دعوات أممية لنزع سلاح المقاومة.. هل تكسر العلاقة مع الجيش اللبناني؟
العلاقة بين الجيش اللبناني والمقاومة علاقة مميزة بإقرار الطرفين، يجمعها هدف واحد هو الدفاع عن لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية، فهل تنجح الدعوات الأممية المستجدة في كسر هذه العلاقة؟
"الجيش والشعب والمقاومة"، ثلاث كلمات شكّلت تلك المعادلة التي نقلت لبنان إلى زمن آخر وهو زمن الإنتصارات، زمن بدأت ملامحه مع تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000، وصولاً إلى كسر المشروع الإرهابي في لبنان.
وفي "التحرير الثاني" (دحر داعش من جرود السلسلة الشرقية) رسخت هذه المعادلة التعاون المشترك القائم بين المقاومة والجيش، ولكن البعض في لبنان وخارجه يزعجه هذا التعاون، حتى وصل الأمر إلى دعوات للجيش اللبناني من الأمم المتحدة لنزع سلاح المقاومة.
أسئلة كثيرة تطرح، هل "تسليح الجيش ودعمه" من قبل واشنطن للبنان سيجعله مرتهناً، أم أن السيادة ستكون سيدة الموقف؟ وهل سيكترث لبنان لهذه الدعوات، أم أن "شركاء الوطن" لهم رأيٌ آخر؟.
"الجيش اللبناني لن يرضخ"
".. دعوات الأمم المتحدة، عادة توجه للحكومة اللبنانية، وتمرر عبر تقارير دورية عبر القرار 1559، وعام 2008، أدى قرار الحكومة آنذاك، إلى أحداث 7 أيار، يومها وقف الجيش على الحياد. أي تطبيق لهكذا طلب يعني حرباً أهلية، وفتنة قد تؤدي إلى تفكك المؤسسة العسكرية، لاعتبار النظام الطائفي في لبنان"، هذا ما أكده الباحث والمحلل السياسي خليل نصرالله.
وخلال لقائه مع الميادين نت، قال نصرالله إن "الجيش ليس بوارد تنفيذ أي من هذه الطلبات مهما بلغت الضغوطات"، مشيراً إلى أن المؤسسة العسكرية ضامنة للسلم الأهلي، وهي عقيدة لا تنفصل عن عقيدة المقاومة في مواجهة الأخطار، "إن لجهة الكيان الإسرائيلي أو الخطر التكفيري.. ومن الصعب أن يرضخ الجيش لهكذا طلبات"، على حد قوله.
وتابع "من الواضح أن العلاقة بين الجيش والمقاومة، علاقة متينة جداً، علاقة عمدت بالدم، حتى قبل العام 2000".
ويمكن للتدليل على عمق العلاقة بين الجيش والمقاومة، بحسب نصرالله، ذكر ما جرى عند الحدود في بلدة العديسة عام 2010، يومها كان موقف الأمي العام لحزب الله السيد حسن نصرالله واضحاً بالقول: "إن اليد الإسرائيلية التي ستمتد على الجيش اللبناني ستقطعها المقاومة"، هذه المعادلة سارية المفعول حتى الآن، كذلك التعاون الكبير في مواجهة الإرهاب التكفيري عند الحدود الشرقية.
"حزب الله يرى في الجيش عنصراً قوياً لحماية لبنان ولا يفصل بين ضباطه وجنوده، وبين المقاومين، في مواجهة العدو. والعلاقة متينة والتنسيق عالي المستوى ويشمل مختلف المجالات"، على حد قوله.
الجهات الداخلية "لا يعول عليها"
أما فيما يخص القوى الداخلية التي تدعو إلى نزع سلاح المقاومة، فبحسب نصرالله "لا يعول عليها"، وأضاف "حتى الأميركي يعرف أن لا قدرة لهؤلاء على فعل شيء، والتجربة أكدت عجزهم عن نزع السلاح".
وأضاف "ناهيك عن أن مطالبهم في هذا الصدد هي صدى للخطاب الأميركي، وهي توظف في المناكفات السياسية الداخلية، وعليه لا تأثير لها على الساحة اللبنانية".
وأشار الباحث والمحلل السياسي إلى أن الدعوات الأممية المتكررة، عبر التقارير الدورية للقرار 1559، تأتي في سياق الضغط السياسي المستمر على لبنان، خاصة في ظل الأزمة الإقتصادية، المستمرة منذ أعوام طويلة، قائلاً "صحيح أنها تشكل دعماً للقوى المناوءة للمقاومة، لكن نتائجها تضر كل لبنان.. التهديدات للبنان، لم تتوقف طوال عقود، لكنها لم تغير شيئاً، فقدرات المقاومة تعززت، وأدوات أميركا إلى مزيد من الضعف"، بحسب تعبيره.
القرار يتزامن مع جلسة تقييم للقرار 1559 حول لبنان
بدوره أشار العميد المتقاعد شارل أبي نادر إلى أنه لم يكن الطلب الأخير للأمم المتحدة حول نزع سلاح حزب الله بناءً على موقف محدد وبشكل مخصص كطلب أو كقرار مستقل، بل جاء ضمن آلية روتينية تتكرر كل فترة، وتتزامن مع جلسة تقييم للقرار 1559 حول لبنان، والقاضي من ضمن ما يقضي، بحسب أبي نادر إلى نزع أسلحة جميع المجموعات المسلحة وحصر السلاح بالجيش اللبناني.
وبحسب أبي نادر فإن "هناك أكثر من معادلة تنظم علاقة الجيش اللبناني مع المقاومة في لبنان، وهي أن كل البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية، تتضمن بنداً واضحاً يتعلق باعتراف السلطة اللبنانية الشرعية بعمل المقاومة في سبيل تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من العدو الإسرائيلي، وهذه المعادلة الرسمية الشرعية هي الأساس الذي ينظم عمل وتحرك المقاومة في لبنان، وليس أي منظومة أخرى".
لبنان سيدرس خيارات تسليح الجيش
ورأى العميد أبي نادر أنه حتى الآن، هناك حظر دولي وإقليمي على امتلاك الجيش اللبناني أسلحة نوعية وصواريخ دفاع جوي مناسبة لحماية أجوائه وسيادته، وهذا الحظر تقوده واشنطن لمصلحة "إسرائيل"، لافتاً إلى أنه ومع هذا الحظر، يحتاج لبنان وبقوةٍ لسلاح المقاومة الذي يُعتبر صمام الأمان عند كل عدوان، عبر التصدي له بالتنسيق المباشر مع الجيش اللبناني.
أما بخصوص موضوع تسليح الجيش اللبناني، ولماذا سيبقى قراره مرتهناً لأميركا في الوقت الذي أبدت فيه إيران استعدادها لتسليحه مراراً من دون أي شروط، ذكر العميد، أن هذا الموضوع قد يكون قيد البحث في أقرب وقت من قبل السلطات المختصة في لبنان، "فاليوم هناك سلطة سياسية متجانسة، لا وجود فيها لقوى كانت دائماً تتحفظ على موضوع تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة المناسبة، من أي مصدر كان، وهذا الموضوع لا يؤخره برأيي إلا الحالة الخاصة التي يعيشها لبنان والعالم حالياً في ظل انتشار فيروس كورونا".