الأمم المتحدة تقر بعجزها عن فرض اتفاق سلام يتم التوصل إليه في سوريا
طيلة أسبوع انشغل العالم بمن سيشارك في مفاوضات جنيف حول سوريا بيد أن سؤالاً آخر يطرح حول من سيفرض تنفيذ اتفاق سلام في البلاد في حال تم التوصل إليه؟ يبدو أن مهمة الأمم المتحدة في مراقبة أي اتفاق وفرض تنفيذه ستكون صعبة، وفق ما جاء في مذكرة رسمية صادرة عن مكتب ستافان دي ميستورا.
وجاء في المذكرة التي حملت عنوان "مسودة تطبيق وقف إطلاق النار" "إنه
في السياق السياسي الدولي والوطني الحالي بالإضافة إلى مناخ العمليات الراهنة يبدو
اقتراح حفظ السلام من خلال قوات دولية ومراقبين عسكريين طريقة غير مناسبة لمراقبة
وقف إطلاق النار".
يأتي هذا التقدير للأمم المتحدة وفق "فورين بوليسي" في ظل انعدام
المؤشرات تقريباً إلى أن القوى الرئيسية مستعدة أو حيادية بما يكفي من أجل القيام
بهذه المهمة على نحو فعال. فضلاً عن الخطر الذي يمكن أن يشكله المقاتلون المتطرفون
وعناصر مسلحة أخرى نتيجة استبعادها عن المحادثات السياسية من خلال الانقلاب على
عملية السلام بالقوة.
وفق الوثيقة فإن دي ميستورا يرى في المدى المنظور أنه سيكون على القوات السورية
والفصائل المسلحة بأنفسها مراقبة أي اتفاق لوقف إطلاق النار، على أن توسع الأمم
المتحدة في حال تحسن الوضع الأمني، دورها في سوريا من خلال توفير التدريب والموارد
للأطراف المحلية ولعب دور الوسيط بين المقاتلين السوريين الرئيسيين واللاعبين
الدوليين.
كذلك أشارت الوثيقة إلى "ضرورة أن يتحول دور مجموعة الدعم الدولية لسوريا من
راع للعملية السياسية إلى ضامن لتنفيذ الاتفاقات" مشيرة إلى "أن على
المجموعة أن تنسق جهود الدول الأعضاء الرئيسية فيها وتوفير التواصل العملياتي مع
الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة وذلك من أجل تدعيم وقف إطلاق النار
وإنجاز المصالحات الداخلية والحفاظ عليها".
ودعت المذكرة السرية الأممية إلى تقليص التوقعات في ما يتعلق بالإنجازات التي يمكن
أن تحققها الأمم المتحدة أو المراقبون الدوليون الآخرون في سوريا، مشيرة إلى أنها
لن تتضمن "توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وإقامة دعاوى قضائية ضد مجرمي الحرب
او مراقبة عمليات الإفراج عن معتقلين أو حتى أوضاعهم".
ويحدد دي ميستورا في ورقته ثلاث خيارات لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار على الشكل
التالي: نشر آلية مراقبة دولية مستقلة بالكامل، الاعتماد على المراقبين المحليين مع
دعم تقني من المجتمع الدولي، ونشر فريق تقليدي من المراقبين المحليين والدوليين.
وفق المبعوث الأممي فإن الخيار الأخير يشتمل على القدر الأكبر من المصداقية لكنه
ينطوي على مخاطر كبيرة على حياة المعنيين بالعملية، بما يتطلب ضمانات أمنية من
المجموعات المسلحة وداعميها الدوليين من أجل حماية العملية من تهديدات الذين
يريدون إفسادها.
ضمن هذا السياق كشفت صحيفة
"فورين بوليسي" عما دار في الاجتماع المغلق بين مجلس الأمن الدولي ودي
ميستورا حيث قال الأخير "إنه في الوقت الذي يبحث فيه عن خيارات من أجل مراقبة
وقف إطلاق النار والتحقق منه واعداد تقارير حوله، فإن أي اتفاق نهائي يجب أن يحظى
بموافقة جميع الأطراف المتحاربة". وفي موقف متراجع قال دي مستورا إنه مستعد
أيضاً للحديث مع المقاتلين حول خطوات بناء الثقة، مثل التعهد بتجنب قصف المستشفيات
والمدارس والسماح بإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، لما يخفف معاناة
المدنيين.
لكن دي مستورا وفق "فورين بوليسي" أقر في الاجتماع نفسه أن سوريا ستظل
مجزأة إلى حد كبير ومضطربة كما ستستمر عسكرتها في المدى المنظور، مشيراً إلى أنه
في ظل هذا الواقع سيكون نشر مراقبين دوليين على الأرض مهمة صعبة للغاية".
وأضاف "على المجتمع الدولي أن يعمل مع مرور الوقت على تعميق دوره في دعم جهود
السلام على الأرض" مما يعني وفق دي ميستورا أن على الجميع أن يفهم ويقبل المخاطر
التي تنطوي على ذلك، قائلاً "نحن على استعداد لتطوير مقاربة واقعية" في
هذا المجال.