الدور الوظيفي للإعلام في "إسرائيل": " كلب حراسة" المؤسسة
يضع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة التعامل الإسرائيلي مع وسائل الإعلام، سواء الداخلية أو الأجنبية، في خانة الاستهداف والمنع، فيما تحضر وسائل الإعلام الخاصة كحارس للمؤسسة الرسمية والتغطية على جرائمها.
-
بقي دور وأداء الرقابة العسكرية عنصراً ثابتاً في الأداء الإعلامي الإسرائيلي
العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أتاح للمراقبين الإطلالة مجدداً على الدور الوظيفي للأجهزة الإعلامية الرسمية الإسرائيلية (الناطق باسم الجيش والرقابة العسكرية)، ولوسائل الإعلام الخاصة من صحف ومجلات ومحطات تلفزيونية، والمهمة التي تؤديها في إطار الحرب النفسية والحرب على الوعي لصالح أهداف العدوان في المجالات كافة.
عدوان "حارس الأسوار" مثّل محطة جديدة كاشفة في هذا المجال، يمكن من خلالها مقاربة الأداء الإعلامي الإسرائيلي بصورة مختصرة من عدة زوايا:
- استهداف المؤسسات الإعلامية، المحلية والأجنبية: الحدث الأهم في هذا السياق، كان استهداف "برج الجلاء" في غزة وتدميره، والذي يضم مكاتب العديد من الوسائل الإعلامية المحلية والأجنبية، من بينها مكاتب وكالة " إي بي" الأميركية، وهو ما أثار غضب كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، بما فيهم الرئيس جون بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذين انتقدوا "إسرائيل" على هذه الخطوة وطالبوا بتفسيرات.
هذا الهجوم أثار أيضاً انتقادات داخل "إسرائيل" وخارجها بسبب الضرر الذي لحق بها جراء استهداف مكاتب إعلامية. تبريرات المسؤولين الإسرائيليين بأن البرج يضم مركزاً لحركة حماس رد عليه رئيس مكتب وكالة "إي بي" في "إسرائيل"، جو فدرمان، في مقابلة مع القناة الـ 12 يوم الأحد الماضي 05 حزيران/يونيو؛ فرداً على سؤال المحاور أجاب فدرمان " أنا وطاقمي لم نر أي علامة تدل على حماس داخل المبنى، كنت أدخل للمبنى وهو مبنى سكني، أدخل وأشاهد مرات عائلات وأولاداً داخل المصعد. في حال كان هناك (تواجد لحماس في المبنى)، وأقول إذا كان، فنحن لم نعرف شيئاً ولم نرَ شيئاً، وفي حال كان هناك شيء ما فنحن نطلب من الجيش الإسرائيلي أن يرينا الإثباتات لأننا لم نر أي إثبات".
وأضاف "على سبيل المثال، رئيس الأركان قال الأسبوع الماضي في مقابلة أن موظفي (إي بي) شربوا القهوة مع رجال حماس في الكافتيريا، وقبل كل شيء ليس هناك كافيتريا، ولذلك ما قاله مضحك، ولكن ما يقلقني أكثر هو كيف يستطيع الإضرار باسمنا وتشويه سمعتنا دون أي إثبات. هذا غير مسؤول وخطير برأيي. نحن لا نزال نضغط (للحصول على شروحات من الجيش الإسرائيلي) هناك القليل من التوتر في العلاقة مع إسرائيل، وهناك الكثير من جهات الإعلام الأجنبي يسألون هل ما جرى كان محاولة من الجيش الإسرائيلي لإسكات الإعلام؟".
- منع الصحافيين الأجانب من دخول القطاع: منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المراسلين الأجانب من دخول قطاع غزة خلال المعارك لتغطية ما يحصل في قطاع غزة من داخل القطاع. وعلى الرغم من طلبات عديدة قدمها المراسلون الأجانب إلى السلطات المعنية في "إسرائيل" للسماح لهم بالدخول الى القطاع، و"التوسل" من أجل ذلك، بحسب ما ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية، إلا أن طلباتهم قوبلت بالرفض "لأسباب أمنية"، وبالتالي مُنعت وسائل الإعلام الأجنبية من نقل صورة إعلامية متوازنة، واكتفى المراسلون الأجانب بالتغطية من الجانب الإسرائيلي، ومن بينهم مراسلو محطات أميركية وعالمية: " فوكس نيوز"، "سكاي نيوز"؛ "آي بي سي"...
- تضليل الإعلام واستغلاله: الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ضلل الإعلام الأجنبي والمحلي، واستغله لتحقيق أهداف عسكرية، هذا حصل فيما عُرف باسم "عملية المترو"، عندما سرب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي معلومات مقصودة إلى وسائل إعلام أجنبية عن توغل بري للجيش الإسرائيلي بهدف إيقاع المقاومة الفلسطينية في كمين محكم، الأمر الذي فشل، وفُضح لاحقاً، ما أثار ردود فعل قاسية جداً من وسائل الإعلام الأجنبية، وتحذيرات شديدة من أوساط إعلامية إسرائيلية من "خطورة هذا التضليل والاستغلال على مصداقية الجيش الإسرائيلي وسمعته".
- الرقابة العسكرية: علاوة على ما تقدم، بقي دور وأداء الرقابة العسكرية عنصراً ثابتاً في الأداء الإعلامي الإسرائيلي. فالرقابة تلعب دور الرقيب والمقص والموجه، وهي تتدخل حتى في الصياغات الممنوعة والمسموحة، والمحبذة والمطلوبة، وبكل تفاصيل العمل الإعلامي، تغطية وتحليلاً.
ما تقدم يمثل عينة نموذجية عن حقيقة الدور الذي تلعبه أجهزة الإعلام والدعاية الرسمية والخاصة في "إسرائيل"، ويعيد تسليط الضوء على الدور الوظيفي لأجهزة ووسائل الإعلام فيها، حيث لا يتورع كثيرون في "إسرائيل" عن وصفها بـ "كلب الحراسة"، بسبب دورها في حراسة المؤسسة الرسمية وحمايتها والدفاع عنها والترويج لنشاطاتها والتغطية على جرائمها واخفاقاتها، ولا يقدح في هذا الأمر خروج معلقين ومحللين إسرائيليين عن هذا الخط.