في الرّقة إما أن تُقاتِل مع "داعش" أو تموت جوعاً

تنظيم "داعش"يضيّق الخناق على سكان الرقّة، ويمنع المواطنين من السفر إلى مناطق واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، ويحتل منازل الفارين من معقله إن لم يعودوا في فترة لا تتجاوز الثلاثة أسابيع.

تمكّن التنظيم المُتشدّد من إحكام سيطرته على الرّقة في منتصف كانون الثاني / يناير من العام 2014
اعتمد تنظيم "داعش" أخيراً نمطاً جديداً في تعاطيه مع المُقيمين والمُتردّدين إلى معقله، إذ دأب خلال الأسابيع الماضية القليلة على تجويع المدنيين بهدف إخضاعهم إلى أمرته، وإجبارهم على مبايعته للعمل لصالحه داخل وخارج الأراضي السورية، بحسب ما أشارت مصادر مُطّلعة إلى "الميادين نت".

وتؤكّد المصادر أن عناصر التنظيم "اتّخذوا سياسة تضييق الخِناق على الحياة المعيشية للمواطنين نهجاً لهم، وذلك بعد أن رفعوا أسعار المواد الغذائية والخدمات من ماء وكهرباء ومحروقات، وجعلها ضمن قانون الخصخصة بهدف ابتزاز أهالي المدينة وإلحاقهم بصفوفهم".

وتضيف أن التنظيم المُتشدّد "فرض رسوماً وضرائب باهظة على كل مُتطلّبات الحياة اليوميّة للفرد، كذلك على ما تبقّى من القِطاع الصحي داخل المدينة، إذ إن المشافي التابعة للتنظيم لا تُقدّم الأدوية إلا بأسعار مُكلفة لاستغلال حاجات ذوي المرضى وخاصةً الفئة الشبابية منهم بهدف إلحاقهم لاحقاً بصفوفها".

وتقول المصادر لـ"الميادين نت" إن "الدوائر الشرعية التابعة للتنظيم أصدرت مؤخراً جملة من القرارات عبر مُكبّرات الصوت من المآذن، ومن ضمنها منع أهالي الرقة الذين كانوا يعملون في الدوائر الرسمية وغيرها من مؤسسات تابعة للدولة السورية، من السفر إلى مناطق أو قرى واقعة تحت سيطرة النظام بغية استلام رواتبهم".

وتتابع المصادر عيْنها "جزء كبير ممن لا يزال داخل الرقّة، يعيش على المُساعدات المادية التي يرسلها أقاربهم من قرى محاذية"، كاشفةً أن "بعض سكان المحافظة يحاول بشتى الوسائل الممكنة جمع المبلغ الذي يؤمّن له اللجوء إلى دولة أجنبية لا تزال تفتح حدودها للاجئين السوريين رغم الأعمال الارهابية التي استهدفت المدنيين في دول أوروبية عدة الأشهر الماضية".

"إنهم مُحتلّون، غايتهم طردنا من بيوتنا وتحويلها إلى مقار عسكرية لجمع الأسلحة والذخائر أو ليأتوا بمسلحين وعائلاتهم يسكنون فيها"، يقول ثائر (29 عاماً – اسم مستعار) لـ"الميادين نت"، وهو هرب من معقل التنظيم ودخل خلسةً إلى الأراضي اللبنانية الشهر الفائت لعدم قدرته على تأمين كفيل يضمن إقامته في لبنان. ويضيف أن "بعض الذين خرجوا من الرقّة في صفقة مادية مُكلفة مع التنظيم، وقّعوا على وثيقة تنازل عن جميع ممتلكاتهم لصالح "داعش" في حال عدم عودتهم مُجدّداً إلى المدينة بعد مرور ثلاثة أسابيع من تاريخ خروجهم منها".

ويُشير ثائر إلى أن "الهاربين من الرقّة يقطعون مسافات شاسعة سيراً على أقدامهم، وقد يسيرون مسافات تصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب العشرين كيلومتراً للالتفاف وعدم المرور على حواجز "داعش" إلى أن يصلوا إلى قرى تقع تحت سيطرة فصائل أخرى أو الجيش السوري". وأضاف أن "الهاربين من معقل التنظيم يصبحون عُرضة للاعتقال إذا عُرف أنهم من مدينة الرقة لأنها واقعة تحت سيطرة التنظيم الارهابي، لذا غالباً ما يتستّرون على إسم بلدتهم عندما يدخلون إلى قرى جديدة، إلا في حال أحرجوا وأجبروا على إبراز أوراقهم الثبوتية، إن تم توقيفهم من قبل مسلحين على اعتبار أنهم غرباء عن المدينة".

وكان تنظيم "داعش" قد سعى جاهداً إلى هدم جميع مظاهر الحياة المدنية في الرقة والعوْدة بسكانها إلى السيرة الأولى للبشرية، بعد أن أفرغ مناطق انتشاره ضمن المحافظة من الكوادر العلمية كالأطباء والمهندسين، وأجبر أولادهم على الالتحاق بحلقات دينيّة ودروس ثقافية، هادفاً إلى غسل أدمغتهم وتجنيدهم للعمل والقتال لصالحه.

وتمكّن التنظيم المُتشدّد من إحكام سيطرته على الرّقة في منتصف كانون الثاني / يناير من العام 2014 بعد خوضه معارك شرسة مع مجموعات من مختلف الفصائل المُسلّحة في سوريا.

اخترنا لك