تحريض عنيف ضد إيران وحزب الله.. أيّ مصير للمنطقة يخطط ملك السعودية؟

تتقاطع رغبة الملك السعودي مع الرغبة الإسرائيلية بضرب إيران من قبل واشنطن، فيما يسعى سلمان بن عبد العزيز، على خط مواز، تحريض أنصاره في لبنان على حزب الله.. ما الذي يخطط له الملك السعودي في المنطقة؟

  • الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز
    الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز

إلى حد القطيعة المطلقة والتحريض المباشر، ارتقى كلام الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد إيران، متهماً إياها بـ"السعي لامتلاك أسلحة دمار شامل ودعم الإرهاب"، كما دعا صراحة إلى مواجهة طهران.

تتقاطع رغبة الملك السعودي مع الرغبة الإسرائيلية بضرب إيران من قبل واشنطن، وتعلم الرياض أن الأروقة الإسرائيلية والأميركية تضج بالمخاوف من إمكانية خسارة ترامب للانتخابات الأميركية، وأنه في حال شعوره بذلك قد يلجأ إلى شن حرب على إيران لخلط الأوراق خارجياً وداخلياً. والسعودية و"إسرائيل" هما اليوم أكثر من أي وقت مضى يسعيان لأن توجه واشنطن ضربة عسكرية ضد طهران.

تريد الرياض أن يمضي قطار تطبيع دول خليجية مقربة منها مع "إسرائيل" بأقل الخسائر الممكنة، ما يفتح الباب للتكهن إذا ما كانت هذه المواقف جاءت محض صدفة أم مخطط لها، وتهدف لصرف نظر العالم عما يخفيه التطبيع في طياته من جرائم.

اتهامات الملك سلمان تكرس قطيعة كاملة مع طهران، وتعكس غضباً سعودياً من فشلها في الملف اليمني.

الدبلوماسية الإيرانية ردت بعبارات حملت في طياتها تلميحاً وصفت خلاله ما صدر عن الملك سلمان بـ"الهذيان"، وذهبت للقول وبصراحة بأن استقواء الرياض بواشنطن لن ينفعها، وسيحولها إلى "كائن وضيع" في المنطقة وبين الدول العربية، مذكرة المملكة بدورها في نشر التطرف ودعم الإرهاب. 

تحريض سعودي ورد إيراني يضع علاقاتهما أمام تصعيد لم يسبق أن شهدته منذ عقود، ويذكر بما وصلت إليه علاقات البلدين في ثمانينيات القرن الماضي.

السعودية تُحمّل حزب الله "أوزار كل شيء"

لم يكتف الملك سلمان بهجومه الحاد على إيران، بل رفع عالياً سقف الخصومة لحزب الله في لبنان، فكلامُ الملك سلمان يحمل في طياته سياسةً عدائية، في منتهى الوضوح. 

اتهام الحزب بشأن انفجار المرفأ مسبق الصنع، سارعت إليه وسائل إعلام المملكة قبل انجلاء دخان الانفجار ذاته، وذاك أقرب مثلاً بالقول: لا دخان إعلامي بلا نار سياسية متؤججة. 

من نافلة القول إن السعودية بما تُلقيه من شبهات، وما تدفع به في أكبر محفل دولي أممي، تُجاري واشنطن وحليفتها "إسرائيل" المعنية أكثر بنزع سلاح المقاومة. 

في الشأن اللبناني الداخلي، يأتي التهجم على مكون أساسي ضرباً للسلم الاجتماعي، ولا سيما من حيث التوقيت الذي فيه يعكف اللبنانيون على تسوية خلافاتهم.

في العرف السياسي ذاك تدخل لطرف خارجي، يحاول ثني اللبنانيين عن التوصل إلى حكومة جامعة، تحظى بالقبول والدعم اللازمين، إن لاقى الخطاب السعودي المفرق آذاناً مصغية.  

في كلام الملك سلمان ما يدفع باتجاه مزيد من الصراعات في لبنان، فهل ذاك فعلاً ما تريده السعودية؟ وهل ذاك هو البديل لمواجهة مع الحزب وإيران تريدها، لكنها تخشاها؟

الجدير ذكراً وتذكيراً أن السيادة والحياد، كلاهما كانا شعاراً يُرفع في لبنان، رفضاً لأي تدخل خارجي أو اصطفاف إقليمي، فهل تُراه بات نسياً منسياً محظور رفعه الآن؟ 

الخطر في تدخل السعوديين كامن في مقصده، ألا يكون مع الحزب أي مدخل لتوافق سياسي لبناني، بعد الإمعان في شيطنته وتحميله أوزار كل شيء.

عطوان للميادين: خطاب الملك السعودي تحريض لجماعته في لبنان للتحرك ضد حزب الله

رئيس تحرير جريدة "رأي اليوم" الإلكترونية عبد الباري عطوان علّق بالقول إن "تهديدات الملك السعودي في الأمم المتحدة لإيران وحزب الله خطيرة وهي تكرار للتصريحات الأميركية".

وأضاف في حديث إلى الميادين أن "الولايات المتحدة تحشد السفن والفرقاطات العسكرية في منطقة الخليج، وهناك من يقول إنها تمهد للحرب"، لافتاً إلى أن "ترامب وحلفاؤه في المنطقة يبحثون عن ذريعة للتحرش بإيران وإشعال فتيل الحرب معها، وترامب يخطط لمغامرة ضد إيران، والملك السعودي أراد القول في خطابه إن المملكة جاهزة للانخراط بها".

وقال عطوان إن "القيادة الإيرانية قررت قطع كل الخطوات الديبلوماسية مع السعودية، لأنها تستشعر بأنها جزء من الحرب عليها".

كما أكد أن "الهدف الأساسي من اتفاق التطبيع هو وصول "إسرائيل" إلى الساحل الغربي من الخليج".

ولفت إلى أن "الملك السعودي أراد القول إنه ضد المبادرة الفرنسية والتواصل مع حزب الله"، مشدداً على أن "محور المقاومة يجسد رعباً لـ"إسرائيل" وحلفائها من الدول العربية".

واعتبر عطوان أن "خطاب الملك السعودي هو إشارة تحريض لجماعته في لبنان للاستعداد للتحرك ضد حزب الله".

بزي للميادين: دول الخليج تنقذ ترامب ونتنياهو من أزماتهما الداخلية

من جهته، قال الباحث السياسي وسيم بزي إن "عملية نقل العرش من الأب إلى الإبن في السعودية لم تتم بسلاسة حتى الآن، والسعودية ترمي قنابل دخانية لحرف الأنظار عن ما هو أكثر من التطبيع وهو التحالف مع تل أبيب".

وأضاف أن "ترامب ونتنياهو يعانيان من أزمات داخلية ودول الخليج تتحرك لانقاذهما".

كما أكد أن "خطاب الملك السعودي يريد أن ينسف أي مبادرات لحل الأزمة في لبنان، والسعودية بعهد الملك سلمان تعيش عقدة حزب الله بسبب موقعه المؤثر في المنطقة في مواجهة الاحتلال والارهاب".

وأشار إلى أن "خروج طهران عن سياق الأدبيات المتعارف عليها في الرد نابع من استشعارها لخطورة ما يدفع الملك سلمان نحوه".

بزي أكد في كلامه أن "لبنان دخل في متاهة داخلية، ولن يستطيع تجاوز وقع ما يجري في الإقليم"، كاشفاً عن أن "رسائل مباشرة وصلت من السعودية إلى الحريري لعدم إعطاء وزارة المالية لحزب الله وحركة أمل".

وقال إن "الرسائل السعودية لسعد الحريري تعني أن الرياض لا تريد حل أزمة تشكيل الحكومة".