هل انتهى عصر القطبية الأحادية؟
اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الصين وإيران نقطة تحول تاريخية تمهّد لعصر جديد من التوازنات الاقتصادية والتجارية في العالم، ولا سيما أنها تلت تجديد اتفاقية التعاون بين طهران وموسكو.
اتفاق تعاون استراتيجي بين بكين وطهران، أسفر عن قلق مشترك بين تل أبيب وواشنطن، فاليوم التاريخي هذا كشف أعواماً من هواجس الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يتقاطع مع الساحة الإسرائيلية في الانشغال والمتابعة والتوصيف، ما يجري هو "تهديد استراتيجي عسكرياً واستخبارياً وتكنولوجياً ويمكن أن يتطور إلى أبعاد وجودية"، هذا ما يقال في تل أبيب.
وعلى المقلب الآخر، صورة مختلفة في طهران التي تنظر إلى اتفاقات مماثلة مع موسكو، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يرى أن "مرحلة القطبية الأحادية في النظام الدولي قد انتهت"، فأي أبعاد استراتيجية لهذا الاتفاق؟ وأي معادلات ترتسم على صعيد التوازن الدولي والإقليمي؟.
مخططو الإستراتيجية الأميركية الخارجية أسسوا لمفهوم الأمبراطورية الأميركية بالاعتماد على الوسائل غير الشرعية والتغوّل والاستفراد.
نجاح إيران في الصمود أمام الحرب المتعددة الأوجه عليها، لا سيما ما بنته من إقتصاد قومي، يلاقي إستراتيجياً صعود الصين وتطورها الهائل برغم الضغوط الأميركية.
من الطبيعي أن يطرح التقارب والتعاون بين بكين وموسكو وطهران تحديات هائلة على واشنطن، والقلق في البيت الأبيض، ليس إلا مؤشراً أولياً على حجم الزلزال الذي استشعرته مراكز القرار الأميركي.
العالم أمام مواجهة ضارية... لم يعد البيت الأبيض يفرض شروطه ربما على بايدن أن يقرأ كتاب "سقوط الأمبراطورية الأميركية" لعالم الإجتماع النرويجي يوهان غالتونغ الذي ربط نهاية الإمبراطورية الأميركية بنهاية هيمنتها على العالم ما بين عام 2020 و2025.
من ناحية أخرى، طغت اتفاقية التعاون الصيني الإيراني على الوسائل الإعلامية العبرية، ومعلقون سياسون يصفونها بـ"الحدث المهم، والدليل على القوة المحدودة للعقوبات الأميركية على طهران".
"هو تهديد استراتيجي على "إسرائيل" ويمكن ان يتطور إلى أبعاد وجودية"، هذا ما كتبه دان شيفتان رئيس مركز ابحاث الامن القومي في جامعة حيفا لموقع "إسرائيل هيوم".
"إسرائيل هيوم" هي كغيرها من المواقع والصحف التي طغى الاتفاق الاستراتيجي الذي وقعته طهران وبكين على مواضيعها وعناوينها، والقلق الذي برز على صفحات هيوم تبدى خوفاً استراتيجياً عسكرياً واستخبراياً عند موقع "يديعوت احرونوت".
إذ اعتبرت أن تنفيذ البنود المتعلقة بالتكنولوجيا والتعاون العسكري والاستخباراتي بين بكين وطهران يمس بقدرة واشنطن على إفشال البرنامج النووي الإيراني مع "إسرائيل" خاصة إذا قررت إيران الذهاب باتجاه ما وصفته الصحيفة "الاقتحام" إلى القنبلة الذرية.
أستاذ العلوم السياسية علي فضل الله أكد للميادين، أن "ردة الفعل الإسرائيلية الأميركية على الاتفاق الصيني الإيراني تؤكد مدى أهميته"، مشدداً على أن "أكثر ما يخيف واشنطن الآن هو أن دائرة التجرؤ عليها تتسع".
وقال فضل الله، إن "هناك تبدل واضح في موقف الصين بانتقالها من مرحلة تجنب المواجهة مع واشنطن إلى استفزازها"، منوهاً إلى أن "أداء الإدارة الأميركية يؤدي إلى توحيد الخصوم ضدها".
#المسائية | لماذا يشكل التقارب الصيني الإيراني خطراً استراتيجياً على خطط #واشنطن وتل أبيب؟ pic.twitter.com/F7e36DYQvZ
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 29, 2021
بدوره، قال أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة حيفا، محمود يزبك، إن "هناك تحوّل واضح في موقف الصين التي تخطط لتغيير موقعها الاستراتيجي العالمي".
وأوضح في حديث للميادين، أن "إيران شكلت مدخلاً للصين لتثبيت موقعها بشكل تدريجي على الصعيد العالمي"، منوهاً إلى أن "الاتفاق بين بكين وطهران ليس نجاحاً صينياً فقط بل للإدارة الإيرانية أيضاً".
وأضاف يزبك أن "الاتفاق بين بكين وطهران يعني أن إيران انتصرت على تل أبيب"، مؤكداً أن "الاتفاق الصيني الإيراني سيدفع دول التطبيع إلى إعادة تموضعها من جديد في المنطقة".
وشدد على أن "الاتفاق الصيني الإيراني هو عبارة عن خارطة طريق صينية طويلة الامد للتموضع كقوة عالمية أولى"، مشيراً إلى أن "إيران أصبحت دولة فاعلة في الشرق الأوسط لها قوتها وحضورها".
من جهته، قال الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، ريتشارد ويتز، أن "واشنطن تنظر إلى الصين كمنافس رئيسي وتهديد استراتيجي على الصعد كافة"، مشيراً إلى أم "أي تعاون بين روسيا والصين وإيران هو نذير شؤم بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية".
ولفت ويتز للميادين، إلى أن "المخاوف تبرز في واشنطن على عدة مستويات من جراء الاتفاق الصيني الإيراني"، معتبراً أن "الحل الأمثل للولايات المتحدة هو كسر هذا التحالف المتنامي بين الصين وروسيا وإيران".
#المسائية | الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية ريتشارد ويتز: أي تعاون بين #روسيا و #الصين و #إيران هو نذير شؤم بالنسبة لـ #أميركا. pic.twitter.com/rdQB9eWO0V
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 29, 2021