أوباما تلقّى "قنبلة استخباراتية" حول روسيا .. ما هي؟
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تكشف كيفية تعامل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مع قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
وقالت الصحيفة إنه في شهر آب/ أغسطس الماضي، تلقى البيت الأبيض رسالة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، طُلِب أن لا يطّلع عليها أحد غير أوباما وثلاثة من مستشاريه.
ووصفت الصحيفة محتوى تلك الرسالة بأنه "قنبلة استخباراتية"، لكونه يحمل تقريراً استخباراتياً مستمدّاً من مصادر عميقة داخل الحكومة الروسية، يفصّل كيف أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاد الانخراط في حملة إلكترونية لتعطيل وتشوية عملية الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
وجاء في ذلك التقرير أنّ بوتين أصدر أوامر محدّدة وهي العمل على هزيمة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أو على الأقل ضرب جهودها، والمساعدة على انتخاب خصمها دونالد ترامب، وهو الذي أصبح اليوم رئيساً للولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، قالت الصحيفة إن القراصنة الذين يتعاونون مع أجهزة الاستخبارات الروسية عملوا على اختراق شبكات أجهزة كومبيوتر الحزب الديمقراطي، فضلاً عن بعض الأنظمة التابعة للحزب الجمهوري لفترة تتجاوز العام. وتضيف الصحيفة، أنه في شهر تموز/ يوليو الماضي، قام مكتب التحقيقات الفدرالي FBI بفتح تحقيق بشأن التواصل بين مسؤولين روس ومقرّبين من ترامب. وفي 22 من الشهر نفسه، تم نشر 20 ألف رسالة إلكترونية من قبل موقع "ويكيليكس" كانت قد سُرقت من اللجنة الوطنية الديمقراطية.
تتابع الصحيفة وتقول إنّ أوّل من علم بما تقوم به روسيا هي الـ CIA، حيث أنّ مدير الوكالة جون برينان أبقى الأمر بعيداً عن الملخّص اليومي الذي يتلقاه أوباما نظراً لحساسيته. كما أنه حينما تم إبلاغ أوباما بالأمر، طُلب أن يتم استرجاع الرسالة التي وصلته مباشرة بعد قراءتها. بالإضافة إلى ذلك، تم اتباع بروتوكولات صارمة في الاجتماعات التي عُقدت لتباحث الأمر كتلك التي تم اللجوء إليها عند التخطيط لقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.
وتطلّب الأمر بعض الوقت بحسب الصحيفة الأميركية ليعلم باقي أجزاء المجتمع الاستخباراتي الأميركي بما اكتشفته الـCIA ، وقد علم الجمهور فقط خلال الأسابيع الأخيرة بما قام به بوتين.
وعلى مدى خمسة أشهر، درست إدارة أوباما سرّاً خيارات عديدة لردع روسيا أو معاقبتها، بما في ذلك القيام بهجمات إلكترونية على البنية التحتية الروسية، الإفراج عن مواد تجمعها الـ CIA يمكن أن تحرج بوتين وعقوبات تؤذي الاقتصاد الروسي.
لكن في نهاية كانون الأول/ ديسمبر، وافق أوباما على مجموعة متواضعة من التدابير التي وُضعت لمعاقبة روسيا على قضايا مختلفة عن قضية التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، كطرد 35 دبلوماسياً، إغلاق مجمعَيْن روسيّيْن، وفرض عقوبات اقتصادية على نحوٍ ضيّقٍ جداً حتى أولئك الذين عملوا على إقرارها قالوا إن أثرها سيكون رمزيّاً إلى حد كبير.
وتفيد معلومات "واشنطن بوست" بأنّ أوباما وافق على إجراء سرّي لم يُكشف عنه سابقاً، وهو زرع أسلحة إلكترونية في البنية التحتية الروسية، تعادل قنابل رقمية يمكن تفجيرها إذا وجدت واشنطن نفسها في مواجهة متصاعدة مع موسكو. لكن هذا المشروع الذي وافق عليه أوباما سرّاً، كان لا يزال في مراحل التخطيط عندما غادر أوباما منصبه، وسيكون على ترامب أن يقرّر ما إذا كان سيستخدم هذه القدرة.
ووصفت الصحيفة الهجوم الروسي أنه جريمة القرن من الناحية السياسية، وأنه هجوم غير مسبوق وناجح إلى حد كبير ومزعزع لاستقرار الديمقراطية الأميركية. واعتبرت الصحيفة أنّه لم يكن هناك وقت لمواجهة هذا الهجوم، أو لتعقّب الكرملين من خلال جمع الأدلّة الجنائية الإلكترونية والمعلومات الاستخباراية بشأن تورّط بوتين. مع ذلك، ترى الصحيفة أنّه بسبب الطرق المتباينة لتعامل أوباما وترامب مع هذه المسألة، يبدو أنّ موسكو لن تواجه عواقب متناسبة لما تُتَّهمُ به.
أما المقرّبون إلى إدارة أوباما، فيدافعون عن رد الإدارة الأميركية آنذاك على روسيا. وهم يعتبرون أنه بحلول شهر آب/ أغسطس كان قد فات الأوان لمنع نقل وثائق للحزب الديمقراطي إلى موقع "ويكيليكس"، ويرَون أنّ سلسلة من التحذيرات التي وجهها أوباما إلى بوتين في شهر أيلول/ سبتبمر الماضي دفعت موسكو إلى التخلّي عن أي خطط لاعتداءات أخرى مثل تخريب نظم التصويت الأميركية.