ناقوس الخطر يدق.. المياه قد لا تبقى!

الترحال من أرض إلى أخرى ميزة تفرّد بها الإنسان القديم الذي جال بين طيات الإرض بحثاً عن مورد متجدد لمصادر المياه من انهر وبحار وعيون، لتأمين الغذاء و العمل في الزراعة وكذلك تأمين قوت الحياة. وكل مورد يهدد بالشح أو عين تشير إلى قرب عماها يُجبر الإنسان القديم على تركها بحثاً عن اخرى اكثر تدفقاً. وهكذا.. حتى أدرك قيمة الانسان ارتباط المياه بكل شيء حي. وشكل من حيث لا يدري ثقافة حياة تترأس المياه اول بنودها.

وفي حال من الاستدراك لما يحصل من هدر جنوني للمياه عقد مؤتمر المياه العالمي التي تنظمه  طاجيكستان في العاصمة دوشنبة بالتعاون مع الأمم المتحدة بين 9 و11 آب / أغسطس الجاري. 
كان المؤتمر بعنوان "الماء من أجل التنمية المستدامة" وجاء تحت مظلة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ليركز على سبل توفير المياه النظيفة والصرف الصحي للدول كافة، ويهدف إلى تعزيز قدرات الحكومات الوطنية والمحلية لتحسين الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتبادل المعرفة والخبرة في مجال الممارسات المبتكرة في تحسين الحصول على المياه والصرف الصحي، وأيضا زيادة كفاءة استخدام المياه، والحد من تلوثها وحماية الأحواض المائية.

 المؤتمر يأتي في زمن لا تشكل فيه المياه العذبة سوى 3% من مجمل المياه العذبة في كوكبنا. 77.6% من هذه النسبة على هيئة جليد، و21.8%  منهامياه جوفية، والكمية المتبقية بعد ذلك والتي لا تتجاوز 0.6% هي المسؤولة عن تلبية احتياجات أكثر من 6 مليارات إنسان من احتياجات يومية إلى الزراعة والصناعة.
ثقافة المياه بحد ذاتها باتت في خطر وليس الماء وحده، فأصل ديمومية الحياة البشرية مهددة بالتبخر والتبدد. تبدد لا يستطيع أحد ان يقدّر عاقبته. فقطرة الماء العذبة التي تذهب، ستذهب بتركيبتها ومحتواها! حين يعطي الإنسان نفسه صلاحية التصرف بعشوائية وإسراف في المياه المتوفرة فأنه يهدد استمرارية وثقافة عالم بأكمله قائم على المياه. المفارقة هي استثمار المياه واحتكارها من قبل اشخاص أو شركات مقابل أسعار تختلف باختلاف المحتكرين وظروف الواقعين تحت الاحتكار. 

 ثمة بلاد تعاني من شح دائم في مياهها في حين أن أنهارها دفاقة ومعطاءة، وأخرى تستورد وتستولي، وفي كل الأحوال، بات الإنسان يدفع ثمن خدمة قدمها له الخالق!

 أهمية المياه أدركتها الدول الكبرى فراحت تشن حروباً على الدول الغنية مائياً لتضمن مستقبلاً لها، وتحمي أمنها المائي. حروب مستمرة منذ الإنسان القديم. 

لا يختلف اثنان على أهمية الماء، وضورورة الحفاظ على موارده والاقتصاد به، والأديان على مر العصور شددت على تلك الأهمية.

جاء في القرآن الكريم في سورة الأنبياء الأية ٣٠ " وجعلنا من الماء كل شيء حي" وكذلك في التورات أشير إلى أهمية المياه في قول "خرجت المياه من الحياة". ولذلك فأن قدسية المياه تستمد من حقيقة عدم إمكانية الحياة من دونها.