عقيدة جديدة للسياسة الخارجية الروسية.. إعادة النظر في الأولويات
عقيدة جديدة أقرها بوتين للسياسة الخارجية الروسية لتحل مكان العقيدة السابقة التي أقرت عام 2013، أي قبل وقوع روسيا تحت تأثير الأزمة الأوكرانية وقبل إرسال قواتها إلى سوريا، وتواجه روسيا معضلات عـدة في تحقيق سياستها الخارجية إلا أن ذلك لا يلغي أنها تتمتع بمزايا استراتيجية.
حلفاء لكن خصوم
ومن أهم ما ورد في العقيدة الجديدة ويعبّر عن هذا الأمر، توضيح موسكو أنها لن تقبل بمحاولات الضغط من واشنطن وأنها ستحتفظ بحق الرد بقوة على إجراءاتها غير الودية، "وذلك على الرغم من الحرص الروسي على علاقات منفعة متبادلة مع الولايات المتحدة".كما ورد أن موسكو ترى في الاتحاد الأوروبي "شريكاً هاماً تتطلع إلى تعاون مستقر معه"، ولكنها "تنظر بسلبية إلى تعزيز حلف شمال الأطلسي حشوده على حدودها".
أهم النقاط في العقيدة الجديدة
- وفق العقيدة الخارجية الجديدة يجب إنشاء تحالف دولي واسع لمحاربة الإرهاب. - كما أن موسكو ستواصل نهج التسوية الدبلوماسية للنزاعات في الشرق الأوسط دون تدخل خارجي فالشرعية الدولية أمر يمثل أولوية. - إذ ترى موسكو ضمن هذه العقيدة ألا بديل عن الأمم المتحدة كمركز لتنظيم العلاقات الدولية.لا تعترف روسيا بتعميم واشنطن لتشريعاتها متجاوزة القانون الدولي - وترى أن نهج أميركا وحلفائها الهادف إلى ردع روسيا وممارسة الضغوط عليها يقوض الاستقرار الإقليمي والدولي. - كما يشير المرسوم الرئاسي حول هذه العقيدة أن خطر الحرب بين القوى الكبرى ضئيل لكنه يكبر مع زيادة التدخلات في النزاعات. - وتوضح موسكو أنها لن تقبل بمحاولات الضغط من واشنطن وستحتفظ بحق الرد بقوة على اجراءاتها غير الودية. - وذلك على الرغم من الحرص الروسي على علاقات منفعة متبادلة مع الولايات المتحدة. - كما ترى موسكو في الاتحاد الأوروبي شريكا هاما تتطلع إلى تعاون مستقر معه. - ولكن موسكو تنظر بسلبية إلى تعزيز حلف شمال الأطلسي حشوده على حدودها. - محادثات خفض الأسلحة الاستراتيجية تكون فعالة اذا اخذت كل العوامل بعين الاعتبار. - روسيا مستعدة لمناقشة تقليص القدرات النووية. - كما أنها تدعم إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل خصوصا في الشرق الاوسط. - كما أن موسكو ترى في انعدام الاستقرار في أفغانستان تهديدا لروسيا التي ستبذل جهودا للحل. - روسيا تنظر إلى تعزيز مكانتها في آسيا والمحيط الهادئ بشكل استراتيجي. - كما أن روسيا ستحافظ على وجودها في القارتين القطبيتين الجنوبية والشمالية.
معضلات موسكو وطموحات بوتين
وينظر البعض على أن روسيا تسعى لاستعادة المكانة التي افتقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكنها تفتقر للإمكانات الاقتصادية والجيوسياسية التي كانت لدى الاتحاد. إلا أن ذلك لا يلغي أن روسيا ما زالت تتمتع بعدد من المزايا ما يسمح لها ترسيخ سياسة خارجية ندية. إذ تـمـثـل روســيــا مـفـتـرق طــريــق بـيـن قــارتــي أوروبـــا وآســيــا، ومــن هــنا يـظـهـر الـمـوقـع الـجـيـوسـيـاسـيّ الـمـهـم لـهـا. فـمـن حـيـث الـمـسـاحـة، تـعـتـبـر روسـيـا أكـبـر دولـة فـي الـعـالـم، وهذه المساحة الشاسعة تعتبر أحد أهم عناصر القوة الروسية من الغرب إلى الـشـرق من منظورين، أمني وسياسي. شكل وصول بوتين إلى الحكم نقطة تحول في السياسة الخارجية الروسية بعدما وصلت إصلاحات يلتسين سنة ٢٠٠٠ إلى طريق مسدود في كل المجالات، وأوصلت روسيا إلى حافة الانهيار التام كدولة وكمجتمع، وتراجعت مكانتها ودورهـا العالميين. وهدفت السياسة الروسية الخارجية الجديدة إلى تطوير دور روسيا في عالم متعدد الأقطاب، لا يخضع لهيمنة قوة عظمى واحدة، والعمل على استرجاع دورها في آسيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى، وعدم السماح للغرب بتهميش هذا الدور، وبخاصة إعادة نفوذ روسيا إلى دول الاتـحـاد السوفياتي سابقاً، ودول آسيا الوسطى وذلـك للحفاظ على الأمـن القومي الروسي، والتحكم في النزاعات العرقية في الجوار الإقليمي. أما بخصوص آسيا الوسطى التي عبرّت العقيدة الجديدة في بعض جوانبها عنها فقد لخص بريجنسكي، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، وضـع روسـيـا فـيها بقوله: "روسـيـا هـي أضـعـف كثيراً مـن أن تستطيع إعـادة فـرض سيطرتها الإمبريالية، ولكنها أقـوى كثيراً مـن إمكانية إخراجها منها. ولأسباب جغرافية وتاريخية، وثقافية وعرقية واستراتيجية، سوف تستعمل روسيا الوسائل المتاحة من أجل محاولة حماية مصالحها في المنطقة".