"رفيقا السلاح" يرويان محطات من حياة النقاش النضاليّة

من يعرفون "الأنيس" كثر. من الصعب حصرهم. إذ كان يمتاز بـ"الذكاء العاطفي" بحسب تعبير المقربين منه. ميزة تجعل من يتعرف إليه ينجذب إلى أسلوبه وطريقة خطابه في الإعلام.

  • أحد رفاقه للميادين نت: كان أنيس أول من عمل على تدريب الثوار الإيرانيين في معسكرات فتح
    أحد رفاق أنيس النقاش للميادين نت: كان أنيس أول من عمل على تدريب الثوار الإيرانيين في معسكرات فتح

خلّف المناضل اللبناني العربي أنيس النقاش تجربة مهمة شكلت مدرسة للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والمشروع الأميركي.

من يعرفون "الأنيس" كثر. من الصعب حصرهم. إذ كان يمتاز بـ"الذكاء العاطفي" بحسب تعبير المقربين منه. ميزة تجعل من يتعرف إليه ينجذب إلى أسلوبه وطريقة خطابه في الإعلام.

وفي حديث إلى الميادين نت، يروي صديق النقاش، علي الشاب، تجربته كرفيق سلاح. وقال "تعرفت إلى أنيس بداية على مقاعد الدراسة، عندما كنا طلاباً في ثانوية رأس النبع، بعد أن انتقل من مدرسة المقاصد". 

ويكشف الشاب أن النقاش لديه "شخصية مبادرة، ولديه طاقة قوية لصنع أي شيء". ويعطي الشاب مثلاً على ذلك، بقوله إن "أنيس لديه لديه مقدرة أن يبادر بأي لحظة، بأن ينزل إلى الطريق ويصرخ للدعوة لتظاهرة ما، بدون سبب. فلديه مقدرة عجيبة بأن يتصل ويسلح ويجهز للمقاومة بشكل سريع".

ويكمل الشاب أن "لدى أنيس في الأصل تفكير أمني ولديه دائماً هاجساً بالوضع الأمني". ويعتقد الشاب أن الذي جعل أنيس لديه هاجس أمني تلقيه دورة أمنية في المخابرات المصرية، بعد أن أرسلته حركة فتح مع مجموعة من رفاقه عام 1972. 

ويوضح أن للنقاش ميزة، هي اكتشافه للظواهر الأمنية، وللمفاصل ذات الطابع الأمني، ويؤكد بأنه "لا مكان عند أنيس لأي سذاجة بالعمل الأمني".

ويضيف: "تطورت عند أنيس الشاب فكرة العمل داخل الأحياء وتشكيل مجموعات. ودخل العمل النضالي باكراً، وانتسب لفتح مبكراً".

كان النقاش في حركة  فتح منذ عام 1967 في بيروت وأسس "الحركة اللبنانية لمساندة فتح"، ومن خلال نضاله توطدت علاقته مع القيادة الفلسطنية. وبالأخص مع القائد الشهيد أبو جهاد والرئيس أبو عمار.

ويبين الشاب أنه "في بداية السبعينات ساهم النقاش بتجنيد أنصار للثورة الفلسطنية في الجامعات، وكان لعب دوراً مهما في أخذ الشباب لمخيم الضبية لتدريبهم عسكرياً". 

ويروي أنه بعد اجتياح 1978 "كنا مجموعات من الشباب اللبنانيين منهم سامي عبود وعصمت مراد، من الجبل ومجموعات من الجامعات العربية والأميركية واللبنانية. ساهم أنيس النقاش في بلورة فصيل لبناني مقاوم لـ"إسرائيل". هذه المجموعات شكلت يومها سرية كفر شوبا وسرية بنت جبيل، وكانت ضمن حركة سياسية اسمها حركة الأرض وحركة لبنان العربي".

وساهم في تشكيل الفصيل يومها مجموعة منشقة عن حزب البعث بقيادة علي يوسف وعبد الحسن الأمين، ومجموعات أخرى، وكان من ضمن المؤسسين الوزير السابق طراد حمادة.

ويتذكر علي الشاب أن أنيس النقاش كان نائب القائد لهذه القوات والتي تموضعت ضمن مواقع الكتيبة الطلابية التابعة لفتح. 

ويؤكد أن هذه المجموعة كانت تملك مقدرة أن تحشد اَلاف الشباب. ففي عام 1978 استشهد منها حوالي 12 شهيداً من مختلف الطوائف.

ويتابع الشاب أن النقاش ترك الجنوب بعد حل حركة الأرض وفي هذه الفترة بدأت ارهاصات الثورة الإيرانية، وبدأ الدخول بنشاطات تتعلق بالثورة الإيرانية.

ويكشف أن أنيس النقاش كان من أوائل من تعاون مع الثوار الإيرانيين الذين أتوا للتطوع مع الثورة الفلسطنية وللقتال تحت لواء حركة فتح. وقد لعب دوراً مهماً في مجيئهم وتدريبهم.

ويختم الشاب قائلاً "كان أنيس يقول إن تحرير فلسطين موضوع قريب قريب والمعركة الكبرى قريبة جداً... أنيس والناس الذي عملوا معهم لديهم هواجس وكان يركز على خطاب وحدوي. وكان يدعو لحركة وحدوية من كل الأطياف لمواجهة المشروع الأميركي".

أما "أبو محمد"، رفيق سلاح آخر للمناضل الراحل أنيس النقاس، فيتحدث للميادين نت عن ترجبته ورفقته للنقاش في الماضي، ويقول "تعرفت أول مرة على أنيس عندما كان في حركة فتح، لكن كان قريباً للجبهة الشعبية. وكنت أنا في جبهة الرفض"، مؤكداً أن النقاش كان في هذه الفترة نشيطاً جداً.

ويتابع: "توطدت علاقتي بأنيس عام 1977، أثنار تأسيس حركة الأرض، وشكلنا مجموعات لعمليات ضد العدو الإسرائيلي، وكان أنيس أكثر المتحمسين وكانت هذه الفترة بداية لتأسيس العمل الطلابي والكتيبة الطلابية".

ويلفت "أبو محمد" أن أنيس كان عمل ضمن العمل الطلابي لفتح وضمن اتحاد طلبة فلسطين.

ويكمل: "كنا سوياً في أجواء الحركة الطلابية أي حركة الأرض. وقد كان أنيس الأقرب لفتح وكانت له علاقة مع المناضل الأممي كارلوس. وهو قرين جداً من الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد".

ويروي "أبو محمد" أن أنيس تعرف أول مرة على حرس الثورة الإيراني عام  1978، قبل انتصار الثورة الإسلامية. وكان أصدقاؤه محسن رضائي، ورفيق دوست، والشهيد محمد صالح الحسيني، وهم من مؤسسي حرس الثورة الإسلامية، فيما كان الشهيد الحسيني هو الرابط الأول لتشبيك العلاقة الفلسطينية بحرس الثورة الإسلامية.

وبعد انتصار الثورة الإيرانية تحمس أنيس لمشروع الثورة. ومن خلال هذه العلاقة نبعت فكرة تنفيذه لعملية "اغتيال بختيار" في باريس. ويؤكد "أبو محمد" أن رفيق دوست وزير حرس الثورة الإسلامية كان في أجواء نية أنيس، وما يريد أن يفعله في فرنسا، وفعلاً سافر أنيس إلى فرنسا ونفذ العملية. 

ويبين "أبو محمد" أن أنيس لعب دوراً مهماً في توطيد العلاقة بين قيادات الثورة الإيرانية والمقاومة الفلسطينية.

ويضيف أنه كذلك "كان ينسق مع الشهيد محمد صالح الحسيني لاستقبال الشباب الإيرانيين والعمل على تجهيزهم وإخضاعهم لدورات عسكرية في معسكرات فتح في لبنان".

ويكشف "أبو محمد" أن أنيس كان في مجموعة فتح التي تشكل الرابط لتطوير العلاقة بين حركة أمل وحركة فتح، وكان يشرف عليها من قبل حركة أمل القيادي أبو علي فريد الغول. وكان فريد أساسي في حركة أمل ومن المقربين جداً للإمام الصدر. فيما "لعب أنيس دوراً أساسياً في تخفيف جو الاحتقان بين "أمل" وفتح في لبنان".