متطرف يحض على قتل اليساريين.. ماذا يحدث في فرنسا؟

أزمات مستفحلة في السياسية والأمن والتشريع والمجتمع والاقتصاد تتقاطع وتُلقي بثقلها على الجمهورية الخامسة في فرنسا، ودعوة صريحة للقتل والإلغاء أطلقها أحد وجوه اليمين المتطرف.

  • دعوة صريحة للقتل والإلغاء أطلقها أحد وجوه اليمين المتطرف.
    دعوة صريحة للقتل والإلغاء أطلقها أحد وجوه اليمين المتطرف.

مرتدياً بذلته العسكرية مع رفيق له، وبالسلاح يطلقان النار على دمية تمثل اليسار الفرنسي. الفيديو التحريضي يأتي في مناخ من التوتر والحملات المركزة مستهدفة اليسار الفرنسي نتيجة رؤيته المختلفة لموضوع إتهام المسلمين بالإرهاب بعد عدة هجمات طالت رموزاً فرنسية وشرطيين.

ليست الانتخابات الرئاسية المقبلة ببعيدة عن خلفيات حالة الاحتقان والتوتر في فرنسا. الصراع يشتد والمنافسة حامية الوطيس بين مختلف المرشحين بين اليمين واليسار والوسط، لكن اليمين المتطرف المتنامي على خلفية شد العصب بوجه المسلمين والمهاجرين، لم يعد يتورع عن استخدام أي وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، بما فيها العنف والتطاول على الدين الإسلامي وكل من يخالفه قراءة الأزمات المتنوعة في فرنسا.

زعيم حركة فرنسا غير الخاضعة، جان لوك ميلونشون، قرأ في مسار التطورات رجحاناً لحصول "حادثة خطيرة أو جريمة قتل في الأسبوع الأخير من الحملة الرئاسية" كما كان يحصل في مناسبات انتخابية سابقة، ليتمكن اليمين والسلطة معاً من استغلالها إنتخايباً، ومن ثم اتهام المسلمين واختراع حرب أهلية. 

حرب أهلية كان جنرالات وضباط متقاعدون، ميالون لليمين، قد حذّروا من الوصول إليها في حال لم تتدخل الدولة وفق منظورهم المتعصب للحفاظ على الجمهورية التي يحلمون بها.

حملة شعواء

تصريحات ميلونشون التي ربط فيها بين تفجيرات وعمليات أمنية واستحقاقات انتخابية، استُغلت على نطاق واسع، ودُفع أهالي ضحايا بعض الأحداث إلى إدانته، حيث فسروا كلامه على أنه تبخيس لمن وقعوا ضحية أعمال إرهابية. 

التقط أخصام ميلونشون تصريحاته ليشنوا حملة واسعة على سياسته وأفكاره. الوزيرة المسؤولة عن المواطنة مارلين شيابا انتقدت الزعيم اليساري بشدة، ونددت بما وصفته " مزيج من جنون العظمة والتآمر" وقالت "إنه أمر مخز".

الأقنعة تتساقط مرة أخرى. جان لوك ميلينشون السياسي غير المسؤول الذي يلطخ أولئك الذين سقطوا في وجه الإرهابيين. تصريحات مروعة أصبحت معتادة.

ورداً على سؤال لـ"راديو سود" ، ندد باتريك مينولا، رئيس مجموعة حزب الوسط في الجمعية الوطنية، بـ"التصريحات الصادمة للضحايا" و"الساخرة" لأنها "لا تخلو من دوافع خفية". رئيس بلدية نيس، كريستيان إستروزي رأى أن ميلونشون "انجرف نحو أسوأ نظريات المؤامرة، وكلامه يأتي ليخرب ذاكرة الضحايا الفرنسيين للهمجية الإسلامية. إنه غير جدير، مخجل، مثير للشفقة". 

دفاع وتوضيحات

تصرييحات ميلونشون دافع عنها المسؤولون المنتخبون في فرنسا غير الخاضعة. اتهمت النائبة كليمنتين أوتين المعارضين بـ"تعمد إساءة فهم كلمات جان لوك ميلينشون وتشويهها" قائلة: "ما لا نقبله هو استغلال هذه الحقائق الخطيرة للغاية". رد الفعل نفسه من جانب نائبة باريس دانييل أوبونو، وبرأيها أنه: "مع اقتراب كل انتخابات رئيسية، هناك دائماً خوف من استغلال وسائل الإعلام السياسية للجرائم أو الهجمات" .

"ضجة مؤلمة"

من جانبه، حاول جان لوك ميلينشون توضيح أقواله في منشور على حسابه على فيسبوك، استنكر فيه الضجة المؤلمة" وأسف لـ"المضايقات" التي يقول إنها تستهدفه، وقال: "عندما تستعيد لوبان مشاعر الجريمة لتصنع دعايتها، فهذا أمر رائع، عندما يحذر شخص ما من هذا النوع من التلاعب، فذلك لأنه متواطئ مع القتلة! لذلك نأتي إلى إنكار الأدلة على أن القتلة ينتظرون أفضل وقت للحديث عنهم". 

ميلونشون استنكر مجدداً "التلاعب الوحشي" بكلامه، معرباً عن "تعاطفه مع الضحايا وعائلاتهم"، على عكس ما فسر كلامه لفرانس أنفو.

خلاصة التطورات الفرنسية، أزمات مستفحلة في السياسية والأمن والتشريع والمجتمع والاقتصاد، تتقاطع وتُلقي بثقلها على الجمهورية الخامسة، فيما التحليلات الأكثر موضوعية تتوقع تحولات جذرية في هوية فرنسا، لا سيما أن اليسار عاجز عن الاتفاق على مرشح مشترك للانتخابات الرئاسية، والمعركة تكاد تنحصر بين من يوصف بأنه ممثل الأوليغارشية المالية إيمانويل ماكرون وممثلة تيار اليمين الأكثر تطرفاً مارين لوبن.

اخترنا لك