في ذكرى تأسيس الجيشين السوري واللبناني.. هل يفرض الواقع تنسيقاً استراتيجياً مشتركاً؟
احتفل لبنان وسوريا بعيد الجيش الوطني في كلا البلدين، وأعادت هذه المناسبة تسليط الضوء على الدور الذي يؤديه الجيشان اللبناني والسوري في حماية البلاد.
-
على جبهات القتال كان حزب الله شريكاً قوياً وفاعلاً إلى جانب الجيشين السوري واللبناني
لا تقاس أعمار الجيوش بالسنوات ولا بعدد الأفراد بل يسجّل التاريخ في حكاياته سير انتصارات وإنجازات.
وفي ذكرى تأسيس الجيشين السوري واللبناني، تستوقفنا محطات من التضحية والنضال، ولا سيما أن الأخطار واحدة والعدو إثنان: الاحتلال والإهارب.
مخاطباً جيشه، قال الرئيس بشار الأسد إنه برهن عن ثبات وإقدام وشجاعة في خضم التحديات وغمار المعارك، مؤكداً أن مسيرة البطولة والتضحية والفداء مستمرة لتحرير كامل الوطن من جرائم الإرهاب ودنس الاحتلال.
دحر الجماعات الإرهابية في سوريا أسهم به الجيش السوري إلى جانب حلفاء وأصدقاء، وهذا الدور كان موضع إشادة من الرئيس الأسد الذي أكد في المناسبة نفسها أي الذكرى الـ75 لتأسيس الجيش السوري، أن جنوده جابهوا عربدات قوى الشر والإرهاب الذين استمروا بالغدر والعدوان، مضيفاً أن رجال الجيش كانوا مع الشعب الأبي في مختلف مراحل الحرب الإرهابية العدوانية أسياداً وأحراراً وأباة.
ودعا الأسد الجيش إلى "مواصلة مسيرتهم المظفرة.. مسيرة الرجولة والبطولة والتضحية والفداء التي تستكمل من خلالها تحرير كامل تراب الوطن من شراذم الإرهاب ودنس الاحتلال".
هو الموقف نفسه للرئيس اللبناني ميشال عون، بأن الجيش سيبقى العين الساهرة على سيادة لبنان في وجه الأطماع الإسرائيلية ومنع تسلل الإرهاب إليه مجدداً، وأن لا تهاون في الدفاع عن السيادة والأرض والمياه والأنفس.
"لا تهاون في الدفاع عن أرضنا ومياهنا، نحن ملزمون بالدفاع عن أنفسنا"، موقف واضح للرئيس اللبناني العماد ميشال عون في الذكرى الـ75 لتأسيس الجيش اللبناني.
وكلام الرئيس اللبناني عن ضرورة عودة النازحين السوريين، يعززه استعادة الدولة السورية لمعظم المناطق التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابية.
"يخوض لبنان اليوم حرباً من نوع آخر، ولعلها أشرس من الحروب العسكرية لأنها تنال من كل لبناني بلقمة عيشه"، جملة لخص بها الرئيس عون ما يعيشه اللبنانيون، متحدثاً عن أن العدو الأول للبنان هو الفساد المستشري في المؤسسات وفي الكثير من النفوس، مشيراً إلى أن الخطوات نحو استئصاله تسير ولو ببطء.
عون أكد أن من يتلاعب بلقمة عيش المواطنين ليراكم الأرباح، ومن أسهم ويسهم بضرب العملة الوطنية ليكدس الأموال، هو عدو للبنان، كما أن كل من يطلق الشائعات لنشر اليأس وروح الاستسلام ومن يجوب دول العالم محرضا ضد وطنه وأهله وناسه ومحاولا حجب أي مساعدة عنهم، هو بمثابة العدو أيضاً.
هؤلاء أنفسهم هم من يعملون دائماً على منع عودة العلاقات مع سوريا إلى طبيعتها، ويمنعون عودة التعاون الثنائي الذي يصب في مصلحة البلدين ويدافعون عن قانون "قيصر".
على جبهات القتال كان حزب الله شريكاً قوياً وفاعلاً إلى جانب الجيش السوري في مواجهة الإرهاب والتصدي للاحتلال والعدوان وفي الصمود والانتصار، كما كانت المقاومة اللبنانية في جبهة واحدة مع الجيش اللبناني في تحرير الأرض من الإرهابيين ودحر الاحتلال الإسرائيلي وتثبيت معادلة توازن الرعب.
في انتصارات الجيشين السوري واللبناني، كان لحزب الله من ذلك نصيب، بل دور بالغ الأهمية في مواجهة الإرهاب من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.
جنباً إلى جنب، قاتل مع الجيش السوري ضد التنظيمات الإرهابية، مسهماً بشكل كبير في تلك المعارك، بدءاً بالقصير وصولاً إلى تحرير حلب ولاحقاً سراقب في إدلب.
تطول القائمة، مروراً بتحرير البوكمال ودير الزور، ولا تنتهي بالعديد من المدن والبلدات والقرى في أرياف حلب وإدلب وحماه، فالإرهاب عدو مشترك عابر للحدود.
عدو آخر، هو "إسرائيل" ظل متربصاً بسوريا، يتحين فرصة انشغالها بالحرب على الإرهاب، لشن إعتداءاته بغرض إرباك الجيش السوري، وتحجيم انتصاراته.
في المواجهة تبرز المقاومة اللبنانية، ليس فقط لوجودها في سوريا، وإنما لامتلاكها خبرات متراكمة في ردع "إسرائيل"، وظفتها في التصدي لتلك الاعتداءات المتكررة.
معادلة الردع التي تشمل الساحة السورية، تجعل "إسرائيل" في حرج الاعتداء خشية استشهاد عناصر من حزب الله، ما يحد من الغارات الجوية على خلاف ما كانت عليه.
تلك صورة أخرى لما كرسته المقاومة في لبنان على حدوده مع فلسطين المحتلة، بوقوفها إلى جانب الجيش جبهة واحدة ضد "إسرائيل".
معركة قرية العديسة الحدودية في عام 2010، وقبلها بأربع سنوات حرب تموز، مثالان على ذاك التلاحم بين المقاومة والجيش في لبنان.
في الجرود اللبنانية كان حزب الله والجيش على موعد مع التحرير الثاني عام 2017، يخوضان جنباً إلى جنب حرباً ضد الإرهابيين.
الشرعية هي ما يخوض في كنفه الحزب معارك التصدي للتهديدات والأخطار المحدقة، فالجيشان السوري واللبناني يمثلان دولتيهما لا طرفاً آخر.
كذلك هي المقاومة اللبنانية، سلاحها يذود عن لبنان، وتكتسي بذلك صبغة وطنية خالصة. أما وفاء الحزب لتحالفاته فلا يخرج عن نطاق خدمة مصالح لبنان.