ساحات محور المقاومة في ذروة التنسيق... كيف تجري الترتيبات؟

طهران ترفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى 20% في رسالة واضحة ترفع التحدي، الخطوة وصلت ارتداداتها فوراً إلى تل أبيب إذ وصفتها بالخطوة الأكبر، ونتنياهو عاد إلى لغة التهديد، فهل يجرؤ على التنفيذ؟

  • واشنطن تتراجع عن سحب حاملة طائراتها من الخليج، وطهران تعلن أنها ترصد كل حركة أميركية في المنطقة
    واشنطن تتراجع عن سحب حاملة طائراتها من الخليج، وطهران تعلن أنها ترصد كل حركة أميركية في المنطقة

في ذكرى الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، يبدو التواصل بين ساحات محور المقاومة ومواقف قادته سمة المرحلة، فمن بيروت إلى غزة، ومن صنعاء إلى بغداد، إشارات بارزة  في التماهي والانسجام حول الرؤى والأهداف وسياسات التنسيق، فكيف تجري هذه الترتيبات المتصلة ربما بإعلان طهران أن كل التحركات الأميركية في المنطقة ترصد بدقة، وتحذيرها واشنطن وحلفاءها من أي خطوات مشبوهة بعد تراجع البنتاغون عن سحب حاملة الطائرات من الخليج.

ماذا يعني كل ذلك وأي مؤشرات لمناورات التصعيد؟

ما قبل اغتيال قاسم سليماني غير ما بعده. ربما هذا ما أرادت طهران أن تقوله في خطوتها التي تأتي في إطار تحرر إيران التدريجي من قيود الاتفاق النووي، رداً على خروج الولايات المتحدة منه.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، فؤاد إيزدي، أوضح للميادين، أن "إيران عادت برفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى الوضع الذي كان قائماً قبل التوصل إلى الاتفاق النووي".

وأضاف أنه "من غير الممكن لإيران التقيد في الاتفاق النووي بطريقة أحادية"، منوّهاً إلى أن "الإعلان الإيراني برفع مستوى تخصيب اليورانيوم لم يأتِ صدفة وهو يتماشى مع القانون الذي أقره البرلمان".

إيزدي أكد أن "الجيش الإيراني قويّ وصلب، وأي هجوم على إيران سيكون مكلفاً لواشنطن"، معتبراً أن "هناك فرصة أمام إدارة بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي وعدم المضي بنهج ترامب".

وقال إنه "لا يمكن لإيران أن تتفاوض على الصواريخ البالستية لأنها ستحتاجها في مواجهة التهديدات والاعتداءات الأميركية"، مشدداً على أن "عبقرية الشهيد سليماني في قوة القدس مكنته من تأسيس شبكات من الحلفاء المؤمنين بفكرة المقاومة".

وفي هذا السياق، يمكن أن تندرج خطوة إيران في خانة الرد على ما أعلنه مستشار جو  بايدن للأمن القومي جيك سوليفان في الساعات الأخيرة عن ضرورة التفاوض على برنامج إيران الصاروخي قبل الاتفاق النووي.

الخطوة الإيرانية تأتي في وقت يتواصل فيه التحشيد الأميركي العسكري في الخليج جراء القلق من رد إيراني انتقامي.

أكد الدبلوماسي السابق مايكل سبرينغمان للميادين، أن "إرسال غواصة نووية أميركية إلى الخليج بالقرب من إيران هو أمر خطير ومستفز".

وأشار إلى أن "إيران هي البلد الوحيد الواقف على قدميه في المنطقة، وتل أبيب تريد من واشنطن توجيه ضربة لها"، منوهاً إلى أن "هناك عدم استقرار في المنطقة نتيجة للأفعال الأميركية وسعي واشنطن لتعزيز سطوة تل أبيب".

أما الأكثر سرعة في التعبير عن القلق فكانت" إسرائيل"، حيث اتهم بنيامين نتنياهو إيران "بمواصلة تنفيذ ما سماها مساعيها في تطوير برنامج نووي عسكري"، مشدداً على أن "إسرائيل لن تسمح لإيران بإنتاج سلاح نووي".

في حين أن الإعلام الإسرائيلي عدّها "الخطوة الأهم التي اتخذتها طهران منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015 والخطوة الكبيرة للأمام نحو القنبلة النووية".

أما الاتحاد الأوروبي فعد خطوة إيران بمثابة "الخروج الكبير" عن التزاماتها وله تداعيات خطرة على الحد من انتشار الأسلحة النووية"، وهو الاتحاد نفسه الذي خذل إيران في الدفاع عن الاتفاق النووي عندما انسحبت واشنطن منه.

رئيس معهد "اميل توما" للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، عصام مخول، قال للميادين إن تل أبيب وإدارة ترامب تحاولان خلق واقع جديد أمام إدارة بايدن، مشيراً إلى أن طهران اتخذت خطوة ذكية في التوقيت.

ولفت مخول إلى أن "حسابات الجنون السياسي فقط هي التي قد تدفع ترامب إلى اتخاذ خطوات عسكرية ضد إيران"، منوهاً إلى أن "تل أبيب وصلت إلى قناعة أنها بتدمير سوريا وعزل إيران ستتفرغ إلى ضرب المقاومة اللبنانية".

في سياق متصل، تتكاتف الجهود داخل محور المقاومة على أكثر من صعيد، وأقل ما يمكن ذكره تنسيق أصبح واضحاً، وقد يرتقي إلى التكامل في إطار المواجهة الشاملة في حال التعرض لاعتداء، بعدما فرض المحور معادلة الرد المدروس والاستراتيجي.

لافت أن يكتفي السيد حسن نصر الله، بساعة على غير عادته، ليطل بعده إسماعيل هنية لإلقاء كلمة، قد يفهم من ذلك أن التنسيق في ذروته.

ظهر الأمر جلياً في لبنان قبل أشهر، بهذا اللقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحماس. 

واليوم يأخذ بعداً آخر، هو تنسيق أكبر وأشمل، بين مكونات محور المقاومة، ويبدو أنه دخل مرحلة متقدمة، من تضافر الجهود.

ويزداد المحور تماسكاً وصلابة، وفي ذلك تؤكد المقاومات مترامية الأطراف، على أن لإيران دور كبير في تجميعها، والغاية بلوغ المحور وحدته، الذي بات يمسك بزمام الأمور، ويرد على صعد متعددة، وفي ذلك يختار المكان والزمان الأنسبين.

عامٌ مرّ على إغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، تغييرات كبيرة حصلت، ومعطيات تبدلت.. في الميادين نتذكر حادثة الاغتيال على أنها "جدارة الحياة وشهادة العلا".

اخترنا لك