منذ تسلمه رئاسة الحكومة اليونانية في
مطلع هذا العام، لا ينفك أليكسيس تسيبراس عن بعث رسائل مفادها بأنه "شخص غير
قابل للاخضاع". يترأس حكومة يسارية راديكالية هي الوحيدة من نوعها الحاكمة في
دولة اوروبية. ومذذاك دخل الزعيم الشاب المشهد اليوناني وأدخل معه القلق في قلب
بروكسيل عاصمة الاتحاد الأوروبي.
منبع القلق الاوروبي ليس في
الايديولوجيا وحسب. فقاموس الاتحاد الأوروبي وشقيقيه البنك المركزي الاوروبي
وصندوق النقد الدولي، المرتكز على التقشف القاسي كقاعدة رئيسة، لا يتوافق وسياسة
الحزب اليساري. لا بد إذن أن تنفجر العلاقة يوما ما، وقبل الانفجار، كان لا بد من
المفاوضات بشروط أوروبية رفضت حكومة "سيريزا".
وفي القمة الاوروبية الاستثنائية
لمعالجة الازمة اليونانية، لا مكان للون الرمادي ألمانيا وتحديدا الصقور في حزب
انغيلا ميركل اليميني. وفي الاتحاد الاوروبي من أسبانيا إلى البرتغال وايرلندا
وجميع دول شمال أوروبا ممن شاركوا في تمويل خطط الانقاذ المالي لليونان. قد تقول
للحكومة اليونانية:" انتهت اللعبة". قرار يعني إخراج اليونان من منطقة
اليورو، وبالتالي إعلان إفلاسها ما يعني أيضا بدء انفراط العقد الأوروبي وإعلان
فشل تجربة اليورو.
وقد لا تسمح المانيا بسلخ اليونان عن
الحضن الأوروبي. هذا على الاقل ما يراهن عليه تسيبراس لأسباب عديدة. لكنه لا يكتفي
بذلك. فمن أجل إنقاذ بلاده التي تغرق في نسبة بطالة تبلغ 25 % طرح بدائل على أوروبا،
وتوجه في الوقت نفسه نحو روسيا والصين ودول البريكس. وقع مع موسكو اتفاقا لبناء خط
أنابيب غاز يمر عبر اليونان بتمويل روسي.
وفي السياسة نأى بنفسه عن تهديدات
الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جديدة على موسكو في الازمة الأوكرانية.
التقارب اليوناني الروسي تحت قبة
العقيدة الاورثوذكسية يتسبب بقلق أميركي. قلق دفع بباراك أوباما إلى إسداء النصح
لزعماء أوروبا بأن اتبعوا الليونة مع اليونان. فالتنازلات على ما قال مطلوبة من
الجميع.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
سياسية الخصوصية