خلافات أميركية-أوروبية تطفو على السطح.. هل التباين بشأن إيران فقط؟
التباينات بين أميركا والاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق النووي الإيراني لاتزال تطفو على الملفات الإقليمية والدولية.. هل هناك خارطة طريق أوروبية –إيرانية لوضع حدّ لتخريب ما تبقّى من الاتفاق النوويّ ؟ وهل الخلافات حول إيران فقط؟
-
هل الخلاف الأميركي الأوروبي أعمق وأبعد من التباين بشأن الملف النووي الإيراني؟
خلافات بين أوروبا والولايات المتحدة تطفو على السطح.. فهل خلفيّتها التباين بشأن إيران، وملفّها النوويّ فقط، أم هناك ما هو أبعد وأعمق؟ فبين طهران وواشنطن خلاف على كلّ شيء.. القيادة الإيرانية تتحدّى ولا تتراجع. فما تأثيرات هذا الوضع على ملفّات اقليميّة وسياسات دوليّة؟
ومن جهة ثانية، هناك تحدّ صينيّ، وصلابة روسيّة، وثبات إيرانيّ في مواجهة العقوبات الأميركية.. فهل تصبح أوروبا طرفاً دولياً للتوازن، أم تبقى عاجزة أمام تسلّط واشنطن؟
الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع شعار مصلحة بلاده علناً في كل سياساته الخارجيّة في التبادل التجاريّ مع الصين، وفي الاتفاقيّات مع الحلفاء في أوروبا وفي صراع النفوذ مع روسيا.
وحدّد ترامب إرادة واشنطن في مختلف الملفّات وهدّد من لا يخضع بعظائم الأمور، حتى أصبحت أغلب دول العالم أمام خيارين إما الانصياع أو العقوبات.
وهناك خارطة طريق أوروبية –إيرانية لوضع حدّ لتخريب ما تبقّى من الاتفاق النوويّ، من قبل واشنطن، حيث تعوّل الدول الأوروبية على رحيل ترامب لإعادة الأمور إلى نصابها.
الولايات المتحدة لا تستطيع الشروع في عملية إعادة فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران لأنها لم تعد طرفاً في خطة العمل الشاملة المشتركة، هذا ما أكّدته الأمينة العامة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبيّ هيلغا ماريا، التي أشارت إلى أن المشاركين في اجتماع مجلس الأمن الدوليّ في نيويورك شدّدوا على أنه لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة دولة طرفاً في الاتفاق النوويّ، وبالتالي لا يمكنها الشروع في إعادة فرض عقوبات أمميّة على طهران.
تصريح يظهر الخلاف الذي بدأ يظهر ما بين السياستين الأوروبية، والأميركية، وهو خلاف كان واضحاً أيضا في تصريح المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي على الرغم من التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على بلادها، أكّدت رغبة الحكومة الألمانية في مواصلة بناء خطّ أنابيب الغاز "نورد ستريم2".
ميركل اعتبرت أن هذه العقوبات الأميركية التي تتجاوز أراضي الولايات المتحدة "غير قانونيّة".
وبعد الأجواء الإيجابيّة لزيارة المدير العامّ للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران، جاءت نتائج اجتماع فيينا للأطراف الموقّعين على الاتفاق بالغة الاهميّة. فالإصرار الاوروبيّ الروسيّ الصينيّ على عدم قانونيّة أيّ عقوبات أميركيّة على إيران بعد خروج واشنطن من الاتفاق النوويّ يعتبر انتكاسة جديدة للسياسات الأميركية.
وفي العلاقات الأميركية الإيرانية مسلّمات، أولاً فشل ضغوط ترامب.. ثانياً ثبات طهران وصمودها ورفض الخضوع.. وثالثاً لا عودة إلى التفاوض إلا بعد تراجع واشنطن عن الأخطاء.. فهل يتمّ ذلك في عهد رئيس أميركيّ جديد .. بعد الانتخابات؟
شريعتمدار للميادين: العنجهية الأميركية تجاوزت كل الحدود وتستهدف المصالح الأوروبية
وفي قراءة لما يجري، قال الخبير في الشؤون الإيرانية والإقليمية الدكتور محمد مهدي شريعتمدار، في حديث للميادين، إن ما حققته إيران في الموضوع النووي ناتج عن صمودها في مواجهة العنجهية الأميركية في التعامل معها.
وأشار شريعتمدار إلى أن الإدارة الأميركية "تراجعت أمام إرادة محور المقاومة في المنطقة، رغم تحقيقها بعض المكاسب إلا أنها تراجعت أمام إرادة محور المقاومة في المنطقة".
ورأى شريعتمدار أن "الدول الأوروبية لديها مخاوف وتسعى لإنقاذ القرار الدولي بقوانينه وتشريعاته".
وإذ أكد أن إيران تمكنت بصبرها وحلمها وصمودها أن تواجه هذه الإرادة الأميركية، لفت شريعتمدار إلى أن "أقصى العقوبات التي فرضتها واشنطن لم تنجح بإخضاع طهران"، معتبراً أن "بيان الموقعين على الاتفاق النووي يشكل انتصاراً دبلوماسياً لإيران".
كما لفت إلى أن إيران تعوّل على التغيير في المجتمع الدولي الذي يقف بوجه العنجهية الأميركية، مؤكداً أن "العالم يتجه نحو تعددية الأقطاب".
شريعتمدار رأى أن العنجهية الأميركية تجاوزت كل الحدود وأصبحت تستهدف المصالح الأوروبية، مشيراً إلى أنه على الإدارة الأميركية المقبلة "تغيير سياستها تجاه إيران بعد أن ثبت فشلها".
ريمون للميادين: نظام الأحادية القطبية لم يعد موجوداً في العالم
بدوره، أشار الخبير في الشؤون الأوروبية في فرنسا بيار لوي ريمون، في حديث للميادين، إلى أنه تبين للاتحاد الأوروبي أن إيران تعمل على برنامج نووي سلمي، وهي صادقة في تنفيذ هذا البرنامج.
وقال ريمون إن نظام الأحادية القطبية لم يعد موجوداً، وتحول العالم لنظام متعدد الأقطاب، مضيفاً أن ما هو مؤكد أن الدوافع الأوروبية بدأت تفتح نافذة جديدة مغلقة أما الإدارة الأميركية الراهنة.
واعتبر أن الرهان الأوربي قائم على قدوم إدارة أميركية جديدة، وحالياً تدق الساعة الأوروبية والساعة الإيرانية، لسحب البساط من الإدارة الأميركية الحالية والقادمة، أكانت ديمقراطية أو جمهورية.
وأضاف أن "لدى الاتحاد الأوروبي خطة حالياً للالتفاف على قرار الإدارة الأميركية للانسحاب من هذا الاتفاق، والمضي قدماً، حيث أثبتت الإدارة الأميركية الحالية أنها غير جديرة بالمحافظة على استقرار الموقف الأميركي من الاتفاق النووي، مقابل التمسك الأوروبي عبر خطة من شأنها أن تحدث سابقة واختراقاً في الدبلوماسية الدولية".
كما رأى ريمون أنه "يوجد هامش مناورة مفتوح أمام الدول الأوروبية لتفرض نفسها في السياسة الدولية، مشيراً إلى أن "فرض واشنطن عقوبات على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران لن يمنع التعاون التجاري معها".
بويلان للميادين: الولايات المتحدة تنظر إلى الشرق الاوسط من باب النفط
من جهته، رأى دان بويلان، محرّر شؤون الأمن القوميّ في صحيفة "واشنطن تايمز" الأميركية، أن البعض يعتقد أن تصرفات أميركا في المنطقة غير معهودة، مشيراً إلى أن "هناك نهجين أميركيين في التعاطي مع إيران وهما النهج الأميركي والنهج الترامبي، الذي دعمه الكثيرون منذ سنوات".
وقال بويلان للميادين إن "الاتفاق النووي تمخض من الجهود التي اتخذتها إدراة الرئيس السابق بارك أوباما، حيث ساد عندها اعتقاد أن الجمع بين قوى مختلفة والتفاوض مع طهران من شأنه أن يخفض من طوح غيران النووي وتحسين العلاقات معها".
وتابع: "اعتبر ترامب أن الاتفاق النووي هو من أسوأ الاتفاقات في تاريخ الولايات المتحدة، وخرج منه، وينفذ سياساته بالاستعانة مع حلفائه وهو دائماً يصور إيران على أنها سيئة مثل أوباما:.
وأشار بويلان إلى أن "هناك الكثير من الأميركيين لا يفهمون كيف يلحق اغتيال قائد قوة القدس الفريق قاسم سليماني الضرر بأميركا".
وقال بويلان "لطالما نظرت الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط من باب النفط"، لافتاً إلى أن "جون كيري بذل جهداً دبلوماسياً كبيراً لإنجاز الاتفاق النووي".