أوروبا تتوجس..هل تمدّ معركة الموصل جسور التعاون؟

طوال العامين الماضيين أصدرت وكالات الأمن الأوروبية إشارات إلى ترقّب هجرة مئات المقاتلين من التنظيم إلى أوروبا ,عزز هذه الإشارات الواقع المأزوم بتنفيذ عدد من الهجمات في عدة عواصم ومدن أوروبية.

تترقب الدول الأوروبية معركة تحرير الموصل، من زاوية أمنيةٍ بالدرجة الأولى، بعد تواتر التقديرات المتزايدة عن أنها ستكون وجهة "الذئاب المنفردة" الهاربة من أرض الخلافة.

في مطلع العام 2016، قدّرت قوات التحالف عدد مقاتلي داعش في الموصل بعشرة آلاف، مشككةً بإمكانيةِ تحريرها قبل نهاية العام الجاري.

مع بداية عملية تحرير الموصل، قدّر الناطق باسم التحالف عدد مقاتلي داعش فيها ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف وخمسمئة عنصر، من دون أن يكشف مصير العدد المماثل الذي كان يتمركز فيها قبل أشهر قليلة.

طوال العامين الماضيين، أصدرت وكالات الأمن الأوروبية إشارات إلى ترقّب هجرة مئات المقاتلين من التنظيم إلى أوروبا. عزز هذه الإشارات الواقع المأزوم بتنفيذ عدد من الهجمات في عدة عواصم ومدن أوروبية.

اليوم تتحدث مفوضية الأمن في الاتحاد الأوروبي عن 2500 مقاتل يحملون جنسيات أوروبية في صفوف داعش.

بحسب تقارير متقاطعة، ينتمي مقاتلو داعش إلى 86 دولة، يُشكل الأوروبيون ما نسبته 21 في المئة منهم، أتوا من فرنسا، بريطانيا، المانيا، بلجيكا، السويد، النمسا، إسبانيا، ألبانيا، الدنمارك، مقدونيا، إيطاليا، فنلندا، النروج، سويسرا، إيرلندا، البرتغال، سلوفاكيا، بولندا، كرواتيا ورومانيا.

تُصنّف أجهزة مكافحة الإرهاب الأوروبية ثلاثة أنواع من المقاتلين في داعش:

  1. مقاتلون تدربوا في مناطق سيطرة التنظيم على تنفيذ هجمات، وبعضهم تم إرساله إلى أوروبا قبل انطلاق معركة الموصل ضمن غطاء النزوح.
  2. مقاتلون قادرون على الهرب من الموصل إلى أوروبا عبر تركيا تحديداً.
  3. مقاتلون أوروبيون سيعودون إلى بلدانهم الأصلية بعد انهيار داعش.


يطرح هؤلاء جملة تحديات أمنية أمام القارة الأوروبية أبرزها:

  1. القدرة على الاندماج والتخفّي بين المهاجرين والنازحين.
  2. القدرة على التجنيد والتأثير في بيئات حاضنة.
  3. العمل بشكل فردي في إطار ما يعرف بـ"الذئاب المنفردة"، من دون الرجوع بالضرورة إلى قيادة موحدة، ما يصعب من عملية تتبع وكشف نواياهم.

أمام هذا الواقع، دعت تركيا إلى تعزيز الرقابة على حدودها مع أوروبا، غير أن حلف شمال الأطلسي لم يستجب حتى الساعة إلى طلب أنقرة تسيير دوريات استطلاع جوية، واستعاض جهاز الشرطة الاوروبية باتخاذ إجراءات وفق ظروف كل دولة، كما في إيطاليا حيث تم نشر عملاء في مجتمعات النازحين، مع التركيز على الحدود البحرية كون معظم عمليات النزوح تتم بحراً من شمال أفريقيا التي تطوع من دولها ما يزيد على ستة الاف مقاتل في داعش.

هذا التحدي دفع بريطانيا إلى محاولة احتوائه عبر تعزيز دور القوات الأمنية في دول شمال أفريقيا في مسعى لمكافحة الإرهاب خارج أراضيها.

فرنسا بدورها، التي انضم منها 1200 مقاتل لداعش خلال العامين الماضيين، تواجه صعوبات في عدد ضباط الأمن اللازمين لمراقبة المشتبه بهم على أراضيها، أما المانيا فقد ركزت جهودها على دمج ما يقارب المليون نازح في مجتمعاتها مع تصاعد عدد الحالات الفردية المرتبطة بداعش في مدنها.

يُسهم هذا الواقع في فتح أبواب النقاش داخل عواصم القرار أمام مقاربات مستجدة تقبل أكثر بالاعتراف بلاعبين اساسيين تبدو أوروبا بحاجة إلى التنسيق معهم في مواجهة أزمتها القائمة.

فهل تكون معركة الموصل نافذة الحوار السياسي مع أطراف المحور المقابل بعد تحقق المصلحة الأمنية؟

اخترنا لك