فضائية الخليل.. قناة الرجل الواحد
قناة الخليل ليس لها طابع سياسي، بل هي فضائية شعبية بنكهة إنسانية، تعتمد على الإعلانات التجارية في تغطية نفقاتها وأجور موظفّيها، ووصل عدد مشاهديها بعد أربع سنوات على انطلاقتها لأكثر من 50 مليون مشاهد، وهي نسبة المشاهدات الأعلى بالنسبة لقناة فلسطينية، كما يُفيد مراسلها ومالكها.

قناة الخليل ليس لها طابع سياسي، بل هي فضائية شعبية بنكهة إنسانية، تعتمد على الإعلانات التجارية في تغطية نفقاتها وأجور موظفّيها، ووصل عدد مشاهديها بعد أربع سنوات على انطلاقتها لأكثر من 50 مليون مشاهد، وهي نسبة المشاهدات الأعلى بالنسبة لقناة فلسطينية، كما يُفيد مراسلها ومالكها.
ورداً على سؤال "الميادين نت" عن عدم تطرّق القناة للجانب السياسي قال صاحب القناة وليد العمايرة: أدركت خلال بيعي الهريسة وجود وحدة فلسطينية حقيقية حول الطبيخ، بينما في الصحافة تكتب مقالاً فإما أن تغضب حركة فتح أو حركة حماس، جرّاء الانقسام السياسي بينها وغياب حال الوحدة الوطنية.
وكان العمايرة سابقاً يرأس صحيفة أخبار الخليل قبل أن تغلقها الأجهزة الأمنية الفلسطينية عام (2002) لأسباب سياسية، ليتحوّل لبائع هريسة لمدة أربع سنوات كما أشار ل "الميادين نت"، ثم عاد لمنصبه الأول وكتب على صدر صفحتها الأولى مقالاً بعنوان "رئيس التحرير الذي تحوّل لبائع هريسة .. من بركات عملية السلام". يُضيف العمايرة "فضائية الخليل كسرت فكرة الإعلام التقليدي"، كما أنها تحاربه، وانتقلت إلى فكرة إعلام الميدان والواقع والحدث والموسم والاجتماعي، وهي غير موجّهة للشباب الذين يبحثون عن كل ما هو سريع، أو الغارقين في متابعة تطوّرات الحياة من خلال منصّات الإعلام الجديد، والاهتمام بمتطلّبات الموضة و "البرستيج".
ويُعلّل العمايرة رؤيته لمحتوى قناته بالقول: سئِم الناس أخبار استقبل وهنأ وجاء وغادر وأدان واستنكر، واللغة الرسمية في التعاطي مع الأحداث، والمُذيع الذي يرتدي لباسه الرسمي ولا ينطق إلا لغة فصحى، فالناس يبحثون عن الإعلام العفوي، الخارج من واقعهم والمُعاد لهم كما هو.
ولا يُبالي العمايرة في عرض حلقة أو برنامج يستمر لخمس ساعات متواصلة مع عجوز طاعنة في السن تجلس على أحد أرصفة المدينة تبيع التين أو العنب، يقول: من الممكن تسجيل حلقة كاملة عن قرية تستمر لمدة 20 ساعة متواصلة وبثّها، "وإلي ما بدو يشوفنا مع السلامة".
يُضيف العمايرة "من المُحبّب للقناة الجلوس مع كبار السن للحديث عن عادة أو ذكريات قديمة، ولا يعيبها أن تبّث أربع ساعات متواصلة لمتابعة فرح أو بيت أجر، أو لمشاهدة صلح عشائري أو افتتاح شركة تجارية أو حتى سماع قصة رجل أعمال، فهذا جزء أساسي من جدول بثّنا اليومي".
ويؤكّد وليد العمايرة ل "الميادين نت" عن فخره ببثّ مقطع مصوّر له أثناء حلقة من برنامجه "مع الناس" في قرية الولجة جنوب مدينة بيت لحم، أثناء تقبيله للحمار الذي صادف وجوده أثناء تصوير الحلقة، وشكره للحمار على خدمته في مساعدة الناس وفهمه للواقع، والإعتذار له عن الإهانة التي يتعرّض لها من قِبَل الناس.
وتعمل القناة من خلال مراسلها الوحيد عمايرة الذي يطوف مناطق متعدّدة من الضفة الغربية، وعن آلية تقديمه للبرامج يوضح العمايرة لمراسلنا "الحدث هو الذي يفرض نفسه، فعند افتتاح معرض، أو الحديث عن قرية أو خطبة جمعة، فشخوص الحدث هم أنفسهم مذيعون، فلماذا الحاجة لمراسلين إذا كان كل الشعب مراسلين لها؟".
ويرى رئيس قسم الإعلام في جامعة فلسطين التقنية العروب عمر الفطافطة أن فضائية الخليل مزيج من الإعلام والدعاية، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الإعلامية ذات الطابع الاجتماعي، وأشار الفطافطة إلى أن القناة لا تنمّي الشعور بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية، وتنتهك الحقوق والحريات الشخصية للمواطن الفلسطيني.
وطالب الفطافطة في حديثه لمراسلنا قناة الخليل بإعادة تقييم محتوى برامجها، ليتسنّى للمواطن الفلسطيني النظر إلى عاداته وتقاليده وتراثه بعين الفخر والاعتزاز، والتعبير عن رؤية استراتيجية في تقديم محتوى مفيد له مغزى، وإشباع الفضول الإخباري والمعرفي للمواطن الفلسطيني، ونشر وطرح القضايا الاجتماعية بمهنية ومصداقية.
الشابة ياسمين الحداد من مدينة الخليل، ترى أن القناة إيجابية ومهمة، وتعود باللاجئين لحكايا آبائهم وأجدادهم، وللقرى والمدن التي يسكنهم حنين العودة إليها، لكنها تسجّل اعتراضاً على طريقة إدارة العمايرة لبرامجه وما يسود حلقاته من فوضى، وبعض الصوَر التي تعكس واقعاً متخلفاً عن حياة شعبها.
ويرى الإعلامي رائد الأطرش أن مذيع قناة الخليل يفتقر إلى القواعد المهنية الإعلامية السليمة، مضيفاً "القناة مُسيئة إلى عادات وتقاليد شعبنا، وغياب البرامج والحوارات السياسية عن برامجها يؤدّي إلى تغييب حال الوعي الوطني، وهو ما يُعتبر مخالفاً لأهداف الإعلام الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال".
أما الستينية زكية دعسان من سعير تتابع القناة لأنها تبثّ تقارير محلية من مدينة الخليل، وتركّز على عرض القضايا التراثية والبرامج القريبة من ميول واهتمامات كبار السن، لافتة إلى أنها سئِمت متابعة الأخبار، لهذا تفضّل متابعة فضائية الخليل بمختلف تغطياتها وبرامجها.
ويُعلّق العمايرة على مَن يصف القناة بالمُملّة أو السلبية قائلاً: "الملل ناتج من حال الإرباك التي تلف الشارع الفلسطيني، والسلبية تولّدت من الضغط النفسي الذي تسبّب به السياسيون وأفعالهم التي لم تعد مُجدية ومُقنعة، والقناة ليست معنية بالشباب كمشاهدين ومتابعين لها.
وينفي العمايرة ما يتداوله أهل الخليل بأنه هو صاحب القناة، ويُعرّف عن نفسه بأنه موظّف ومُراسل فيها، ويُشبّه نفسه بأنه "one man show" كعادل إمام، ويرى أن "أسلوبه في الحديث وخفّة ظلّه وعفويّته في التقديم هي أساس نجاح القناة، لعدم وجود إعلام يتعامل بهذا الأسلوب".
العمايرة الذي يقف على أعتاب الستين من العمر، زار أكثر من 130 دولة في العالم في ثمانينات القرن الماضي، ختم حديثه "للميادين نت" بالقول: تعال بعد خمس سنوات ستجد السياسيين عبر فضائية الخليل يتحدّثون عن رحلاتهم وبطولاتهم من منظور آخر، يكشف ويُعرّي عوراتهم، ولكن فضائية الخليل لا تطيق السياسة اليوم.