ريتشارد بلاك للميادين: الحرب في سوريا تنتهي حين ينتهي دعمنا للإرهابيين

السيناتور في مجلس شيوخ ولاية فيرجينيا الأميركية ريتشارد بلاك يؤكد حصول مجموعات مسلحة سورية ومنها جبهة النصرة على دعم أميركي، ويرى أن الحرب في سوريا تنتهي عندما ينتهي دعم الجماعات المسلحة.

بلاك: اتخذت الحكومة الأميركية مسلكاً خاطئاً بتسليح المجموعات المسلحة في سوريا
أكد السيناتور الجمهوري في مجلس شيوخ ولاية فيرجينيا الأميركية ريتشارد بلاك أن جبهة النصرة التي تؤيد القاعدة "باتت تحصل على دعم أميركي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة" حيث سلم 500 صاروخ تاو من السعودية إلى الارهابيين في سوريا.  

واتخذت الحكومة الأميركية "مسلكاً خاطئاً" بتسليح المجموعات المسلحة بصواريخ تاو، وفق بلاك.

وقال السيناتور الأميركي خلال مداخلة له في النشرة المسائية على الميادين إن هناك شعوراً بالندم على أعلى المستويات في الإدارة الأميركية لأنها قالت "إن على الأسد الرحيل"، معتبراً أن في حال رحيل الأسد فإن البديل سيكون الجماعات المتشددة المتطرفة. 

وقال بلاك إن قرار الحرب في سوريا اتخذته مجموعات إسلامية مع أجهزة استخبارية لتغيير النظام، ومنها تركيا وقطر التي "ساعدت المجموعات المسلحة عسكرياً ومادياً"، مضيفاً "أن الحرب في سوريا تنتهي حين ينتهي دعم المجموعات الإرهابية المسلحة".

وفي ما يلي نص المقابلة كاملة مع ريتشارد بلاك الذي كان وجه رسالة لافتة إلى الرئيس السوري بشار الأسد أعرب فيها عن سروره بالتدخل العسكري الروسي في سوريا وقال إنه يصلي من أجل انتصار الجيش السوري في حربه ضد الإرهاب. 


ـ حضرة السيناتور أنت تبحر عكس السياسة الأميركية في رسالتك إلى الرئيس السوري بشار الأسد ما الذي دفعك إلى توجيه هكذا رسالة؟
أنا قلق للغاية من مشاركة الولايات المتحدة الأميركية وضلوعها إلى جانب الكثير من القوى الغربية في سوريا. بشكل تقليدي سوريا كانت تتمتع بأكبر قدر من الحريات الدينية وأكبر مستوى من حقوق المرأة. دستور سوريا اليوم هو أحد النسخ القليلة من دساتير الدول العربية الذي يؤمن الانتخابات الحرة وسيادة القانون.
في عام 2001 تمت صياغة خطة للإطاحة بحكومة سوريا والعام 2011 كان العام المفصلي الذي بدأ فيه تطبيق تلك الخطة بصورة عسكرية. وها نحن اليوم بعد عشر سنوات من التخطيط وخمس سنوات من الحرب الدائرة فعلياً على الأرض ولم نر متمرداً واحداً يمثل الشعب السوري. بحسب كل ما جمعت من معلومات لا يزال الشعب السوري بأكثريته يدعم الرئيس الذي انتخبه العام الماضي..

ـ ولكن هذا الرئيس بحسب حكومتكم هو رئيس فاقد للشرعية ويقتل شعبه؟
بالطبع لقد سمعت هذا الأمر ولا شك أنه عندما تكون الحرب دائرة يموت أناس من الطرفين لكنها حرب لم يخترها الرئيس الأسد بل بدأها الإخوان المسلمون إلى جانب بعض الأجهزة الاستخباراتية. أطراف مختلفون اتخذوا هذا القرار للإطاحة بالحكومة السورية وهؤلاء الأشخاص تصرفوا ببرودة مطلقة. لقد شاهدت الكثير من الشرائط المصورة على موقع يوتيوب، مثل في عام 2011، وهي تبين جنوداً سوريين يذبحون بدماء باردة وهم كانوا من ضحايا الاعتقال ونرى أيضاً أشخاصاً يحرقون ويقومون بالتنكيل بجثثهم وهذه ليست القيم التي تنادي بها أميركا. أنا دوماً أدافع عن أمتنا فنحن أمة طيبة بالأساس والشعب الأميركي، وأود أن أقول لكل مشاهديكم، إنكم ستحبون الشعب الأميركي لو عرفتموه جيداً، والحكومة الأميركية اتخذت مسلكاً خاطئاً حيث بتنا اليوم نزود تلك المجموعات المتطرفة بالأسلحة المضادة والصواريخ المضادة للدبابات لمنع الجيش الروسي من مساعدة الجيش السوري في حربه ضد الإرهاب وهذا يؤدي إلى زهق المزيد من حياة الناس ومواصلة الحرب وإطالة أمدها.
لدينا قمة مجموعة العشرين على سبيل المثال، المجموعة تلوح بأياديها لا تعرف كيف توقف الحرب في سوريا. ربما عسانا فقط نوقف رمي الوقود على النار وأن نوقف عمليات إرسال صواريخ تاو المتطورة إلى هذه الجماعات المتطرفة لكي يتمكن الجيش السوري من إعادة الاستقرار والسلام إلى سوريا وبذلك يعم السلام في كل الشرق الأوسط.

ـ تحدثت عن أجهزة استخباراتية تعاونت مع جهات متطرفة إسلامية لكي تسقط الرئيس الأسد. هل يمكن أن تسمي لنا جهات محددة، من كان وراء هذا المخطط الذي حيك في عام 2001؟
إذا ما راجعنا ما حصل في ليبيا نرى أن القوى المختلفة في ليبيا قامت بالإطاحة بالقذافي وإدارته لكي تتمكن من الاستيلاء على الأسلحة وشحنها إلى تركيا ثم العبور بها إلى سوريا. الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا مثلتا القوتين العسكريتين واستولتا على القاعدة الجوية حتى قبل الإطاحة بالقذافي وبدأت عمليات شحن الأسلحة. قطر كانت مشاركة عبر بعض طائراتها وكانت تقومب بإرسال الأسلحة إلى بعض المناطق في سوريا. بالطبع أنا هنا لا استثني بعض المظاهرات التي حصلت في سوريا وبعض عمليات الاضطراب الاجتماعي لكن الجانب الحقيقي بدأ عندما انطلق التعاون بين الإخوان المسلمين وبعض الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية لا سيما عندما بدأ التدفق المالي والتمويل من جانب السعودية إلى جانب التنسيق العسكري من جانب الاستخبارات التركية. تلك كانت القوى التي بدأت ترمي بكميات هائلة من السلاح في الداخل السوري. ويجب أن نبقي في الحسبان مسألة هامة، تحت ظل حكم الأسد سوريا لم تقم بمهاجمة أي دولة أخرى. كانت دولة حيادية غير معادية وتنعم بحماية ميثاق الأمم المتحدة. ونرى أن الأمم المتحدة في الوقت عينه كانت غير مبالية لواقع مرير هو أن تلك القوى الغربية كانت تقوم بإرسال تلك الأسلحة إلى سوريا لكي يتوسع نطاق سفك الدماء وإطالة أمد الحرب. ما يحدث هو أمر غير قانوني وغير مشروع وغير أخلاقي ولا بد من إيقاف هذه المحاولات. الحوار الذي يشاع حول كيفية إنهاء الحرب، الحرب تنتهي حين ينتهي دعمنا المقدم للمتمردين والمقاتلين. نحاول أن نفرق أحياناً بين مجموعات مختلفة بين داعش والجيوش التي قامت السعودية وتركيا بتشكيلها لكن في الواقع تلك الجيوش الأخرى المبتكرة حديثاً تم ابتكارها حول النصرة وهذه الأخيرة من التنظيمات التي تقع تحت مظلة القاعدة التي قامت بقتل ثلاثة آلاف أميركي عام 2001. وبالتالي اليوم هؤلاء الذين هاجموا الولايات المتحدة الأميركية وعاثوا الخراب والمعاناة داخل أميركا باتوا يحصلون على التمويل والتموين مباشرة أو غير مباشرة من الولايات المتحدة الأميركية. نحن نقوم بتقديم هذه الأسلحة المعادية أو المضادة للدبابات والتي نقدمها إما للمقاتلين الذين ينقلونها مباشرة إلى القاعدة أو داعش، أو كما فعلنا مؤخراً من خلال تزويد السعودية بهذه الأسلحة حيث بعنا أنواعاً متطورة من الدبابات أو الصواريخ إلى السعودية وكنا نعرف أن الإذن موجود لنقلها إلى مناطق أخرى. وفي غضون أسابيع تم نقل 500 صاروخ تاو مضاد للصواريخ في منطقة حلب ومحيطها وتم تسليم هذه الأسلحة من السعودية إلى الإرهابيين. هذه الحرب ستستمر إذا ما واصلنا عملية التسليح واذا أوقفنا تموين السلاح عندها يمكن للجيش السوري أن يعيد الاستقرار ويمكن للاجئين أن يعودوا لديارهم وأن يهدأ الشرق الأوسط هذا هدفي وهذا ما أرمي إليه.

ـ تقول في الواقع معلومات عسكرية مهمة جداً وتذكر أطرافاً بعينها ولكن هذه الأطراف تقول إنها تريد محاربة داعش تحديداً تركيا والسعودية وقطر، هل تعتقد أن هناك جدية في ما تقوله هذه الأطراف في ضرورة محاربة داعش خصوصاً الأتراك مع إعلان وزير الخارجية الأميركي أنهم قد يغلقون الحدود في وقت قريب؟
أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يتيقن الجميع أن كل عمليات إمداد الأسلحة والذخائر والمساعدات الطبية والتفاصيل اللوجستية المقدمة لداعش تحصل عبر الحدود التركية. وفي مرحلة ما بعد الفوز بكوباني انتشرت القوات الكردية على طول الحدود السورية التركية من جانب سوريا وقاموا بإطباق الطوق على قنوات الإمداد بين تركيا وداعش. حينها لجأت الحكومة التركية إلى الولايات المتحدة الأميركية قائلة "فلنفرض منطقة حظر جوي فوق هذه الحدود ووافقت أميركا على ذلك مبدئياً فقالت تركيا رداً للجميل سنشارك في التحالف ضد داعش" لكن ما حصل هو أنه ما إن تم تفعيل هذا الاتفاق أطلقت تركيا 297 غارة جوية لقصف القوات الكردية بهدف فتح فجوة في هذا الخط الدفاعي بهدف تأمين الإمداد بالسلاح بين تركيا والرقة التي تشكل بكل بساطة عاصمة هذا التنظيم ومن الرقة إلى العراق مباشرة. عبر هذا الاتفاق يبدو أن الولايات المتحدة قد أنقذت داعش من الخنق الحقيقي وإذا ما أغلقنا قناة الإمداد تلك سنضيق الخناق على داعش ونحصرها جهة الشرق حيث توجد فجوة أخرى لتموين القاعدة سموها ما شئتم جبهة النصرة أو هذا الجيش أو ذاك إلا أنها بكل بساطة جماعات إرهابية راديكالية تحت راية القاعدة. هناك أيضاً توجد فجوة أخرى من جانب الحدود بين تركيا وسوريا وتسمح بتدفق السلاح من تركيا إلى تلك الجيوش.    

عندما تدخل الروس مباشرة بدأ البعض يقول ما الذي يحدث ها هي القوات الروسية تقصف مقاتلينا المعتدلين وليس داعش ولكن السبب هو أن هؤلاء المقاتلين الذين كنا ندعمهم هم على شفير الاستيلاء على القواعد الجوية الروسية وكان من المستحيل بالنسبة لروسيا تفادي التهديد المباشر والتركيز على التهديد الأبعد مدى.


ـ واضح أن المشكلة الآن بين الأميركيين والروس هي مسألة رحيل الأسد أو بقائه، هل برأيك يمكن أن تصل الولايات المتحدة إلى تعاون مع الرئيس الأسد في المرحلة المقبلة أو القبول بأن يبقى أقله لمرحلة انتقالية؟

آمل أن توافق الولايات المتحدة على ذلك وأعرف أنه على أعلى مستويات الحكومة الأميركية يسود شعور بالندم بأن أميركا قالت يوماً إن على الأسد الرحيل وأعتقد أن العالم الغربي برمته أتحدث عن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا بشكل خاص، قد باتوا يدركون اليوم أنه في حال رحيل الأسد فالبديل هو إما القاعدة أو داعش أي تلك المجموعات الراديكالية الموجودة على الساحة. وأعتقد أن الغرب يود أن يبتعد قليلاً عن الموقف الذي أعلنه يوماً وبالطبع روسيا كان موقفها حاسماً وواضحاً حيال هذا الموضوع. لكن بالطبع نشهد في الوقت عينه ضغوطاً من جانب تركيا والسعودية على حد سواء حيث إن هذين البلدين مصران على وصول مجموعات غاية في الراديكالية والحدة والتطرف إلى الحكم لكي تقوم بذبح وقتل الأطياف المسلمة المختلفة وحتى معظم السنة غير المتطرفين والمنضمين إلى داعش بمعظمهم هم من الناس الطيبين والمؤمنين وإلى جانب المسيحيين وبالتالي يعولون على داعش والقاعدة وكل تلك الأطياف التي ذكرتها تعتبر كافرة بنظر داعش. ولذلك أعتقد أنه على مستوى الغرب أقله يوجد توجه عام وميل عام للتكيف مع وجود الرئيس الأسد للحفاظ أقله على ما تبقى من قوات الدولة السورية وذلك بدلاً من اللحاق بالمتمردين والمقاتلين. لكن بالطبع الموقف لا يزال ضبابياً ولا وجود لاتفاق مشترك ولا وجود لعقل استخباراتي موجه خلف السياسة الخارجية الأميركية وخلف كل السياسات الخارجية الغربية. التنوع حاضر على مستوى الآراء لكن التوجه حقيقي اليوم نحو قبول أكبر بوجود الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.  


 

اخترنا لك