية والمنظمات غير الحكومية، لمحاصرتها وإدانة سياساتها الاستعمارية والتوسعية.
-
أنفاق غزة وأنفاق المقاطعة.. "إسرائيل" تخاف المعارضة
إن كانت السنوات الأخيرة قد شهدت طفرة في علاقات التطبيع العربي-الإسرائيلي، سواء على المستويات الدبلوماسية أو الاقتصادية بل وحتى الثقافية والدينية، فإنها شهدت كذلك تراكماً لجهود المنظمات غير الحكومية، الداعية لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، والكف عن التعاون السياسي والاقتصادي مع "إسرائيل"، وصولاً للمطالبة بنبذ التفاعل العلمي والأكاديمي والثقافي مع نخبها المثقفة.
فعلت هذه المنظمات خارج حدود العالم العربي وداخله على السواء، وشكلت مصدر قلق للسلطات الإسرائيلية، التي شرعت عام 2011 قانون المقاطعة، الذي يمنع الموطنين الإسرائيليين أو المنظمات الإسرائيلية، من العمل لأجل فرض المقاطعة على المؤسسات الإسرائيلية أو المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، لكنه قانون لا يسري إلا على المواطنين الإسرائيليين بطبيعة الحال.
لكن ذلك القانون كان ليظل ناقصاً، ما دامت دعوات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية تتخطى الحدود الإسرائيلية، وتلقى روجاً في قلاع إسرائيلية بعيدة كالولايات المتحدة وبريطانيا، لذا عملت "إسرائيل" على استخدام وسائل الضعط المختلفة، من أجل محاربة "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل" المعروفة باسم (BDS) وغيرها من حركات المقاطعة المناهضة للقضم الاستعماري الإسرائيلي.
ولتأكيد هذا المسعى، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 2 كانون الأول/ديسمبر، يهود العالم خلال احتفال للوكالة اليهودية، للمساهمة في محاربة حركة المقاطعة، قائلاً: "ساعدونا ضد حركة المقاطعة، وانزعوا الشرعية عمن يحاولون نزع الشرعية عنا". بل إن نتنياهو طلب من يهود العالم أن يكونوا جنوداً في محاربة حركات المقاطعة، من خلال تصريحه بأنه يريد أن يجندهم "من أجل الحقيقة، والتأثير لصالح إسرائيل في بلدانكم".
وبلغ الأمر بالمسؤولين الإسرائيليين لأن يصفوا حركة المقاطعة (BDS)، بأنها منظمة إرهابية، داعين إلى إحباط جهودها لتقويض "إسرائيل" من خلال "حفر أنفاق تشبه الأنفاق التي تحفرها حماس على حدود قطاع غزة"، وفق تعبير وزيرة القضاء الإسرائيلية آيليت شاكيد.
كذلك عملت "إسرائيل" على محاصرة حركة المقاطعة النشطة في دول عدة، إذ توجه وزير الأمن الداخلي والشؤون الاستراتيجية غلعاد أردان، في حزيران/يونيو، إلى 10 دول في العالم، وطلب منها إحباط نقل الأموال إلى منظمات المقاطعة الفلسطينية والأوروبية ضد إسرائيل"، ومن بين هذه الدول، إسبانيا، بلجيكا، الولايات المتحدة، فرنسا، البرازيل، الهند، ألمانيا، وبريطانيا.
وفي الوقت الذي استطاعت فيه حركة المقاطعة، أن تجتذب عدداً كبيراً من اليهود والعلماء والأكاديميين، كانت "إسرائيل" تحاول من خلال الدعاية السوداء والجهد الاستخباري والإجراءات القانونية، كتم صوت هذه الحركة الداعي إلى قيام دولة بحدود عام 1967، والالتزام بالقوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
وفي العام 2018، نشرت وزارة الداخلية الإسرائيلية، قائمة تضم أسماء المنظمات التي قررت حظر دخول أعضائها، وذلك بسبب مساندتها حملة المقاطعة العالمية، وعممت لائحة بأسماء 21 منظمة وجمعية في أوروبا والولايات المتحدة، تدعم المقاطعة.
وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في كانون الثاني/يناير 2018، عن تأسيس وزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام الإسرائيلية، وهي شركة إسرائيلية خاصة، تعمل بإشراف جنرالات إسرائيليين، من أجل "تنفيذ بعض أنشطة الوزارة المتعلقة بمكافحة ظاهرة نزع الشرعية ومقاطعة إسرائيل".
وفي ما يلي سنعرّف ببعض المنظمات العالمية أو المحلية، التي تعمل على التعريف بالحقوق الفلسطينية والتعديات الإسرائيلية، وتدعو لمقاطعة "إسرائيل" بمختلف الأشكال، في سبيل الإضاءة على مظهر من التضامن العالمي العابر للحدود الدينية والقومية وغيرها، مع القضية الفلسطينية وتحقيق العدالة في فلسطين:
جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية (ِAFPS): جمعية إنسانية تأسست في أيار/مايو 2001، تقوم بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية، وتعمل على فك الحصار عن قطاع غزة، كما تعمل في فرنسا على التوعية بضرورة مقاطعة المنتجات الآتية من المستوطنات الإسرائيلية.
منظمة أصدقاء الأقصى (FOA): منظمة غير ربحية، تأسست عام 1997، مقرها المملكة المتحدة، وهي معنية بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين وحماية الحرم القدسي، والضغط على الحكومة البريطانية من أجل دفع "إسرائيل" للالتزام بالقانون الدولي.
حملة التضامن الايرلندية الفلسطينية (IPSC): أطلقت حملة التضامن مع فلسطين في ايرلندا أواخر عام 2001، من قبل مجموعة من النشطاء الايرلنديين العاملين في مجال حقوق الإنسان والأكاديميين والصحفيين، وبالشراكة مع الفلسطينيين القاطنين في ايرلندا، لإعلاء صوت لفلسطين في ايرلندا.
حملة الحرب على الحاجة (War on Want):هي مؤسسة خيرية لمكافحة الفقر، مقرها لندن. تعمل على تحدي الأسباب الجذرية للفقر وعدم المساواة والظلم من خلال الشراكة مع الحركات الاجتماعية في عالم الجنوب. وتضغط الحملة من أجل وقف بريطانيا بيع الأسلحة لـ"إسرائيل"، ومقاطعة منتجاتها حتى تستجيب للقوانين الدولية.
مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين (AMP): هي منظمة أميركية تأسست عام 2006، تعنى بتثقيف الرأي العام الأميركي بالشؤون الفلسطينية؛ الثقافة الشعبية، التراث، القضية. وذلك من خلال مواد تعليمية، والتعاون مع المؤسسات الإعلامية المحلية.
الحملة الأميركية من أجل الحقوق الفلسطينية (USCPR): هي ائتلاف وطني يضم مئات المجموعات التي تعمل من أجل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين. تأسست عام 2001، ولعبت دوراً رائداً في دعم حقوق الفلسطينيين في الولايات المتحدة.