هل تستطيع واشنطن إزاحة الأسد عن السلطة في آذار 2017؟
وثيقة أميركية تتحدث عن جدول زمني للمرحلة الانتقالية في سوريا، وتحدد موعد آذار 2017 لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد، لتعود الإدارة وتنفي تحديدها لموعد لرحيل الأسد وتؤيد الاستمرار في المسار السياسي، فما مدى واقعية الطرح الأميركي؟
ما الجديد في الطرح الأميركي؟
فقد عكفت الولايات المتحدة وحلفاؤها طوال السنوات الماضية على العمل بشكل فعلي على رحيل الرئيس الأسد، وهو ما لم يجد ترجمة فعلية على أرض الواقع، إلى أن تنامى الإرهاب وانتشر في سوريا والعراق، وتمدد إلى ليبيا وأفريقيا، وضرب في عقر أوروبا والولايات المتحدة، فأصبح لزاماً على واشنطن وحلفائها الغربيين محاربته، وعلموا ألا سبيل إلى ذلك إلا بالقبول بالتفاوض مع الرئيس الأسد، كونه يمسك بزمام القوة الوحيدة القادرة على محاربة الإرهاب على الأرض.الجديد في الطرح الأميركي اليوم أنه انتقل في مطلبه برحيل الرئيس الأسد إلى كونه نتيجة لعملية سياسية وليس من خلال الضغوط أو العسكرة. الخارجية الاميركية صرحت بعيد نشر التقرير بأن توقيت رحيل الأسد "ليس محدّداً ضمن الرؤيا الأميركية وأن واشنطن تؤيّد بشدة الاستمرار في المسار السياسي الراهن في فيينا الذي يؤدي إلى مرحلة انتقالية تحافظ على مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات انتقالية تضمن وجود حكومة سورية من صنع السوريين أنفسهم ومع الحفاظ على مؤسسة الجيش.
معوقات المرحلة المقبلة
يشكل الاشتباك السعودي الإيراني على مستوى المنطقة عائقاً أساسياً أمام المضي قدماً في الخطة الأميركية والوصول إلى الانتقال السياسي المنشود، وخصوصاً في ظل الخلاف الجديد الناشئ عن إعدام المعارض السعودي الشيخ نمر النمر والانتقادات الإيرانية للرياض، والرد السعودي بقطع العلاقات معها، ومحاولة استجلاب الدعم العربي والإسلامي للوقوف مع الرياض ضد طهران. قطع العلاقات الدبلوماسية والاشتباك الحاصل بين الدولتين وعلى الرغم من التأكيدات الأميركية بأنه لن يؤثر على المسار السياسي في سوريا، إلا أنه يهدد بالتعنت في مواقف الأطراف. ربما هذا ما قاد دولاً كبيرة ومؤثرة في الوضع الإقليمي أن تعرض وساطتها لحل الخلاف السعودي الإيراني. بات حل الأزمة السورية هدفاً عليه شبه إجماع ومنه يمكن لسبحة الحلول في المنطقة أن تكر من اليمن إلى لبنان فالعراق. بيد أن الاشتباك السعودي الإيراني ليس هو العقبة الوحيدة. فقد تشكل جهود "محاربة الإرهاب" عائقاً قوياً أمام المضي في العملية السياسية بحسب الرؤية الأميركية. داعش بات تنظيماً قوياً يحتاج إلى قدرات دول لاقتلاعه، ومن الواضح أن "المعارضة المعتدلة" التي تدعمها واشنطن غير قادرة على محاربته، والطرف الوحيد القادر على ذلك هو الجيش السوري وحلفاؤه، وخصوصاً بعد التدخل الجوي الروسي، فهل سيقبل الجيش وأركان الحكم في سوريا أن يكونوا طرفاً أساسياً في القضاء على الإرهاب ثم يتركون السلطة للمعارضة المدعومة أميركياً؟ وهل ستقبل طهران وموسكو بذلك؟ كل ذلك ولم ندخل في حسابات الداخل السوري، وإمكانية أن تكون نتيجة الانتخابات التشريعية لصالح الرئيس الأسد. فالبرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة قد تعطي مؤشراً لما ستكون عليه النتيجة في الانتخابات القادمة، إلا أن بعض المؤشرات قد توحي بذلك.التقديرات تشير إلى وجود الكتلة السكانية الأكبر في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في مدن دمشق وحمص وحماه واللاذقية وطرطوس والقنيطرة والحسكة، إضافة إلى وجود نسبة جيدة تحت سيطرتها في مدينة حلب ودرعا ودير الزور، في الوقت الذي تسيطر المعارضة على إدلب وجزء من حلب وريفها وريف درعا، وبعض المناطق في ريف حمص وحماه، ويسيطر داعش على الرقة وقسم من دير الزور وريف حلب. وأشارت بعض التقارير الإنسانية إلى هروب الكثير من المدنيين من مناطق سيطرة المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام، كون النظام حافظ في مناطق سيطرته على الخدمات الأساسية وحفظ حقوق الموظفين الحكوميين الذين يقدرون بأكثر من مليون ونصف مليون موظف، وهذا يشير إلى إمكانية حصول الأسد وحكومته على النصيب الأكبر في الانتخابات، ناهيك عن تفكك المعارضة وتوزعها بين عدد كبير من التيارات، من إسلامية إلى علمانية ويسارية وكردية. وإذا كانت القيادة السورية وداعموها من طهران إلى موسكو يوقنون أن الرئيس ومؤيديه سيحصدون النسبة الأكبر في الانتخابات، فهل سيقبلون بأن يخسروا بالانتخابات ما لم يخسروه بالحرب؟