تبون: مستعدون لإجراء حوار بين الفرقاء الليبيين.. ولطي الإشكال مع المغرب
رئيس الجمهورية الجزائري لا يستبعد الإفراج عن نشطاء في الحراك، ويشير إلى أن الاستفتاء على الدستور قد يجري خلال الخريف المقبل، ويتحدث عن العلاقة مع المغرب والأحداث الليبية.
-
تبون: الدستور الجديد سيضع القيود التي تمنع أي انزلاق إلى السلطة الشخصية
أبرز رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون، مساء أمس السبت، أنه "من الضروري أن يتم مجابهة إشكالية الذاكرة، وتلطيف مناخ العلاقات ما بين الجزائر وفرنسا".
وشدد تبون في مقابلة خاصّة مع قناة "فرنس24"، على ضرورة "مجابهة إشكالية الذاكرة التي تشوش علاقتنا من دون عدوانية، وفي كنف الاحترام ما بين البلدين"، مبرزاً أن ذلك "سيمسح بتلطيف مناخ العلاقات الثنائية، وجعلها أكثر هدوءاً ما بين البلدين اللذين تربطهما علاقات اقتصادية واجتماعية وجوار".
ورداً على سؤال حول مسألة المطالبة بالاعتذار من قبل فرنسا، على الجرائم المرتبكة إبان الحقبة الاستعمارية، أوضح رئيس الجمهورية الجزائري أنه "سبق وأن وصلتنا شبه اعتذارات، وكانت هناك تعليقات إيجابية تجاه هذا المطلب من قبل العديد من المسؤولين الفرنسيين"، معرباً عن تمنيه "بأن يتم تقديم الاعتذار".
وتناول تبون حدث استرجاع رفات رموز المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، بالقول إن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تفهم الطلب الجزائري وتلقاه بصدر رحب"، لافتاً إلى أن ماكرون "قد تحلى بالشجاعة وقال ما لم يجرؤ البعض على قوله".
وأضاف في هذا السياق أن "الرئيس ماكرون نزيه وواضح ونظيف تاريخياً، ولم يشارك بتاتاً في ما حدث في الماضي، ويود أن يخدم بلده ولكنه يود أيضاً أن تعود علاقتنا إلى مستواها الطبيعي"، مضيفاً أن الجزائر "دولة نافذة لديها كلمتها في المجتمع الدولي، لا سيما على الصعيد الإقليمي".
تبون: الإفراج عن معتقلين آخرين من نشطاء الحراك أمر ممكن
ولم يستبعد رئيس الجمهورية الجزائري إمكانية الإفراج عن أشخاص آخرين من الناشطين في الحراك، لا سيما في سياق خطوات إضافية لتعزيز المناخ الذي سيتم في ظله الانتقال الى التغييرات التي وعد بها، معلناً أن بصفته رئيساً للجمهورية "يمارس صلاحياته الدستورية بإصدار العفو كلما اقتضت الضرورة لذلك".
وأضاف: "نعم من الممكن إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص، لأنه في فترات معينة يتطلب أن يساهم جميع الجزائريات والجزائريين في المضي نحو مناخ هادئ، يمكننا من الانتقال الى التغيير"، مشيراً إلى "أنه من جملة ذلك، مشروع تعديل الدستور الذي كان مقرراً أن يتم خلال هذا الشهر، قبل أن تفرض علينا الطبيعة قيودها".
وتابع الرئيس الجزائري: "وبالرغم من كل هذا، فإن النقاشات حول مسودة الدستور تتواصل، كما أنها تتسارع في الآونة الأخيرة، ولدينا حوالي ألفي مقترح حول المحتوى تخص حذف أو تغيير أو توسيع وإضافات"، موضحاً أن اللجنة المكلّفة بالصياغة قد بدأت في توسيع اجتماعاتها للاستماع إلى المزيد من الآراء.
كما أن "مشروع تعديل الدستور سيقدم نموذجاً جزائرياً أصيلاً مبنياً على النظام شبه الرئاسي" وفق تعبير تبون، معتبراً أنه يعبّر عن "ثقافتنا لأننا نعتبر أن التقليد الأعمى ليس له أي نفع".
وأوضح أن "الدستور الجديد سيعزز من صلاحيات الهيئة التشريعية، وسيمكّن نواب البرلمان من تقديم مقترحات قوانين، وإنشاء لجان رقابة حول أي موضوع وبخصوص أي قطاع وزاري".
وأشار تبون إلى أن الدستور "سيضع القيود التي تمنع أي انزلاق إلى السلطة الشخصية"، معلناً أنه "إذا خفت حدة الوباء وانخفض عدد الحالات المصابة بكورونا، فإن الاستفتاء حول الدستور سيكون مع الدخول الاجتماعي المقبل ما بين أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر المقبلين".
تبون: لم أدعم بتاتاً ترشح الرئيس السابق لعهدة خامسة
وعن سؤال تطرق إلى المحاكمات التي تطال شخصيات سياسية بارزة بتهم الفساد، والتي تحدثت عن تنفيذ أوامر للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قال تبون إن "العدالة قد فصلت وبتت في الأمر، لكنها قادرة على استدعاء أي شخص كان إن رأت ذلك"، موضحاً أن القضايا المطروحة أمام العدالة "ليست سياسية"، وإنما المسألة "تخص سوء استغلال للسلطة من قبل مسؤولين سابقين".
ونفى بالمناسبة ادعاء دعمه لترشح الرئيس الأسبق لعهدة رئاسية خامسة، قائلاً إنه لم يدعم "بتاتاً ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، حيث أنها قضية ظهرت في 2018، وكنت آنذاك في منزلي ولم يكن حتى ليطلب رأيي حول ذلك وقتها".
ومن جانب أخر، استبعد تبون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، مبيناً أن "الجزائر ليست في خطر"، مؤكداً أنها "تزخر باحتياطات للصرف والتي حتى وإن لم تكن هائلة، وإنما تمكنها من ضمان الإنفاق لسنة أو سنتين بدون مشاكل".
وذكر الرئيس الجزائري أن الفلاحة في البلاد باتت تختلف عما كانت عليه في السابق، حيث "تم إنتاج ما قيمته 25 مليار دولار من المنتجات الفلاحية في 2019، الأمر الذي جاء في الوقت المناسب، حيث تزامن ذلك وتهاوي أسعار النفط".
تبون: الجزائر مستعدة لاحتضان أي مسعى للحوار في ليبيا
وأكد رئيس الجمهورية استعداد الجزائر، لاحتضان أي مسعى للحوار في ليبيا، شريطة أن يكون بطلب من الليبيين، مؤكداً تمسك الجزائر بتعهدها الذي عبرت عنه في اجتماع برلين، بعدم التشويش على أي مبادرة تخدم الليبيين.
وأعرب تبون عن أمله في إيجاد حل سريع لهذا الإشكال، وأن يحدث توافق ما بين جميع الأطراف في ليبيا، يتوج بتنظيم انتخابات، وتعبّر عن كل التوازنات، مبرزاً "تقارب الرؤى الجزائرية حول هذه المسألة، مع بعض الفاعلين الدوليين على غرار فرنسا وايطاليا".
وقال الرئيس الجزائري "نحن لم نفقد الأمل في إيجاد حل في ليبيا، ونواصل بشكل دوري في اتصالاتنا مع كل الأطراف، التي نقف بنفس المسافة إزاءها، ولن نقف أبداً مع طرف على حساب طرف أخر".
تبون: نرحب بأي مبادرة لطي أي إشكال مع الأشقاء المغاربة
وحول العلاقات مع المغرب، قال تبون إن الجزائر "ليس لها أي إشكال أو مشكل مع هذا البلد الجار"، مضيفاً أن ما تم ملاحظته هو أن "هذا البلد هو من لديه مشكل مع الجزائر، لا سيما مع التصعيد اللفظي، الذي نتمنى أن يتوقف، وكذا من خلال تحليل الشأن الداخلي الجزائري وفق أحكام مسبقة".
وحول معلومات مفادها إنجاز من قبل الجزائر لقاعدة عسكرية، كرد فعل على المغرب، الذي يتطلع لتشييد قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود التي تربط البلدين، أوضح الرئيس الجزائري أنه "لا يمكنه تأكيد أو نفي هذه الأخبار"، موضحاً أن "الحكمة كانت دائماً لها الكلمة العليا بين البلدين".
وأعرب رئيس الجزائر عن تمنيه للمغرب "كل التنمية والازدهار، وليس لدينا أي مشكل لا مع المغرب ولا مع دولته ولا مع الملك المغربي"، مبدياً ترحيبه بأي مبادرة تمكن من غلق وطي هذا الإشكال.
وكان رئيس الجمهورية الجزائري قد أعلن في مستهل الحوار، أن كل القرارات المتخذة بخصوص الحد من تفشي وباء كورونا، تبنى على أساس توصيات اللجنة العلمية، مشيراً إلى احتمال تشديد إجراءات الحجر الصحي "إن لزم الأمر ذلك".
ولم يستبعد تبون تشديد إجراءات الحجر الصحي، في حالة ما إذا أوصت به اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تطور وباء كورونا، باعتبارها، كما قال "الوحيدة التي تملك كافة الصلاحيات لإقرار التوصيات المتعلقة بمجابهة وباء كورونا العالمي".
وبعد أن أشار إلى أنه بالرغم من ارتفاع عدد الإصابات، إلا أن الزيادات تظل "في حدود المقبول"، أوضح تبون أن أغلب هذه الإصابات مصدرها "الأعراس والتجمعات العائلية في الأماكن المغلقة".