زراعة التبغ في جنين مصدر رزق وحياة

نظراً للظروف الاقتصادية المتدهورة وتآكل الأجور وارتفاع معدلات البطالة ونِسَب الفقر في المجتمع الفلسطيني، والارتفاع الباهظ لأسعار التبغ المُصنّع من قِبَل الشركات المحلية والمستوردة الأجنبية، وبسبب الطلب المتزايد من المُستهلكين عليه، أخذت بلدة يعبد في محافظة جنين المحتلة زراعة وتصنيع التبغ للمُستهلكين المحليين.

يُنتج مزارعو يعبد البالغ عددهم حوالى 400 مزارع 1200 طن من التبغ سنوياً، تستهلك منه شركة سجائر القدس الفلسطينية حوالى 200 طن سنوياً
كشفت دراسة أعدّها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخراً، أن معدل الإنفاق الشهري للأسرة الفلسطينية على التبغ يصل إلى نحو 44 دولاراً شهرياً، وحوالى 71% من التبغ المُستهلَك هو من التبغ المستورَد، وتقدّر قيمته بنحو 320 مليون دولار سنوياً، وهي نسبة تفوق الإنفاق على التعليم، فيما يبلغ متوسّط دخل الأسرة الفلسطينية حوالى 500 دولار شهرياً.

ويُنتج مزارعو يعبد البالغ عددهم حوالى 400 مزارع 1200 طن من التبغ سنوياً، تستهلك منه شركة سجائر القدس الفلسطينية حوالى 200 طن سنوياً، وينتج الكيلو الواحد 50 علبة سجائر، فيما تُباع الكميات المُتبقّية في السوق المحلية، وتساوي 65 مليون علبة سجائر، وأدّى الطلب المُتزايد على التبغ المحلي إلى ارتفاع أجرة استئجار الأرض.

وكشفت بلدية يعبد ل "الميادين نت" أن التبغ الأخضر المزروع في سهول البلدة، وحتى في حدائق بيوتها، أدى إلى استغناء سكان البلدة عن العمل داخل الأراضي المحتلة، كونها زراعة تدرّ الملايين من النقود سنوياً على سكان البلدة، ما يحقّق لهم عائداً مادياً جيّداً، الأمر الذي أدّى  إلى انعدام البطالة في البلدة.

وقال رئيس بلدية يعبد سامر أبو بكر ل "الميادين نت": يكاد يبلغ معدّل البطالة في البلدة والقرى المجاورة صفراً، كون جميع أفراد الأسرة يساهمون في زراعة التبغ وعمليات تجفيفه وتعبئته وتسويقه، وحقّق العمل في زراعة وتجارة التبغ ثروات هائلة للعديد من أهالي البلدة، والاستغناء عن العمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

وأضاف أبو بكر "يمر هذا المُنتَج بمراحل عديدة وكل مرحلة لها مضارها على التربة، ولكن بسبب الجدوى الاقتصادية المُربحة، وبكونه يُزرَع ضمن المحاصيل البعلية دون كلفة عالية، يستمر المزارع في عملية زراعة الدخان من دون الالتفات إلى إجراءات علمية للحفاظ على العناصر المعدنية والعضوية في التربة من خطر التآكل".

وقال رئيس الجمعية التعاونية لزراعة وتسويق التبغ في جنين توفيق عطاطرة  ل "الميادين نت": توصّل العديد من الأبحاث والدراسات إلى أنه لا صحة للمُعطيات التي تُشير إلى  فقدان الأرض أبرز عناصرها، بسبب استنزاف الأراضي المزروعة بالتبغ، والمزارع أولاً وأخيراً يسعى إلى الربح الآمن في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وغياب الدعم الحكومي للقطاع الزراعي.

وأضاف عطاطرة "المساحات المزروعة بالتبغ شهدت زيادة مضطردة في الأعوام العشرة الأخيرة بسبب الطلب الكبير من المُستهلكين المحليين عليه، والتي باتت بديلاً للسجائر المُصنّعة محلياً والمستوردة الأجنبية، وبات لدى شرائح واسعة من المجتمع إقبال كبير على شراء التبغ المُصنّع محلياً لانخفاض سعره وسهولة توافره".

ويبلغ سعر علبة السجائر المُصنّعة من تبغ يعبد حوالى نصف دولار، بينما يبلغ متوسّط سعر علبة السجائر المُستورَدة الأجنبية حوالى خمس دولارات، ويتم تسويق التبغ المحلي بعيداً عن عيون جُباة الضرائب والضابطة الجمركية الفلسطينية، ما يفقد الحكومة بحسب مصادر في وزارة المالية نحو 97 مليون دولار سنوياً.

وقال المزارع حامد عطاطرة ل "الميادين نت" أن زراعة التبغ لا تحتاج إلى تكلفة مالية كبيرة، ولا تحتاج إلى كثير من المياه والأسمدة، ولا تتأثّر بالتقلّبات الجويّة، وتسويق التبغ سهل جداً، لنعود آخر الموسم ونقوم بقطفه وبيعه إلى تجّار الدخان بأسعار ممتازة، وربما ما نشتريه هو أشتال التبغ وبأسعار قليلة جداً.

إيرادات الجمارك والمكوس الفلسطينية السنوية من السجائر والتبغ تبلغ حوالى 1500 مليون شيكل
وتشير بيانات جهاز الضابطة الجمركية الفلسطينية إلى أن التعبئة اليدوية للتبغ المحلي، لا تشكّل خطراً كبيراً على خزينة الدولة، مقارنة مع إنتاجها عبر الماكينات الميكانيكية الحديثة، حيث طوَّر المزارعون من طريقة تعبئة التبغ باستخدام ماكينات ميكانيكية حديثة، لمواكبة الطلب المتزايد على  السجائر المُصنّعة محلياً.

ومن الجدير ذكره أن إيرادات الجمارك والمكوس الفلسطينية السنوية من السجائر والتبغ تبلغ حوالى 1500 مليون شيكل، منها 250 مليون شيكل إيرادات من الشركات المحلية والباقي من الاستيراد، بينما تقدّر خسائر الخزينة الفلسطينية حوالى 400 مليون شيكل سنوياً، منها 200 مليون شيكل من تبغ يعبد، و200 مليون شيكل نتيجة تهريب سجائر مستوردة مع المسافرين عبر معبر الكرامة.

وتشير بيانات الجمارك والمكوس الفلسطينية إلى أن 71% من التبغ والسجائر المُستهلكة تأتي من الاستيراد، وأن قيمة الاستيراد السنوي تصل إلى 450 مليون دولار، بينما قيمة الاستهلاك السنوي تصل إلى 550 مليون دولار، الأمر الذي يعني فقدان 100 مليون دولار، وهذا تقريباً هو حجم التهريب.

 

اخترنا لك