غموض حول وجود قوات أميركية وبريطانية على الأرض الليبية
تواجد قوات أميركية وبريطانية برية على الأرض في سيرت الليبية يطرح تساؤلات وهواجس عن حقيقة هذا الوجود وعن أهدافه. يأتي ذلك بعدما كشفت صحيفة الواشنطن بوست معلومات عن تقديم جنود أميركيين من الوحدات الخاصة اسناداً مباشراً للمرة الأولى للقوات الليبية لقتال داعش. كذلك كشفت صحيفة الصنداي تايمز عن مشاركة جنود بريطانيين في عملية ضد داعش في سرت.
ويبدو الحديث عن تواجد هذه القوات الأميركية جاء ليطرح تساؤلات وهواجس عن حقيقة هذا الوجود وعن أهدافه فعلياً، وهل جاء ليكرس التدخل الغربي في ليبيا، وليعيد الحديث عن امتداد أخطاء الحلف الأطلسي في محاربة داعش الذي جاء بنتائج عكسية، حيث تكاثر التنظيم وتمدد أكثر في ليبيا والعراق وسوريا.
وفي اتصال مع الميادين نت قال جمال عبد المطلب المحلل السياسي من طرابلس الغرب إن ما تداولته وسائل الاعلام عن وجود أميركي بري على الأرض في ليبيا غير مؤكد حتى الساعة، مستبعداً حصول ذلك.
وأشار إلى أن "القرار الأميركي كان حتى الساعة يتحفظ على وجود قواته خارج الحدود، وأنه لا يريد أن يعودوا في صناديق إلى بلادهم، وخاصة في هذه الظروف حيث تكثر المزايدات قبيل انتهاء فترة ولاية الرئيس باراك أوباما.
وأكد أن الكلام عن وجود قوات أميركية على الأرض الليبية ليس جديداً وأن الأمر ممكن أن يكون عملاً استخباراتياً أو استشارياً على الأرض فقط.
وعن موقف الحكومة الليبية من هذا الحديث، أكدّ عبدالمطلب أن الحكومة الليبية ترفض هذا الوجود على الأرض علناً، موضحاً أنها طلبت المساعدة من الولايات المتحدة عبر ضربات جوية فقط لأن الأخيرة لديها تجربة في ضرب داعش بما تملكه من وسائل عسكرية متطورة تستطيع الوصول إلى عناصر التنظيم المتحصنين في أماكن ضيقة وتحت الإسمنت.
لكنه في المقابل رأى أن الحكومة الليبية، وفي حال وجود مثل هذه القوات، تعلم بذلك بالطبع ومن الممكن أن تخفي هذا الأمر لأن ما قد تصرّح به شيء وما تعلنه شيء آخر"، وفق ما قال.
وأضاف عبدالمطلب أن "الأميركيين يريدون ضرب داعش في الأرض العربية والإسلامية لمنعه من التمدد إلى الغرب خاصة بعد العمليات الارهابية التي نفذّها بعض النازحين ممن دخلوا إلى بعض الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة".
وعما إذا كان هناك هدف أميركي وإن كان محصوراً بقتال داعش في سرت أم أن هناك أبعاداً أخرى لهذا التدخل رأى عبدالمطلب أن "للولايات المتحدة عدة أهداف أهمها أن الإدارة الأميركية الديمقراطية تعيش الآن في صراع بالنسبة لسياستها الخارجية وهو ما يظهر في مناظرات المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب".
وأشار إلى أن "كلينتون نصحت أن تكمل مسيرة أوباما وأن تضرب داعش، مشيراً إلى أن أضعف مكان له هو في سرت حيث يفتقر إلى حاضنة اجتماعية، متحدثاً عن "تردد" أميركي في بادىء الأمر.
وكشف أيضاً أن ايطاليا نصحت الإدارة الأميركية أن تدعم حكومة السراج المعتدلة واعطاءها مصداقية.
واعتبر المحلل السياسي أن "الولايات المتحدة تعتمد على استراتيجية إطالة الحرب لانهاك الطرفين قبل المجيء إلى طاولة المفاوضات"، كاشفاً أن "الأمر الآن خطير والجبهة مفتوحة على أكثر من احتمال".
وكان رئيس الحكومة الليبية فايز السراج قال في حديث لصحيفة إيطالية إنه طلب فقط من الولايات المتحدة التدخل عبر غارات جوية محدودة زمنياً وجغرافياً وبالتنسيق مع القوات الليبية.
وتأتي هذه التصريحات عقب تقرير للصحيفة المذكورة أعلاه كشفت فيه أن جنوداً من الوحدات الخاصة الأميركية قدّموا للمرة الأولى إسناداً مباشراً للقوات الليبية التي تقاتل إرهابيي تنظيم داعش في معقله في مدينة سرت شرقي طرابلس، معتبرة أن تواجد هذه القوات يأتي ليكرس التدخل الغربي في ليبيا.
ونقلت الصحيفة نفسها عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "جنود الكوماندوس يعملون انطلاقاً من مركز عمليات مشترك في أطراف سرت، كما يعملون بالتنسيق مع نظرائهم البريطانيين على تحديد مواقع للضربات الجوية ويزودون شركاءهم بالمعلومات الاستخبارية".
وكانت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية كشفت أيضاً عن مهمة جديدة نفذتها فرقة من القوات الخاصة البريطانية في عملية ضد تنظيم داعش في سرت، واستخدم الجنود سلاحاً مطوراً يدعى "المعاقب" منتصف شهر تموز/ يوليو الماضي.