معادلة المقاومة في ردع تل ابيب لا تتعارض مع تصريحات زاده التي تمّ تحريفها

تحريف تصريح قائد القوات الجويّة في حرس الثورة الإيراني، علي حاجي زاده، يحدث جدلاً ويعيد الاصطفافات اللبنانية إلى ما قبل العام 2016، حين تم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

  • دعمت اميركا منظماتٍ غير حكوميةٍ، هدفها تنظيم احتجاجاتٍ ضد المقاومة في لبنان (أرشيف)
    دعمت اميركا منظماتٍ غير حكوميةٍ، هدفها تنظيم احتجاجاتٍ ضد المقاومة في لبنان (أرشيف)

خلال إحياء ذكرى استشهاد الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، انبرى بعض السياسيين اللبنانيين لانتقاد مواقف طهران، ودعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى اتخاذ موقفٍ من كلام المسؤول الإيراني.

بيد أنّ كل ذلك كان مبنيّاً على تحريف كلام زاده، وإبدال عبارة "مواجهة إسرائيل" بـ"الدفاع عن إيران". 

طبعاً لم يكن التحريف بريئاً، بل اندرج ضمن حلقةٍ من سلسلةٍ طويلةٍ من التحريف والتزوير بهدف تشويه صورة المقاومة.

ملياراتٌ تدفع للتشويش على محور المقاومة 

بعد العام 2005، اعترف السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان، أنّ واشنطن أنفقت مئات ملايين الدولارات لتشويه صورة المقاومة. وقبل أشهرٍ قليلة، أعاد السفير ديفيد هيل التأكيد على أنّ بلاده، دفعت مليارات الدولارات لمنظمات المجتمع المدني وغيرها للاستمرار في الحملة الأميركية عينها لـ"شيطنة المقاومة".

فقد شكّلت الساحة اللبنانية منذ تشرين الأول/ أوكتوبر في العام 2019، تربةً خصبة لتدخلات أميركا ودعمها لمنظماتٍ غير حكوميةٍ، هدفها تنظيم احتجاجاتٍ ضد الطبقة السياسية. غير أنّ الهدف الأساسي كان ضمّ المقاومة إلى تلك الطبقة وبالتالي استهدافها. و

لم يكن مستغرباً أن يردّد بعض أنصار حزب القوات اللبنانية عباراتٍ ضد المقاومة، تتماهى مع خصومها الخارجيين، ومن ثم الاستظلال بالحراك الشعبي للمطالبة بسحب سلاح المقاومة، من بوابة تنفيذ القرار الدولي 1559 الصادر مطلع أيلول/ سبتمبر من العام 2004، والذي يهدف إلى قطع الطريق على تمديد ولاية الرئيس اللبناني السابق العماد إميل لحود

لم تفلح المحاولات الأميركية، فلجأت واشنطن إلى ما يُسمّى العقوبات، وأدرجت حليفين للمقاومة على لائحة العقوبات، وهما الوزيران علي حسن خليل ويوسف فينيانوس. اختارت وزارة الخزانة الأميركية توقيتاً سياسياً لافتاً، ضَرَبَ كلّ الإيجابيات التي رافقت تكليف السفير مصطفى أديب بتأليف الحكومة، بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب. 

وبعد اعتذار أديب وتكليف الحريري، عادت واشنطن إلى نغمة العقوبات، وأدرجت رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل على لائحة عقوباتها. لقد اختارت الإدارة الأميركية مرحلة تأليف سعد الحريري حكومته الثالثة في عهد عون، بهدف تعطيل عملية التأليف مجدداً، ووضعت شروطاً على مشاركة القوى السياسية، من خلال إعلانها الفيتو على مشاركة حزب الله في الحكومة. 

في موازاة ذلك، انطلق حلفاء واشنطن في موجةٍ متجدّدةٍ من الهجوم على المقاومة واختاروا لحظةً شديدة التعقيد في المنطقة، بالتوازي مع خسارة دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية الأميركية، والحذر الذي يلفّ المنطقة خشيةً من أيّ مغامرة أميركية إسرائيلية، وذلك قبل استلام جو بايدن سدّة الرئاسة في 20 كانون الثاني/ يناير الحالي.

والأخطر من ذلك كله، كانت مطالبة أفرقاء سياسيين من قوى 14 آذار (السابقة) بنشر قواتٍ دوليةٍ على الحدود بين لبنان وسوريا، وهو مطلبٌ سبق وروّجت له واشنطن و14 آذار خلال عدوان تموز/ يوليو2006. 

لبنان في طليعة دول المواجهة

إذا كان التحرير في العام 2000، قد كرّس هزيمة جيش الاحتلال الإسرائيلي واندحاره تحت ضربات المقاومة، فإن الانتصار الاستراتيجي للعام 2006، أرسى معادلات التوازن والردع. وبعد العام 2019، فرضت المقاومة معادلةً جديدة بعد الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في 25 آب/ أغسطس من العام 2019، إثر سقوط طائرتين مسيّرتين إسرائيليتين على الضاحية الجنوبية لبيروت.

تجلّى ردّ المقاومة بعد أقل من أسبوع، باستهداف آليةٍ عسكريةٍ إسرائيلية داخل مستعمرة أفيفيم. هذه المعادلة لا تزال مستمرةً، حيث أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال "حوار العام" على قناة "الميادين" أنّ الردّ على استهداف المقاومة واستشهاد أحد عناصرها قرب دمشق في تموز/ يوليو الفائت، لن يمرّ من دون ردع. لقد فرضت تلك المعادلة نفسها على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، حيث الغياب اللافت لجنود جيش الاحتلال، وامتناعهم عن تسيير الدوريات الراجلة والمؤللة على خشية ردّ المقاومة. 

كلّ ما تقدّم يؤكّد أنّ توازن الردع مستمرٌ، ويُضاف إليه امتلاك المقاومة للصواريخ الدقيقة، وهي بيت القصيد، سواءٌ بالنسبة للخارج وتحديداً لحلفاء تل ابيب، أو بالنسبة لبعض الأطراف السياسية الداخلية اللبنانية.

ومن هنا، يستمر الحصار على لبنان منذ عام، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في تاريخ البلاد، مع محاولاتٍ غربيّةٍ حثيثةٍ لتحميل المقاومة المسؤولية عن تدهور الأحوال في لبنان، وبالتالي تأليب الجمهور عليها. 

على ضوء هذه المعطيات، يعي الحزب تماماً خطورة تدهور الأوضاع الاقتصادية، لذا أعدّ خطةً من 3 مراحل لمواجهة الحصار، وسيبدأ بتطبيقها بعد ترشيد الدعم الحكومي للمواد الأساسية، لا سيما أنّ مصرف لبنان المركزي قد أعلن عن نفاذ الاحتياطي غير الإلزامي، وأنّه لم يعد قادراً على الاستمرار في خطة الدّعم التي استهلكت 7 مليارات دولار من أموال الخزينة. 

في المحصّلة، أعادت المقاومة تصويب ما التبس على بعض الحلفاء، لا سيما شريكها في تفاهم 6 شباط/ فبراير العام 2006، أي التيار الوطني الحرّ الذي أسّسه العماد عون، ومن ثمّ جرى توضيحٌ للكلام الإيراني، مع إعادة التأكيد أنّ المقاومة التي اكتسبت شرعيتها الشعبية قبل الرسمية "مغطاةٌ" ببيانات الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ العام 2005، وبالتالي لا يمكن لخصومها التذرّع بما هو مخالفٌ للبيانات الوزارية.

اخترنا لك