هل تدفع المعارضة البحرينية ثمن مواقفها الرافضة للتطبيع؟

يصر الشعب البحريني على رفض اتفاق التطبيع وعلى المواجهة ومواصلة النضال رغم كل إجراءات القمع، لماذا يرفض المساومة رغم تغييب قضيته عن الإعلام وكأنها منسية؟ تماماً مثلما يفعل الشعب اليمني.

  • البحرينيون رغم مظلوميتهم وتغييب قضيتهم عن الإعلام لم يترددوا في النزول إلى الشارع للوقوف بوجه اتفاقات التطبيع
    البحرينيون رغم مظلوميتهم وتغييب قضيتهم عن الإعلام لم يترددوا في النزول إلى الشارع للوقوف بوجه اتفاقات التطبيع

تقام الاحتفالات السياسية فرحاً بالتطبيع من واشنطن إلى أبو ظبي والمنامة وتل أبيب، في مشاهد اعتبرها الفلسطينيون كطعن الخناجر في الظهر، فيتحرك لهم دعماً شعب البحرين، وهم أصحاب القضية المنسية والشعب المظلوم والمغيبة  قضيته عن الإعلام.

هو شعب مقموع ومقهور لأنه طالب بحريته، ومع ذلك هو حر في سيادة قراره وثباته على وقوفه مع الحق في فلسطين. شعب البحرين كان يمكنهم القبول بالتطبيع وفي ذلك فوائد لا تحصى لكنهم رفضوا.

عشرات الشهداء وآلاف المعتقلين، اعتقدت السلطة أنها تستطيع من خلالهم إطفاء شرارة الغضب، فكان جواب الشعب، أن الوطن الذي قدم عشرات الشهداء لن يتوقف عن مسيرة العزة والكرامة حتى لو قدم أضعاف أضعافهم.

بهذا الإصرار والتصميم، يتعامل الشعب البحريني مع قضاياه المحقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، القضية الاساس بالنسبة إليه.

لم يتردد البحرينيون رغم مظلوميتهم وتغييب قضيتهم عن الإعلام، في النزول إلى الشارع للوقوف بوجه اتفاقات التطبيع، أداروا ظهورهم لعدسات الكاميرا خشية اعتقالهم، فيما كانت قلوبهم تهتف مع المقاومة ضد التطبيع وصفقة القرن.

هي ثوابت لا مجال للمساومة عليها، رغم إدراك المعارضة البحرينية بكل أطيافها أن موافقتها على خطوة التطبيع هذه كانت كافية لتخرج قادتها من السجون والمعتقلات، وتوصلها إلى الحكومة والبرلمان.

فلو وقعّت المعارضة الإسلامية والوطنية في البحرين على التطبيع، لأصبحت الأفضل بنظر تل أبيب وواشنطن، ولخرج قادتها من السجن، وتم إشراكها في الحكم، لكنهم ما عرفوا الاستسلام وخرجوا بتظاهرات رافضة وغاضبة وحاشدة، وفي تحركهم رسالة للجماهير والشعوب العربية كأنها تدعوهم للخروج.

معاناة تتخطى حدود البحرين وتذكرنا ما يحصل في اليمن، فهناك أيضاً على الرغم من الحصار والمجازر والدمار، عبّر اليمنيون عن وقوفهم إلى جانب فلسطين وشعبها.

يقول عضو المجلس الوطني الفلسطيني، صلاح صلاح، إنه "علينا أن نراهن على حالة البحرين لتشكيل نموذج يقتدى به في العالم العربي".

وأضاف للميادين، أنه :يجري حالياً تشكيل محور التطبيع ليكون في مقابل المحور القائم..محور المقاومة"، لافتاً إلى وجود " مخطط أميركي للهيمنة على المنطقة العربية من خلال الحرب على العراق وغيرها لكنه فشل".

وأشار صلاح إلى أنه "في مصر والأردن رغم اتفاقات السلام لم ينجح التطبيع مع الشعب"، منوّهاً إلى أن "الأنظمة التي قامت بالتطبيع عمدت إلى خداع شعبها بأنها تدعم القضية الفلسطينية".

كما أكد أن "للقوى اليسارية دور فاعل مع القوى الدينية في تحريك الشارع البحريني".

من جهته، قال الإعلامي أكثم سليمان للميادين، إن "الحراك في البحرين يتم دراسته من المخطط الغربي لاتفاقات التطبيع"، موضحاً أن "الشعب البحريني في تحركه أكد أن قضايا الظلم لا يمكن فصلها عن بعضها".

 

المعركة باتت على كي الوعي.. وانطلقت في عمقها ثقافياً وإعلامياً

قبل 3 أعوام قالها نتنياهو، "الرأي العام العربي أكبر عقبات إسرائيل".

لم يعد الإسرائيلي بحاجة لأن يخاطب العرب، الآن لديه لسان عربي يتحدث عنه، لسان يصوب على الذاكرة والتاريخ والهوية، والحقوق والحقائق، بالقص واللصق والتهيئة النفسية لتبديل موقع العدو والصديق في التداول اليومي، وتشويه النصر لتجميل الهزيمة.

هجمة  إعلامية منسقة ومدروسة ومتصاعدة الوتيرة تشنّـها وسائل الإعلام الخليجية والإسرائيلية، على الوجدان والذاكرة والتاريخ والثوابت العربية والإسلامية.

لم تكن الوليمة الرمضانية الدرامية التي قدمتها المسلسلات الخليجية قبل أشهر، إلا المقبلات الأولى لوجبات كاملة الدسم والسم، تقحم حالياً حد الاتخام في الأفواه والبطون والعقول.

هنا عند الكلمة الأخيرة تدور المعركة، فلم يعد كافياً احتلال الأرض، لا بد إذاً من احتلال العقل تغييباً وغسلاً وخرقاً، قلباً للمفاهيم، في محاولة لترسيخ الوجود الإسرائيلي في وعي الأجيال الجديدة كحقيقة قائمة، وتقديمه كنموذج رائد وقائد.

يقول مدير المركز الدولي للإعلام والدراسات، رفيق نصرالله، إن "على محور المقاومة النظر إلى "الميديا" على أنها جزء من مقدرات المواجهة".

وأضاف للميادين، أنه "تم الربط ما بين رغيف الخبز والحياة بكرامة والسلام مع إسرائيل"، مشيراً إلى أن "معيار استعادة الوعي والوجدان وتعميمه في الشارع العربي هو عودة الانتفاضة الفلسطينية".

وأوضح نصر الله، أنه "لم يكن ثمن التطبيع إقامة الدولة الفلسطينية أو إطلاق الأسرى بل كان مجاناً"، وقال "تربينا في وجداننا على معاني القضية الفلسطينية كمقياس لكل شيء".

وأشار إلى أن "عمليات التطبيع تحدت الوجدان العربي وعند أي حدث قد يتفجر هذا الوجدان"، منوّهاً إلى أنه :بعد كامب دايفيد ولدت المقاومة في المنطقة".

الرفض والاحتجاج، ربما هو رسالة من البحرين واليمن إلى كل الشعوب العربية وقواها السياسية، للتحرك والاحتجاج وعدم نسيان قضاياهم، فهل من يسمع؟

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.