لماذا زمن غزة؟
خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة العام الماضي كان "زمن غزة" اسم البرنامج اليومي الذي أطلقته "الميادين" لرصد آخر تطورات الحرب عسكرياً وسياسياً وإعلامياً. لكن "زمن غزة" لم يكن مجرد اسم لبرنامج، بل كان يعكس في الأساس فهم القناة لجوهر الحرب وأبعادها في الزمان والمكان: زمان العبث العربي والفوضى الدموية المتنقلة، ومكان غزة، أي فلسطين بكل ما تعنيه في معركة الأمة الوجودية الكبرى.
ـ في التوقيت وفي ظل المحيط العربي وانحراف
البوصلة تأتي غزة لتقول إن الزمن الصحيح هو مواجهة العدوان والاحتلال وليس الحروب
الداخلية. زمن المواجهة والتحدي.
ـ إنه زمن المقاومة كمقاومة فعلية وليس المتاجرة بشعار المقاومة
وتمييع هذا المصطلح والمفهوم.
ـ إنه زمن صبر الناس حين يرون سلامة البوصلة ومناصرة المقاومة وكل من يدافع ويرفع
راية التحدي والصمود وليس العكس. هذا يعني أن الإنسان يبقى هو القيمة، ولغتنا
الإنسانية تظل ضرورية.
ـ إنه زمن الوحدة الفلسطينية رغم
التباينات والتناقضات. فبرغم الخلافات السياسية وحتى الاستراتيجية في ما بين
جماعات فلسطينية محورية، وبقطع النظر عن تحميل المسؤوليات التي لا تختفي في مثل
هذه الأوضاع، فإن البيّن هو اصرار الفصائل المتنوعة والمختلفة وحتى السلطة نفسها على
إعلاء شعار الوحدة في مواجهة العدوان حتى وإن اختلفت وسائل المواجهة.
ـ حين
نقول زمن "غزة" فهذا لا يعني أن غزة هي على حساب فلسطين ولا حتى
تختصرها، بل إن غزة تشكل اليوم رمزاً للعنوان الفلسطيني عامة، في الضفة وفي داخل
الأراضي المحتلة عام 1948.
ـ زمن غزة يعرّي ويكشف هزال "الربيع العربي" المزيف وجماعاته والقوى
"الثورية" التي لم تطلق رصاصة واحدة، لا بل إن قوى التطرف الإرهابية
باسم الدين في سوريا، تعتبر أن القتال في غزة ضد إسرائيل لا يغريها وهو لن يحرفها
عن هدفها المحوري أي اسقاط النظام السوري.
ـ زمن غزة يكشف أيضاً رداءة الأداء العربي الرسمي، ذاك الذي استنفر في ليبيا
وسوريا واستدعى الأطلسي، وهو ذاته باهت وشبه متواطئ ضد غزة عدا بعض التصريحات التي
لا تسمن ولا تغني من جوع.
ـ زمن غزة يجدد
التأكيد أن محور المقاومة هو محور فلسطين بحق وليس العكس. حيث نكتشف من أين أتى
السلاح إلى غزة ومقاومتها ومن كان يدعم ومن بقي كذلك، فحتى سوريا أعلنت دعمها غزة
والمقاومة رغم خلافها مع حماس.
ـ
زمن غزة يكشف هزال المنظمات الدينية ومن يوصفون بالعلماء الذي لم يتوقفوا عن إصدار
الفتاوى من أجل العدوان على أراض وشعوب عربية، والإفتاء بشرعية العدوان الخارجي
على ليبيا وسوريا بحجة مواجهة الدكتاتورية، لكنهم في زمن غزة اكتفوا بمواقف باهتة
وذابلة لا بل لم يجتمعوا رغم ضراوة العدوان ورغم أن الحرب امتدت لواحد وخمسين
يوماً.
ـ زمن غزة أكد من جديد ازدواجية المعايير الدولية.
ـ أخيراً زمن غزة يكشف حقيقة الإعلام وتوجهاته وأدائه والنخب السياسية
والثقافية العربية: من كان فعلياً مع غزة وفلسطين ومن كان عكس ذلك أو متاجراً بها.
على الرغم من أن الميادين خصصت
برنامجاً بعنوان "زمن غزة" خلال العدوان الأخير لكنها كانت
تقدم برنامجاً يومياً اسمه "فلسطين تقاوم"
وكان متخصصاً في مواكبة كل ما كان ينشر على مواقع الانترنت وما كانت تعج به مواقع
التواصل الاجتماعي من تفاعلات. والأهم، انه
مع انتهاء العدوان مباشرة، فإن "الميادين" أعلنت فوراً "انتصار فلسطين"
وليس انتصار غزة.. غزة، أي فلسطين بكل ما تعنيه في معركة الأمة الوجودية الكبرى.