البرلمان التونسي يناقش مشروع قانون "زجر الاعتداءات" على القوات المسلحة
البرلمان التونسي يعقد جلسة عامة وسط غضب فعاليات المجتمع المدني التي نددت في أكثر من مناسبة بهذا المشروع وتعتبره مخالفاً للدستور وضد الحريات ويؤسس لدولة البوليس.
-
البرلمان التونسي يناقش مروع قانون "زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح"
عقد البرلمان التونسي جلسة عامة لمناقشة أربع مشاريع قوانين من بينها مشروع قانون "زجر الإعتداء" على القوات المسلّحة، وهو مشروع قانون محل خلافة بين مختلف الكتل البرلمانية.
وتأتي هذه الجلسة العامة وسط غضب فعاليات المجتمع المدني التي نددت في أكثر من مناسبة بهذا المشروع وتعتبره مخالفاً للدستور وضد الحريات ويؤسس لدولة البوليس.
ورافقت انعقاد الجلسة العامة موجة من الاحتجاجات واستنكار، إذ نفّذ عدد من الشبان وممثلي منظمات المجتمع المدني الرافض لمشروع القانون، وقفة احتجاجيّة أمام المبنى الفرعي مطالبين بعدم المصادقة على مشروع القانون باعتباره يضرب الحقوق والحريات عرض الحائط.
وكان عدد من المنظّمات التونسية والدولية وجهت رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد يدعونه فيها إلى ممارسة صلاحيات لفرض احترام الدستور وحماية الحريات، وذلك في علاقة بعدد من مشاريع القوانين والمبادرات التشعيرية التي ينظر فيها البرلمان، معتبرين أنّها تمثّل ضربا للمسار الديمقراطي ''عبر فسح المجال لسيطرة بعض الكتل البرلمانية على عدد من المؤسسات الضامنة للحياة السياسية والدستورية على غرار المحكمة الدستورية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، إضافة إلى تهديد الحقوق والحريات الدستورية مثل حرية التعبير والإعلام عبر زجر انتقاد مؤسسات الدولة وأعوانها أو إسناد صلاحيات واسعة للسلطات الأمنية بمناسبة إعلان حالة الطوارئ".
وصدرت الرسالة عن كلّ من النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و"مراسلون بلا حدود" ومنظمة العفو الدولية فرع تونس.
وفي بيان صدر يوم الإثنين الماضي طالبت 20 منظمة وجمعية غير حكومية تونسية البرلمان التونسي بعدم المصادقة على مشروع القانون الذي تقدمت به كتلة الدستوري الحر برئاسة عبير موسي.
واعتبرت هذه المنظمات أن عرض مشروع القانون ليس له أي معنى باعتبار أن القوات الحاملة للسلاح هي المحمول عليها حماية حياة التونسيين وممتلكاتهم كما أن المجلة الجزائية التونسية وقوانين خاصة أخرى حافلة بالنصوص التي تحمي الموظفين العموميين بمن فيه موظفي الأمن والجيش والديوانة وتنص على عقوبات جزرية.
وتعتقد المنظمات الموقعة على البيان أن طرح المشروع في هذا الظرف بالذات يؤشر إلى عودة الاستبداد وعقلية الدولة البوليسية وسيفاقم من آفة الإفلات من العقاب التي يعاني منها التونسيون تجاه الممارسات الأمنية الخارجة عن القانون.
وأضافت المنظمات أن مشروع القانون المقترح يتضمن عقوبات قاسية لجرائم غير واضحة المعالم مثل " المساس بكرامة القوات الحاملة للسلاح " كما أن المشروع يجرم الحق في التظاهر والتجمع السلمي وحرية التعبير ويعاقب بقسوة بعض التجاوزات البسيطة التي يمكن أن يقدم عليها شباب محتجون وليس لهم أي دوافع إرهابية أو إجرامية.
كما أكّّدت أن المشروع يناقض نص الدستور بخصوص مبادئ الأمن الجمهوري والحق في الحياة وذلك بتنصيب على استعمال القوة المميتة في أوضاع ملتبس وتعطي القوات الحاملة للسلاح سلطة تقديرية مع إعفاءها من المسؤولية والمحاسبة.
وجددت المنظمات الموقعة تأكيدها على خطورة هذا المشروع على المسار الديمقراطي وعلى ما تحقق من مكاسب جزئية في مجال الحقوق والحريات ودعت للتعبئة العامة ضد مشروع القانون من قبل المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية وكل ذوي مصلحة.
كما دعت الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية إلى عدم المصادقة على مشروع القانون المعروض وطالبت السلطة التنفيذية بالكف عن تقديم مشاريع القوانين المنتهية لحقوق الإنسان خاصة في ظل غياب المحكمة الدستورية.
يذكر أنه منذ تقديم النسخة الأولى للمشروع المذكور سنة 2015 واجه رفضاً منقطع النظير من قبل مكونات المجتمع المدني ولاقى احترازاً حتى من بعض النقابات الأمنية.
وقد عاد الجدل بخصوص هذا المشروع بعد مصادقة لجنة التشريع العام بالبرلمان عليه في شهر حزيران الماضي علماً أنها ادخلت جملة من التعديلات على فصولها.