كيف أفشلت خديعة اللحظة الأخيرة في حرب تموز؟
الجنوبيون وسكان الضاحية الجنوبية لبيروت يعودون إلى مناطقهم مباشرة بعد انتهاء الحرب بالرغم من حملات التهويل التي حاولت ثنيهم عن ذلك.
ذُكرت أسباب عديدة، في داخل لبنان والخارج، كان يُعمل من خلالها على إقناع الجنوبيين بتأجيل العودة إلى عدة شهور على الأقل، أهمها:
أولا، وجود مئات آلاف القنابل العنقودية المحرمة دوليا، في القرى والمدن.
ثانيا، إمكانية ان يعود شبح الحرب سريعا، وجرى التشديد على أنّ قرار مجلس الأمن رقم 1701 ذكر عبارة "وقف العمليات الحربية" وليس وقف إطلاق النار، فحاول البعض القول من خلال هذا الأمر، إنّ المناوشات الخفيفة أو القصف المتقطع قد يتجدد في أي وقت. إلا أنّ فشل هذه المحاولات بعد الإصرار الواضح من قيادة المقاومة وبعض القيادات السياسية، فتّح العيون على الأهداف المخفية خلف مخطط تأجيل العودة. بعدما وضعت الحرب أوزارها، تناقلت الصحف، كما فعل أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أهدافا عدة كان يُراد تحقيقها من خلال منع الجنوبيين من العودة:
أولا، حث الجنوبيين على الهجرة، حيث كثر الحديث عن بواخر جاهزة لنقلهم إلى جنوب العراق، وبالتالي إحداث تغيير ديمغرافي كبير في لبنان.
ثانيا، إبقاء الجنوب فارغا، بحيث تبقى البيئة الحاضنة للمقاومة بعيدة عن المقاتلين، فينفكّ التلاحم الشعبي – العسكري الذي أثبت نجاعته وأدّى إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي في العام 2000.
ثالثا، إبقاء النازحين في المناطق التي نزحوا إليها، وهي مناطق مختلطة دينيا وثقافيا، ما كان ينذر مع الوقت بصدامات قد تُقحم المقاومة وبيئتها بأزمات جديدة.
رابعا، إبقاء النازحين في أماكن نزوحهم سيجعلهم أكثر حاجة لأموال المساعدات الحكومية لتغيير أوضاعهم، ومن ثم المماطلة بالمساعدات، وذلك من أجل معاقبة البيئة الحاضنة للمقاومة من جهة ودفعها للتخلي عن خيارها السياسي من جهة أخرى. لكن على وقع الإنتصار الذي تحقق في حرب تموز، تعززت الثقة بالمقاومة أكثر وأحبط العائدون مخططاً كان يراد منه وضع لبنان في نفق مظلم لا تُعرف له نهاية، ولم تكد عقارب الساعة تشير إلى الثامنة صبحاً، حتى كانت طرقات الجنوب بكل ما فيها من حفر وجسور مدمّرة تعج بزحمة سير خانقة، ليبدأ الناس بالعودة إلى قراهم ورفع الركام وتفقد منازلهم وأرزاقهم.