حقائق مخفية: هكذا روّج الأميركيون سراً لدعايتهم في العراق

مكتب استقصاء صحافي يتتبع عمل شركة مثيرة للجدل شاركت مع جهات أمنية وعسكرية أميركية في إنتاج مواد إعلامية خلال مرحلة الاحتلال الأميركي للعراق، وكان الهدف منها نشر هذه المواد في وسائل إعلام عربية بغية الترويج للبروباغندا الأميركية وتتبع المتعاطفين مع تنظيم القاعدة.

الرئيس السابق للشركة بيل بوتينغر إنّ شركته عملت على عمليّة سرّية ضمن عدة إتفاقيات
كشف مكتب الصحافة الإستقصائية أن وزارة الدفاع الأميركية قدمّت 500 مليون دولار أميركي لإحدى الشركات البريطانية المثيرة للجدل والعاملة في مجال العلاقات العامة بهدف تشغيل أكبر برنامج دعاية سرّي في العراق، يشمل إنتاج أفلام مفبركة حول القاعدة في العراق.

وأكد البنتاغون أنّ الشركة التي كان يرأسها بيل بوتينغر عملت لصحاله كـ "مقاول" في العراق كما أنه أقر بالتعاون مع قوة الـ IOTF التابعة لها.

وأوردت صحيفة ذا تايمز أنّ المبلغ المدفوع هو 540 مليوناً، مقابل حملة دعائية في العراق بعد غزو العام 2003.

وتضمّنت هذه الحملة إخراج مقاطع مصورة قصيرة شبيهة بأسلوب الشبكات العربية والجهات المتطرّفة، تهدف إلى ملاحقة الذي شاهدوها، وفقاً لموظف سابق في الشركة البريطانية.

وقال الرئيس السابق للشركة بيل بوتينغر إنّ شركته عملت على عمليّة سرّية ضمن عدة إتفاقيات، وأنه أبلغ كل من ال CIA ووزارة الدفاع الأميركية ومجلس الأمن القومي عمّا تقوم به الشركة في العراق.

وفي مقابلة مع مكتب الإستقصاء، قال مارتن ولز، وهو معدّ فيديوهات توقف عن العمل في الشركة البريطانية، أنّ فترة عمله في المقرّ الأميركي في بغداد كانت صادمة.

ويذكر مكتب الإستقصاء الصحفي أنّ موظّفي الوكالة عملوا جنباً إلى جنب مع كبار ضبّاط الجيش الأميركي في مقرّهم في بغداد حين كانت المعارك تحتدم خارجاً.

إنتاج الشركة تم التوقيع عليه من قبل دايفيد بترايوس، قائد قوات التحالف في العراق، وفي بعض الأحيان من البيت الأبيض، بحسب ويلز.


عملية إعلامية ضخمة

أنتجت شركة بيل بوتينغر رزمة من المواد لوزارة الدفاع الأميركية، بعضها كان أبعد من أعمال التواصل العادية.

تتبّع مكتب الاستقصاء الصحفي عمل الشركة مع مختلف الجهات الأمنية والعسكرية الأميركية، وأجرى مقابلات مع ستة مسؤولين سابقين مشاركين في العمليات الإعلامية التي تمّت في العراق.

تغيّرت ملكية الشركة عام 2012، ولم يعد بهيكليّتها الحالية، لديها اتّصال مع الوحدة التي تم إنشاؤها في العراق بعد أن تم إغلاقها عام 2011.

وقد نفى العاملون الرئيسيون في تلك الوحدة تورّطهم بالعمل في برامج الملاحقة كما قال مارتن ويلز.

عمل شركة بيل بوتينغر في العراق كان عبارة عن عملية إعلامية ضخمة كلّفت سنوياً 100 مليون دولار، ويكشف أحد المستندات أنّ الشركة وظفت 300 بريطاني وعراقي هناك.

توجهت الوكالة في لندن إلى العراق بعد وقت قصيرة من الغزو الأميركي. في مارس 2004 تم تكليفها من قبل الإدارة المؤقّتة للعراق بتعزيز حملة الانتخابات الديمقراطية.

أكد البنتاغون أنّ بيل بوتنغير عمل لديهم كمقاول في العراق
ارتكز العمل على ثلاثة أنواع من الانتاج. النوع الأول هو الاعلانات التلفزيونية التي تظهر القاعدة بشكل سلبي. وقال ويلز إنّ النوع الثاني يعتمد على انتاج أخبار تبدو وكأنه تم انتاجها من قبل تلفزيون عربي.

وسعى بيل بوتينغر إلى إرسال فريق لتصوير فيديو بجودة متدنية، يظهر تفجيرات القاعدة ومن ثم تعديلها وكأنها قطعة من نشرات الأخبار، اضافة إلى التسجيل بصوت عربي وتوزيع الفيديو في جميع أنحاء المنطقة، وفق ما قال ويلز.

وفي عام 2005، تم الكشف أنّ قسم العلاقات العامة في "لينكولن غروب" ساعد البنتاغون على نشر مقالات في صحف عراقية، تم تقديمها في بعض الأحيان كأخبار محايدة.

أما البرنامج الثالث الذي أشار إليه ويلز هو انتاج أفلام دعائية وهمية للقاعدة، مخبراً المكتب كيف كان يتم صنعها.

وقال إنه كان يتم اعطاءه تعليمات محدّدة: "نريد هذا النوع من الأفلام. نمتلك استخدام جميع لقطات لتنظيم القاعدة. نريد وقته 10 دقائق وبشكل معين".

وكان يتم اعداد الأقراص المدمجة بشكل يتم تشغيلها على تطبيق ريل بلاير المتوافر لدى الجميع ، المتصل بالانترنت لتشغيله.

كما أكد البنتاغون أنّ بيل بوتنغير عمل لديهم كمقاول في العراق في ظلّ قوة مهام عمليات المعلومات لانتاج بعض المواد التي كان مصدرها قوات التحالف الأميركي، فيما البعض الآخر لم يم الاعلان عنها. كما أصرّت قوات التحالف أنّ جميع المواد التي يتم انتاجها تتمتع بالمصداقية.

وكان ويلز  قد غادر العراق بعد أقل من سنتين، نتيجة توتر كبير في ظلّ العمل في منطقة حرب مضطراً أن يشاهد شرائط غرافيك للفظائع المرتكبة يوماً بعد يوم.

 

 

 

اخترنا لك