تونس: "الجهاديون العائدون" قنبلة موقوتة في تونس؟
يدور في تونس سجال واسع حول قضية "عودة الجهاديين من سوريا والعراق" وحول كيفية تعامل السلطات مع هذا الأمر. احتجاجاتٌ نُظمت في العاصمة تونس ضد عودة "الجهاديين" التونسيين وسط جدل سياسي متصاعد وأراء متباينة ودعوات لإسقاط الجنسية عنهم، والمجتمع منقسم حول هذا الموضوع، لا سيما أن تونس تشارك بنصيب وافر من ظاهرة "الجهاديين عابري الحدود"، وتتصدر قائمة الدول المُصدرة لهم.
"عام" العائدين ؟
وأشار التقرير الأممي إلى أن عدد المقاتلين التونسيين في هذه التنظيمات "هو الأعلى ضمن الأجانب الذين يسافرون للإلتحاق بمناطق النزاع".
وحتى الآن، عاد 800 "جهاديّ" إلى تونس حسبما أعلن وزير الداخلية الهادي المجدوب، الجمعة.
مثل هذا الجدل، يدور في معظم البلدان التي كانت لها حصة في تشكيل ظاهرة "الجهاديين الأجانب"، فالأعداد متفاوتة، وكل دولة تتقدم بقائمة تغاير ما تقدمه دول أخرى.
تتعدد الاقتراحات بشأن كيفية التعامل مع"العائدين"، وإن كانت سلطات هذه البلدان جميعها، يراودها حلم واحد، هو التخلص منهم في سوريا والعراق، قبل أن تتاح لهم فرصة العودة لأوطانهم الأصلية.
والجدل في تونس تحديداً حول هذا الموضوع يعكس أيضاً الصراعات الموجودة بين تيارات سياسية في البلاد، حيث شكّل هذا الحدث مناسبة لتبادل الاتهامات بينها، وانقسمت بين مؤيّد ومعارض.
بين مؤيد ومعارض...
"الحزب الحاكم” والاتحاد الوطني الحر والثوابت والاشتراكي والعمل الوطني الديمقراطي ومشروع تونس، أكدوا أنّ استقرار تونس يعتبر من استقرار المنطقة وأمنها من أمن جيرانها وخاصة منها الجزائر.
كذلك بالنسبة للأحزاب السياسية اليسارية والقومية، ومنظمات المجتمع المدني ووسائل إعلام ومثقفون، الذين تلخص موقفهم في عدم قبول عودة هؤلاء "الجهاديين" قطعاً إلى تونس، ومنهم من يزيد على ذلك بأن تتم محاكمتهم من الدول التي قاتلوا على أرضها. أمّا النقابة الرئيسية لقوات الأمن في تونس فقد حذرت الحكومة من أن عودة "جهاديين" تونسيين من الخارج قد يؤدي إلى "صوملة" البلاد، مطالبة بمنعهم من العودة وسحب الجنسية التونسية منهم.
وكشف الوزير التونسي المكلف بالعلاقة مع المنظمات والهيئات الدستورية في تصريح صحافي الجمعة أن السلطات في تونس شرعت في بناء سجن كبير لإيداع العائدين من بؤر التوتر خصوصاً في ليبيا وسوريا والعراق، مع فرض رقابة مشددة داخله وخارجه.
حركة النهضة من جهتها رأت أنّ الحل الأمثل في "فتوى التوبة للجهاديين" وقبول عودتهم وتجَلى هذا الموقف بقول رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قوله إن "اللحم إذا بار، عَليْه بأهله، نحن لا نستطيع أن نفرض على الدول الأخرى الجهاديين التونسيين"، وقوبلت هذه التصريحات بانتقادات حادة من أغلب الأحزاب السياسية.
وعلّق رئيس الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس سفيان طوبال على تصريح الغنوشي بالقول "الإصبع إن تعفّن فإن القص أولى به" وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام تونسية.
وكان الرئيس الباجي قايد السبسي رفض قبل شهر مقترح سحب الجنسية الممنوع بموجب الدستور التونسي، وقال "لا يمكننا منع تونسي من العودة إلى بلاده، لكننا بالتأكيد سنكون يقظين".
لا لعودة "الجهاديين" عابري الحدود..
وردّد المتظاهرون شعارات عدّة من بينها: "لا توبة.. لا حرية.. للعصابة الإرهابية"، "لا لعودة الدواعش"، "إرادة سياسية ضد الجماعات الإرهابية"، وأخرى معادية لراشد الغنوشي.
وعبرّ المتظاهرين عن قلقهم من عودة "الجهاديين" وقيامهم بأفعال الذبح والقتل مثلما توعدوا في أشرطة فيديو التي نشروها على الإنترنت، مطالبين على الدولة أن تحمي الشعب من هذا الخطر.