بعد تكريت.. لماذا كانت وجهة الجيش العراقي إلى الأنبار؟
اتجاه المعارك في العراق نحو الأنبار يشير إلى حجم الضغوط الاقليمية والدولية في العراق، لكنها ربما تكشف حدود بعضها في التقاطع والتباين مع "داعش".
لكن الواقع الميداني والسياسي باتجاه الموصل، لا يبدو متاحاً للجيش العراقي والحشد الشعبي، حيث يسعى تحالف واشنطن إلى إرجاء مواجهة "داعش" في هذه المنطقة ريثما تجد تركيا موطىء قدم يحفظ لها نفوذها في العراق. فتركيا التي تتقاطع مع "داعش" في استخدامه حصان طروادة لتعزيز نفوذها، تتقاطع بدورها مع واشنطن في مسعى تفكيك العراق وربما سوريا إلى كيانات وأقاليم. في هذا السياق يبدو اتجاه الجيش العراقي والحشد الشعبي باتجاه الأنبار أكثر تعقيداً من معارك تكريت وصلاح الدين، نظراً لخصوصية بعض عشائر الأنبار التي لم تحسم أمرها بعد في مواجهة "داعش" على وسع صحراء ممتدة. بيد أن معارك الأنبار تعترضها من الجانب الآخر متغيرات الجغرافيا السياسية التي خرقها "داعش" بين سوريا والعراق، سواء في تكسير الحدود أم في خطوط الإمداد من الرقة ودير الزور. في هذا الصدد ربما لا تكون صعوبة مواجهة "داعش" في الأنبار صعوبة ميدانية وعسكرية بمقدار ما هي فرصة للإفادة من الدروس من أجل التضامن بين جميع أبناء العراق في مواجهة المخاطر المشتركة. بموازاة ذلك قد لا يكون دحر "داعش" بين العراق وسوريا ممكناً من دون جهود سورية عراقية مشتركة. بل أبعد من ذلك، ربما تصل هذه الجهود المشتركة التي لا حيد عنها على أرض الميدان، كما يبدو، إلى البحث في إعادة تنظيم الحدود المشتركة على غير ما يشتهي تحالف واشنطن في تقسيمها. في تكريت وصلاح الدين كانت معركة في مواجهة "داعش" لكن أدوات كسب المعركة قد لا تكون هي نفسها أدوات كسب الحرب.