السيد نصر الله يُسقط خيار "حكومة الانتخابات".. فما البديل؟
ترى مصادر سياسية لبنانية مطّلعة أن كلام الأمين العام لحزب الله أمس الثلاثاء، في ظل الوضع الداخلي المأزوم، وطرحه حلولاً للمشاكل الحياتية، لا يعنيان أن حزب الله يفكّر في أن يحلّ محلّ الدولة، لكنه لن يترك اللبنانيين أسرى للحصار.
أعطى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في كلمته أمس الثلاثاء، بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس قناة "المنار"، أكثرَ من إشارة، وبعث أكثر من رسالة متعلّقة بالشأن الداخلي اللبناني، في وقت تشتد الأزمة الاقتصادية في البلاد، ويستمرّ انسداد الأفق السياسي، وعدم اتفاق الأطراف المعنية على تشكيل حكومة جديدة تعمل على وقف الانهيار الحاصل.
هذه الرسائل كان أبرزها حديثه عن الانتخابات النيابية، وتعليقه على ما يتم تداوله، في الفترة الأخيرة، من طروحات تقتضي الذهاب إلى حكومة انتخابات، تعمل على الإعداد لانتخابات نيابية مبكّرة، كحل لعدم تشكيل الحكومة.
مصادر سياسية مطَّلعة رأت، في حديثها إلى الميادين نت، أن "السيد نصر الله رسم معالم الطريق للسنة المتبقية من عمر المجلس النيابي، ووضع جملة ضوابط سياسية من أجل المحافظة على الاستقرار النسبي الذي تعيشه البلاد، وبالتالي عدم إحراج أيّ طرف سياسي وازن، ودفعه إلى خيارات يمكن أن تؤثر في هذا الاستقرار"، وهو ما يمكن فهمه من خلال إعلان "عدم واقعية الدعوة إلى انتخابات مبكّرة". وبالتالي، بحسب المصادر نفسها، "يصبح من غير المبرَّر الحديث عن استقالات من مجلس النواب، ولا سيما أنَّ الانتخابات، كما يبدو، ستجري في موعدها في أيار/مايو 2022".
وأعربت المصادر عن اعتقادها أن كلام السيد نصر الله بشأن هذه النقطة، أسقط من الحسابات الحديثَ عن "حكومة انتخابات، الأمر الذي يعني أنّ حكومة تصريف الأعمال هي التي ستشرف على الانتخابات النيابية، في حال لم تتشكَّل حكومة جديدة في الأشهر المتبقية حتى أيار/مايو القادم".
وأضافت: "لم يُقفل السيد نصر الله الباب أمام ولادة الحكومة العتيدة، إلا أنه مرَّر جملة مواقف توحي بعدم نضوج هذا الملف بعد، وذلك من خلال تلميحه إلى عدم رغبة البعض في تحمّل المسؤولية الآن، وعدم مواجهة ردّ فعل الشارع، في حال تمَّ الوصول إلى ملف رفع الدعم الذي تقدِّمه الدولة اللبنانية، والذي يطال شرائح واسعة من الشعب اللبناني".
وعلى الرَّغم من تكرار مواقفه السابقة، والمتمحورة حول أنَّ تشكيل الحكومة "مدخل أساسي للحل والتعامل مع الأزمات"، فإن السيد نصر الله وجَّه مجموعة رسائل، من خلال قوله إنَّ "الأداء الرسمي ضعيف وبطيء، وهناك من يبدو مستقيلاً من مُهماته"، الأمر الذي اعتبرته المصادر نوعاً من "الدعوة إلى تفعيل ما هو قائم من مؤسَّسات، من أجل التخفيف عن الناس وعدم إشعارهم بغياب الدولة ومسؤولياتها في ظلّ الظروف الصعبة".
أما إعلان السيد نصر الله أن لا "حلول جذرية للأزمات حالياً، وأنه لا بدَّ من تفكيك هذا الواقع ومعالجة ما أمكن"، فهو يعني، بحسب المصادر، أنَّ الأمين العام لحزب الله يدعو كلَّ المسؤولين إلى القيام بأقصى ما يمكنهم للتعامل مع الوضع المتردّي، اجتماعياً واقتصادياً، وعدم انتظار التسويات الداخلية والخارجية وانعكاساتها على لبنان، لأنها لا تزال بعيدة، كما يبدو".
حزب الله لا يفكر في أن يحلّ محلّ الدولة
وفي هذا السياق، أطلق الأمين العام لحزب الله 3 مراحل للتعامل مع أزمة البنزين والدواء وبعض المواد الغذائية:
المرحلة الأولى: الضّغط، وإعلان الحرب على التجّار والمحتكرين، لأنَّهم يتحمّلون جزءاً كبيراً من الأزمة التي تعيشها البلاد حالياً. وكان كلامه في هذا المجال واضحاً، من دون سقوف ومراعاة خواطر، ولا سيما أنَّ الأمر متعلّق بالأمن الاجتماعي الَّذي يعني المقاومة، كالأمن السياسيّ.
المرحلة الثانية: قيام الدّولة بواجبها في تأمين حاجات المواطنين من النفط والدواء والغذاء، وعدم الاعتياد على مشهد "طوابير الذلّ" عند محطات الوقود. وفي هذا السياق، تشدّد المصادر على أهميّة قيام المؤسَّسات والدولة بواجباتها في كسر الاحتكار، وإيجاد حلول من خارج الضغوط الأميركية، والعمل بمقتضى مصلحة لبنان، لا مصالح الآخرين على حساب الشعب اللبناني.
المرحلة الثالثة: إعلان السيد نصر الله أنَّ حزب الله سيقوم باستيراد النفط وكل ما يلزم، على نحو مباشر من إيران، ما لم تقم الدولة بواجباتها، وفي حال ظلَّت أسيرة التعطيل والضغوطات الخارجية.
وهنا، تعتقد المصادر أنَّ حزب الله "قادر على تنفيذ هذه الخطوة الآن"، لكنه لا يزال يتجنَّبها ويصرّ على دور الدولة في تأمين مستلزمات الناس، وهو لا يفكّر مطلقاً في أن يحل محلها أو يأخذ دورها. لكنه، في المقابل، لن يترك شعبه وأهله واللبنانيين أسرى للحصار الخارجيّ، وعدم القدرة على اتخاذ القرار داخلياً، تختم المصادر.