شُبان أراضي الـ 48 عرضة للاعتقالات والتضييق الممنهَج.. مَن يحميهم؟
بعد الهبّة الأخيرة التي شهدتها أراضي فلسطين العام 1948، الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة الاعتقالات الممنهجة بحق الفلسطينيين في الداخل المحتلّ.. فمَن يحمي الشبّان في المناطق المحتلة؟
قاد الشبّان في الداخل الفلسطيني مرحلة جديدة من الإنتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعد سنوات طويلة من حالة "الستاتيكو" التي ركن إليها الاحتلال واعتبر أنها تؤسس لـ "استقرار واندماج" في مدن وبلدات الداخل المحتل.
الهبّة الأخيرة التي قادها شباب الداخل الفلسطيني نصرةً للقدس والأقصى وقطاع غزة، ورفضاً لسياسات الاحتلال القمعية بحقهم طيلة سنوات خلت، حيث وقف قادة الاحتلال ومستوطنوه مذهولين من حجم المواجهات وسرعة انتشارها واصرار الشباب الفلسطيني على إشعال المواجهات وتطوير نسقها.
شكلت هذه الهبّة نقلةً نوعية، وفقاً لصحف أجنبية وإسرائيلية، لم يواجهها الاحتلال منذ عقود، بعد أن توحَّدت فلسطين بكل أركانها في المواجهة.
اللافت أيضاً أن إعلام الاحتلال اعترف أيضاً بحجم الخطر الذي تعرَّض له المستوطنون والقيادات العسكرية الإسرائيلية، في ظل هذه الهبّة، بحيث قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن "الإسرائيليين لا يشعرون بالأمان في أعقاب الاشتباكات الأخيرة".
من جهة أخرى، جعلت الهبّة الأخيرة، التي امتدت إلى عكا والرملة والناصرة واللد وحيفا وسخنين وأم الفحم.. الاحتلال الإسرائيلي يستميت لفرض مزيد من القيود على الشبّان في الداخل الفلسطيني، بحيث زادت في نسبة الاعتقالات بحق هؤلاء الشبّان، وقيّدت عمل منظمات المجتمع المدني بصورة عامة، والمؤسسات الحقوقية بصورة خاصة. والسؤال الأساسي المطروح اليوم: من يحمي الفلسطينيين في الداخل؟
بعد الهبّة.. تضييق ممنهَج بحق الفلسطينيين
بعد أيام من وقف إطلاق النار، أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي تصعيد حملتها ضد المتظاهرين، على خلفية الأحداث التي شهدتها مدن الداخل المحتل عام 1948، وخصصّ الاحتلال الآلاف من عناصره من أجل تطبيق هذه الحملة، من خلال تكثيف وجوده في البلدات من أجل قمع المتظاهرين، بحيث جرى اعتقال أكثر من 1550 شخصاً، بينما قُدمت 150 لائحة اتهام ضد هؤلاء المتظاهرين.
الاحتلال يقول للفلسطينيين: أنتم مواطنون درجة ثانية
في هذا الصدد، قال الإعلامي في الداخل الفلسطيني المحتل، وائل عواد، "هُناك مشكلة لدى إسرائيل في كيفية التعامل مع الفلسطينيين في الداخل"، لافتاً إلى أنها "من جهة، تُريدنا أن ننخرط في مؤسساتها، ومن جهة ثانية لا تريدنا أن نكون جزءاً منها".
وأضاف أن "الاحتلال لا يريدنا فلسطنيين، لكنه في الوقت نفسه يسنّ قانوناً يسميه قانون القومية ليقول لنا أنتم لستم إسرائيليين، أنتم مواطنون درجة ثانية"، معتبراً أن "إسرائيل تُريد ترويضنا، وأكثر ما يقلقها أن نكون جزءاً من امتدادنا، فلسطينياً وعربياً. فهي تُريدنا أن نشعُر بأن بيروت ودمشق بعيدتان وغريبتان عنّا".
ووفقاً للإعلامي الفلسطيني، فإن "إسرائيل" "تريدنا أن نشكرها على احتلالها لنا، وأن نكون سعيدين بالفُتات الذي ترميه لنا، بادّعاء أنهُ أفضل لنا من مواجهتها، وأن هذا يكفينا".
من هذه المنطلقات، أكد عواد أن رهبة "إسرائيل" كانت كبيرة من الهبّة الأخيرة للشبان، الذينَ وقفوا عملياً للدفاع عن هويتهم وقضاياهم، قائلاً إنها "كارثة بالنسبة إلى المشروع الصهيوني لا يجب أن تستهين بها".
وما صدم الاحتلال أكثر، بحسب عواد، "اكتشافه أن ما يُسمى جيل التيك توك حمل القضية ودافع عنها، وأنه مُستعِد لأن يواجه ويخاطر من أجلها"، وقال "لهذا السبب، يقوم الاحتلال اليوم بشن حرب اعتقالات ضد الفلسطينيين".
الشبّان في الداخل الفلسطيني يحمون أنفسهم
وفيما يخص الضمانات التي تحمي الشبان المنتفضين في الداخل الفلسطيني، قال الإعلامي الفلسطيني إن هؤلاء الشبّان لا يقومون بأي شيء يُخالف القانون الدولي أو الديمقراطية، بل يتصرفون، على نحو طبيعي، وبضبط نَفْس لا أرى مثيله في العالَم".
لِذا، "مَن يحمي الشبان هم الشبان، والمتطوعون من المحامين واللجان المتعددة". ولفت عواد إلى أن "التضامن الواسع معهم خلال الانتفاضة الأخيرة يُعتبر ضمانة جوهرية لهم أمام الممارسات القمعية للاحتلال".
ووفقاً له، فإن "الشاباك والمؤسسات البحثية المُتعدّدة مُنشغلة وستنشغل لأشهُر طويلة بفهم الهبّة الأخيرة، وستسأل نفسها عن المليارات التي تُصرَف من أجل طمس الهويّة العربية الفلسطينية: لماذا فشلت في تحقيق أهدافها".