الدورة الثانية للانتخابات الإقليمية الفرنسية: قلق وأسئلة صفعة الامتناع التاريخي

الأسئلة كثيرة والقلق عميق قبيل أيام من الدورة الثانية للإنتخابات الإقليمية والمناطقية الفرنسية، والمعول عليها إقناع الممتنعين عن الإقتراع في الدورة الأولى بالمشاركة الفعالة، وبالتالي تغيير مسار إنحدار الحياة السياسية في فرنسا.

  • الدورة الثانية للانتخابات الإقليمية الفرنسية: قلق وأسئلة صفعة الامتناع التاريخي
    الدورة الثانية للانتخابات الإقليمية الفرنسية: قلق وأسئلة صفعة الامتناع التاريخي

عقاب جماعي نفذه الفرنسيون للسلطة الحاكمة والأحزاب بجميع فئاتها. 68% من عدد الذين يحق لهم الاقتراع في الانتخابات الإقليمية والمناطقية امتنعوا عن التصويت في رسالة غضب وعدم رضا عن الحال الذي بلغته الجمهورية الخامسة وأزماتها المتفاقمة في الأمن والاقتصاد والإرهاب والهجرة والحريات ومبادئ الجمهورية ووحدة المجتمع الفرنسي. 

ليست أزمة الوباء التي أرخت بنتائجها الثقيلة على الصحة والعمل ومستوى المعيشة عاملاً أساسياً في ابتعاد الفرنسيين عن صناديق الاقتراح وتوجيه الصفعة الانتخابية، بل هم الفرنسيون يقولون ما في قلوبهم من أسى وإحباط وتذمر بتجاهل واحتقار أهم نشاط ديمقراطي يتمسك به الفرنسي منذ أجيال للتعبير عن رأيه وخياراته السياسية.

ترافقت الصدمة الانتخابية مع الهزيمة النكراء لمرشحي الحزب الحاكم فرنسا إلى الأمام وبينهم وزراء، وهما ظاهرتان عكستا المزاج الشعبي بما لا يتوافق وأشرعة الرئيس إيمانويل ماكرون ومارين لوبن من اليمين المتطرف. أشرعة أراد كل من المرشحين للإنتخابات الرئاسية اختبارها في إبحارهما نحو معركة رئاسية ترى فيها النخب الفرنسية والمعارضة تجذيراً لاستيلاء الأوليغارشية المالية والشركات الضخمة على أموال الفرنسيين ومكتسباتهم في العمل والصحة والتقاعد من جهة، ومحاولة إستيلاء على السلطة من قوة اليمين الأولى المتمثلة بالتجمع الوطني.

زلزال الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية أثار أسئلة لدى جميع الأحزاب حول السبل الواجب اعتمادها لتغيير المزاج الشعبي في الدورة الثانية الأحد المقبل. اليسار الذي لم يتلق هزائم واضحة محافظاً على مواقعه، اكتشف الضرر الهائل لعدم توحد أطرافه في قوائم انتخابية مشتركة. ممثلو اليسار والبيئة اكتشفوا أن مجموع ما حصلوا عليه  منفردين من أصوات يتجاوز بنسبة معتبرة ما حققه اليمين الوسط الفائز في الدورة الأولى واليمين المتطرف الذي حل ثانيا في عدد الأصوات من دون أن ينتزع ما توقعه من أقاليم.

الدعوات إلى وحدة غير مسبوقة هي أمر اليوم لدى أحزاب اليسار أملاً في إيجاد تفاهمات ثابتة بين أطرافه أولاً، وثانياً في أن تتمكن الماكينات الانتخابية في تحريك الممتنعين عن التصويت.  

مارين لوبن لم تستفق بعد من صفعة النتائج المخيبة للآمال. حزبها يعمل على تفعيل آليات بأمل تغيير المعادلات، وهو أمر دونه بعض العقبات التي يصار إلى تذليلها عبر التحالف مع بعض أطراف اليمين الوسط على الرغم من أن لا أمل بذلك. إضافة إلى قيام الماكينة الانتخابية اليمنية بحملة تحريض ضد اليسار طالت مبادءه وانتماءه وأخلاقياته، للتأثير في المستقلين وتلك الشرائح التي لم تحدد موقفها بعد من لوائح المرشحين

حزب الرئيس ماكرون المهزوم والمأزوم فعلياً يحاول تنظيم صفوفه للدورة المقبلة، لكن كوادره وقياداته عاجزة عن تحقيق نقلة نوعية في وقت قصير، بحسب تحليلات الإعلام والسياسيين المحايدين، لكون حزب فرنسا إلى الأمام لا يتمتع بتجربة الانتخابات المحلية، وهو الحزب الجديد غير المتمرس بالمعارك والمحاور والتحالفات.

يبقى أن يمين الوسط بات يتزاعم الصدارة وتميل الاستطلاعات إلى ترجيح فوزه في الدورة المقبلة في حال لم يكن تحالف اليسار الموعود متيناً وصادقا.

الأسئلة كثيرة والقلق عميق قبل أيام من الدورة الثانية المعول عليها لإقناع الممتنعين عن الاقتراع بالمشاركة الفعالة، وبالتالي تغيير مسار الانحدار للسياسة في فرنسا.