محتوى شبكات التواصل موضع جدل في أميركا.. حرية أم رقابة أكبر؟

قانون حماية الشبكات يثير جدلاً في الولايات المتحدة، بعد اتهامات للمنصات الكبرى بعدم تحمّل المسؤولية تجاه المحتوى الذي تتيحه، الأمر الذي لا يوافق عليه رؤساء هذه المنصات.

  • محتوى شبكات الانترنت موضع جدل في مجلس الشيوخ الأميركي.. حرية أم رقابة أكبر؟
    تتواجد مجموعة من أهم شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا

يتفق رؤساء "فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر" على نقطة واحدة على الأقل، هي أن قانون حماية الشبكات الذي يريد عدد كبير من المسؤولين إصلاحه، لا يحمي المنصات وحدها، بل كذلك المستخدمين بمن فيهم القادة السياسيين والمنظمات التي تقبل بكثافة على استخدامها.

ودافع هؤلاء عشية جلسة الاستماع إليهم في مجلس الشيوخ الأميركي اليوم الأربعاء، عن الفصل 230 من "قانون آداب الاتصالات"، الذي يمنع الملاحقات القضائية المرتبطة بالمضمون المنشور من جانب أشخاص آخرين. ويُعتبر هذا القانون حجر زاوية في حرية التعبير على الانترنت.

لكن أعضاء مجلس الشيوخ الذين استدعوا رؤساء "فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر"، يعتبرونه أداة للمنصات الإلكترونية تمكنها من عدم تحمل مسؤولياتها.

ويشير رئيس موقع "فيسبوك" مارك زاكربرغ، في كلمة يُفترض أن يلقيها أمام لجنة التجارة في مجلس الشيوخ، إلى أن الفصل 230 من القانون "يشجّع على التعبير" و"يسمح للمنصات بجعل المحتوى أكثر اعتدالاً".

ويوضح أن من دون هذا القانون، ستُخضع المنصات محتوى أكبر إلى الرقابة، كي لا تجازف في تحميلها مسؤوليته، وستتعرض لملاحقات قضائية لحذفها منشورات تحرّض على الكراهية والعنف.

أما رئيس موقع "تويتر" جاك دورسي فيقول في مداخلته: "لا أعتقد أن أحداً في هذه القاعة أو الشعب الأميركي يريد حرية تعبير أقل أو مضايقة أكثر على الانترنت".

وتندرج هذه الحجة الرئيسية في سياق متوتر، قبل بضعة أيام من الانتخابات الرئاسية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، إذ إن الشبكات تتعرض لانتقادات على نطاق واسع، لا سيما من جانب "اليسار"، للتغاضي عن الكثير من المضامين العنصرية أو العنيفة أو المهينة.

من جانب "اليمين"، فيتّهم الكثير من المحافظين الأميركيين المنصات بمحاباة المعسكر "الديموقراطي" من دون تقديم دليل ملموس.

وتحرّكت الحكومة الأميركية، في حزيران/يونيو، ومسؤولون منتخبون لترجمة غضب الرئيس دونالد ترامب، حيال شركات "سيليكون فالي" التكنولوجية عبر تعديل "الفصل 230".

واقترح السيناتور الجمهوري روجر ويكر، الذي يرأس لجنة التجارة، قانوناً يقوّض الحماية التي تتمتع بها المنصات، ويرغمها على توخي "المنطق والموضوعية" في قراراتها عندما تحذف بعض المحتويات.

وقال خبير المنصات الإلكترونية في جامعة "بيركيلي" هاني فريد: "عند أدنى تغريدة يتم تصنيفها على أنها خاطئة، يبكي ترامب مثل طفل"، مضيفاً أن "الأصوات المحافظة تهيمن على الشبكات!".

وتابع محذراً من ما يريدون، لأن "بدون الفصل 230، كل هؤلاء... العنصريون والذين لديهم رهاب المثليين والأجانب والمسلمين، سيتمّ طردهم من المنصات".

لكن يأخذ فريد على شبكات التواصل الاجتماعي "إهمالها" الذي أدى، بحسب قوله، إلى "أعمال عنف في العالم، من المجازر في بورما وصولاً إلى التدخلات في الانتخابات الأميركية وأماكن أخرى عام 2016".

ويوضح أن "على يوتيوب (غوغل)، 70% من الفيديوهات التي تتم مشاهدتها يوصى بها. وبالتالي فإن هذه المنصات تصنف وتختار وليست فقط مواقع مستضيفة، بما أنها تقرر من خلال الخوارزميات الخاصة بها، المحتويات التي تشاهدونها".

ويؤمّن "الفصل 230" وضع المستضيف الذي تتمتع به الشبكات، على عكس وسائل الإعلام، التي تُعتبر جهات تحرير تقرر ما تنشر.

وأكد "تويتر" و"فيسبوك" أنهما مؤيدان "لمزيد من الشفافية"، في عملية جعل المحتوى "أكثر اعتدالاً".

وأشار زاكربرغ مرات عدة إلى أنه يؤيد وضع ضوابط للمحتوى، كما ويدعم تحديث الفصل 230 "لضمان" أنه ينصّ على ما كان متوقعاً.

إلا أن جاك دورسي لا يذهب إلى هذا الحدّ، ويعرب عن قلقه من أن يعزز الإصلاح الاحتكارات الموجودة أصلاً. ويحذّر من أن "في بعض الظروف، يمكن أن تتسبب قواعد صارمة بتعزيز (قوة) الشركات التي تملك حصصاً كبيرة من السوق، وموارد لتطبيق القواعد الجديدة على نطاق واسع"، مشيراً إلى أن "تويتر" لديه وسائل محدودة مقارنة مع منافسيه.

وتصبح هذه الحجة ملموسة، بينما تُتّهم شركات "غوغل" و"فيسبوك" و"آبل" و"أمازون" باستغلال موقعها المهيمن.

وهذا أيضاً المنطق الذي يتحدث به الكثير من الناشطين، لأن الفصل 230 يحمي أيضاً المنتديات والمدوّنات من التداعيات، في حال كان هناك سلوك مستهجن من جانب مستخدمين.

اخترنا لك