قانون "لمّ الشمل" يُفرّق شمل اليمين.. ويُصدّع الائتلاف الحكومي
قانون "لمّ الشمل" يتحدّى حكومة بينت – لبيد المشكّلة من تحالف هشّ، بعد نجاح المعارضة التي يقودها "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو في عرقلة تمريره.
بعد دراما متواصلة لنحو 15 ساعة، سبقتها أسابيع من المفاوضات والسجالات، أخفق الائتلاف الحكومي برئاسة نفتالي بينيت في تمرير القانون المعروف بقانون "لمّ الشمل" المُقر في العام 2003، والذي يهدف إلى "منع عائلات فلسطينية من طرفي الخط الأخضر من لمّ شملها والعيش معاً في إسرائيل، في ظروف حياة طبيعية ونيل حقوق أساسية".
شكّل هذا التصويت مؤشراً على هشاشة الائتلاف الحكومي الحالي، وكشف الهوّة السحيقة التي تفصل بين مكوناته، إذ أخفق في تمديد القانون 6 أشهر، وفقاً لتسوية طبخت في اللحظات الأخيرة، بسبب امتناع عضوين من القائمة العربية الموحدة على التصويت، وتصويت أحد أعضاء حزب "يمينا" ضد الائتلاف.
ولأن هدف المعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو هو إسقاط الحكومة بأي ثمن، لم تصوت أحزاب المعارضة اليمينية مع تمديد القانون، رغم أنه ينسجم مع توجهاتها السياسية والأيديولوجية، الأمر الذي أدى إلى حصول تعادل في التصويت على التسوية، ما أدّى إلى سقوطها.
وبينما يصفه معارضوه بأنه عنصري وغير أخلاقي، ويتنافى مع القوانين الدولية، يتذرع مؤيدوه بأمرين؛ الأول أن إعاقته تمس بأمن "الدولة"، والآخر أنها تخلّ بهوية "الدولة" اليهودية.
ووصف معلّقون سقوط القانون بالضربة القاسية للحكومة التي فشلت في اختبارها الموضوعي الأول، والصفعة لكتلة "يمينا" التي فقدت عملياً مقعدها السابع.
قانون "لمّ الشمل"
يُعرف هذا القانون في الأدبيات الإسرائيلية بقانون "المُواطَنة"، وهو عبارة عن قانون مؤقّت (قانون طوارئ) "يحرم العائلات الفلسطينية التي يتحدّر الأم أو الأب فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة أو من دول عربية تعتبر عدوة، من لم الشمل والعيش معاً في إسرائيل مع حقوق أساسية"، وهو القانون الذي سنّه الكنيست للمرة الأولى في العام 2003، كقانون مؤقت لعام واحد.
ومنذ ذلك العام، يجري تمديده سنوياً لعام إضافي، ولم تكن هناك مشكلة في ذلك، لأن اليمين (قبل أن ينقسم) كان يملك أغلبية فورية مطلقة في كل واحدة من ولايات الكنيست، وفي ظل كلّ الحكومات في السنوات الـ18 الأخيرة.
ورغم سقوط التسوية، فإن هذا لن يغير واقع الحال شيئاً، وسيستمر حرمان العائلات الفلسطينية من لم الشمل، لأن كل طلب على حدة بحاجة إلى موافقة وزير الداخلية، وحالياً وزيرة الداخلية هي أييلت شاكيد من حزب "يمينا" اليميني المتطرف.
بحسب تقارير إسرائيلية، جرى تمرير القانون في البداية بعد دخول نحو 130 ألف فلسطيني إلى "إسرائيل" (داخل الخط الأخضر) عن طريق لمّ شمل العائلات بين العامين 1993 و2003، بما في ذلك خلال الانتفاضة الثانية. وبحسب التقارير، إن مصدر القلق الرئيس المُعلن في ذلك الوقت كان الخطر الأمني الذي يشكله انخراط بعض الفلسطينيين المُجنَسين في عمليات داخل الخط الأخضر، ولكن كان هناك أيضاً هدف ديموغرافي، وهو هدف أساسي: وفقاً لتقييمات المؤسسة الأمنية، فإن نحو 200 ألف فلسطيني كانوا سيحصلون على "الجنسية الإسرائيلية" أو الإقامة كل عقد لولا هذا القانون.
تعادل في التصويت يمنع تمديد القانون
بعد الإخفاق في حشد أغلبية مؤيِّدة لتمديد سريان قانون لمّ الشمل لسنة إضافية، كما هو الحال في كل عام منذ 18 عاماً، سقطت التسوية التي "طبخها" الائتلاف الحكومي في اللحظة الأخيرة، بعد أن امتنع عضوا كنيست من القائمة العربية الموحدة عن المشاركة في التصويت، وصوّت عضو كنيست من حزب "يمينا" (عميحاي شيكلي) ضدّ القانون، الأمر الذي أدّى إلى حصول تعادل بين المؤيدين والمعارضين للتسوية القاضية بتمديد سريانه لستة أشهر فقط، إذ أيّد التسوية 59 صوتاً، وعارضها 59، ما يعني سقوطها، رغم عدم حاجتها إلى أغلبية 61 صوتاً.
وحيال تمرير تمديد سريان القانون، الذي من المُفترض أنّه يحظى بإجماع صهيوني، اصطدم ائتلاف بينيت – لبيد بعقبتين: الأولى المعارضة من اليمين الاستيطاني بقيادة "الليكود"، والذي اختار أن يجعل القانون ورقة سجال داخلية، والثانية معارضة حزبين من داخل الائتلاف الحاكم، هما "ميرتس" و"القائمة العربية الموحدة".
ما تقدّم جعل الساعات القليلة الماضية حافلة بالضغوط الائتلافية التي تركّزت على كتلتي "القائمة العربيّة الموحّدة"، و"ميرتس"، اللتين رفضتا تمديد سريان القانون، كل لأسبابه. وفي النتيجة، انقسم تصويت "النواب العرب" داخل الائتلاف، سواء في كتلة "القائمة العربية الموحدة" أو الأحزاب الصهيونية الأخرى بين مؤيّد وممتنع عن التصويت. في المقابل، صوّت عضو الكنيست، عميحاي شيكلي، من حزب "يمينا" ضدّ توجهات الائتلاف، وضدّ توجّهات حزبه، ما طرح أسئلة حول مصير بقائه في الائتلاف.
وخلال الأيام الماضية، أعلن عدد من أعضاء الكنيست من كتلة "ميرتس" رفضهم تمديد القانون، إلى أن صدر موقف رسمي من رئيس الحزب، نيتسان هوروفيتش، معلناً رفض كتلته تمديد قانون الحرمان من لم الشمل، كرد على قرار رئيس حكومته تثبيت البؤرة الاستيطانية "أفياتار" على جبل صبيح وسط الضفة الغربية.
المعارضة: إسقاط الحكومة أولوية عليا
ما يسترعي الانتباه في كل هذه الدراما، هو موقف المُعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو، التي آثرت أن تستغل هذه الورقة، لـ"فرك أذن" رئيس الحكومة بينت وإحراجه، تمهيداً لإسقاطه. ورغم أن من الطبيعي أن يؤيّد حزب "الليكود" وبقية أحزاب المُعارضة تمديد القانون، انسجاماً مع توجهاتهم الأيديولوجية والسوابق التاريخية، أعلنت كتل المُعارضة أنها لن تصوّت مع تمديده، ولن تؤمن شبكة "أمان" للائتلاف، على الرغم من كل الديباجات التي وضعتها في ما مضى بشأن القانون، من قبيل أن القانون يمنع "حق عودة غير مباشر للفلسطينيين"، وأن عدم إقراره "يشكل خطراً على يهودية إسرائيل".
وفيما طلب رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، أن يشكل التصويت منح ثقة للحكومة، طلب رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، أن يشكل التصويت حجب ثقة عنها، ومطالبتها بسن "قانون الهجرة" الجديد الذي يطرحه "الليكود"، الذي من شأنه أن يفجّر خلافات داخل الائتلاف الحاكم، إلا أن الحكومة لم تسقط، لأن حجب الثقة عنها يحتاج إلى أغلبية 61 عضو كنيست.
في إطار مناوراته الداخلية، طرح "الليكود" سابقاً شرطاً على الحكومة بأنه مستعد لتمرير القانون لعام إضافي، شرط أن توافق على مشروع قانون "الليكود": "قانون أساس الهجرة"، وهو قانون يستهدف المهاجرين بشكل مخالف للقوانين الإسرائيلية، من أفريقيا ودول أخرى، وهم بحسب التسمية الإسرائيلية "متسللون". يلقى هذا القانون معارضة مبدئية من كتلتي "العمل" و"ميرتس" المشاركتين في الائتلاف. يُشار إلى أن أطراف الحكومة اتفقت في ما بينها على تأجيل كل القوانين الخلافية إلى ما بعد مرور عام كامل على تشكيل الحكومة.