السبعينية خديجة.. من جبهات المقاومة إلى مقاعد الدراسة
أطلق عليها الشهيد الأديب ماجد أبو شرار "الشمس التي أشرقت في الظلام". المناضلة خديجة تعود للدراسة بعد نحو ستة عقود من الزمن معتبرة أنه واجباً وطنياً وأخلاقياً، وتؤكد أن المعركة الأساسية مع الاحتلال الإسرائيلي تتمثل بالوعي.
-
تعتبر خديجة عودتها للدراسة بعد نحو ستة عقود من الزمن واجباً وطنياً وأخلاقياً -
تسعى المنضلة أبو يعقوب لطباعة شتى مؤلفاتها للحفاظ على نضال وتضحيات من يجودون بزهرة أعمارهم حتى يرون فلسطين محررة من دنس الاحتلال الإسرائيلي -
وصفها الإعلام الإسرائيلي ب"أم المخربين"
مارست المرأة الفلسطينية إلى جانب الرجل في ساحات مواجهة الاحتلال شتى أشكال المقاومة، وجادت بروحها وسنين عمرها لأجل قضيتها، وشاركت في إعداد كل ما يلزم على درب التحرير، وأعدت أبنائها لمعارك المواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وعلّمت وربّت وثابرت لتبقى فلسطين بعيون أبنائها من البحر إلى النهر.
وفي سفر التاريخ الفلسطيني المئات من السيدات اللواتي تعرضن للاعتقال والإبعاد جراء الإرهاب المنظم التي تتبعه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق كل ما هو فلسطيني، وما زالت المرأة الفلسطينية شعلة مقاومة وأيقونة في مواجهة آلة الحرب الاحتلالية التي تسعى لإبادة كل ما هو فلسطيني وطمس معالمه وهويته الوطنية.
وشكل نجاة المواطنة الفلسطينية خديجة أبو عرقوب (75 عاماً)، من مذبحة الدوايمة عام (1948) التي اقترفتها عصابات الحركة الصهيونية بحق سكان مسقط رأس والدها، العامل الأول في إشعال فتيل مقاومتها، لتكتوي بنيران الأسر، والمنع من السفر، وفرض الإقامة الجبرية عليها، وينتهي بها المطاف إلى الإبعاد خارج حدود فلسطين.
أبو عرقوب لـ"الميادين نت": قدت أول مظاهرة طلابية ضد العدوان الثلاثي على مصر
-
انخرطت في العمل السري الخاص بحركة فتح -
المناضلة: والدي يشجعني على أعمالي المقاومة والرافضة لوجود الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا
ولدت المناضلة خديجة في مدينة دورا جنوب الضفة الغربية، وعلى أنات وصرخات المشردين والمهجرين من قراهم إبان عام النكبة 1948، الذين احتوتهم أراضي قريبة من مدينتها أطلق عليه لاحقاً "مخيم الفوار"، تبلورت معالم حكايتها، واشتعل رأسها بالأسئلة الصعبة عن كل أشكال الظلم التي تحصل لهؤلاء، فقادت العديد من المظاهرات الرافضة لوجود الاحتلال الاسرائيلي، وهتفت للزعيم الراحل عبد الناصر، وقرأت بطولات المقاتل الثوري الأممي "ارنستو تشي غيفارا"، ووزعت البيانات التعبوية على طلاب المدارس وفي شوارع مدينتها، وانخرطت في العمل السري الخاص بحركة فتح، وحافظت على أسرار قضيتها ولم تستسلم لتهديدات الاحتلال.
تقول أبو عرقوب لـ "الميادين نت": "قدت أول مظاهرة طلابية ضد العدوان الثلاثي على مصر (1956)، وأصبح اسمي يتردد ما بين أعوام (1963– 1965)، لتنامي نشاطي الطلابي في منظمة التحرير الفلسطينية، وكان والدي يشجعني على أعمالي المقاومة والرافضة لوجود الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا.
وتضيف "تعرضت للاعتقال عدة مرات، بداية من عام 1969 حتى العام 1971، وفرض الإقامة الجبرية عليها عام 1973 لمدة ثمانية أعوام، وتعرضت للإبعاد إلى قطاع غزة بعد عامين من قرار فرض الإقامة الجبرية عليه، ليعيدوا اعتقالي في ذات العام وأمضي في سجونهم عام في الاعتقال الإداري".
المحققون انهالوا عليها بالضرب حتى فقدت وعيها لساعات!
-
ألفت المناضلة أبو عرقوب عشرات الكتب المتنوعة بين الأدب والشعر والنثر وحصلت على جائزة الشهيد غسان كنفاني عام 1997 -
تعتبر خديجة عودتها للدراسة بعد نحو ستة عقود من الزمن واجباً وطنياً وأخلاقياً
وقام محققو جهاز مخابرات الاحتلال "الشاباك" باعتقال والدة خديجة للضغط عليها وانتزاع اعترافات منها، لتنفي خديجة أن تكون تلك السيدة والدتها، فانهال المحققون عليها بالضرب حتى فقدت وعيها لساعات، ولم تستطع الوقوف على قدميها لعدة أيام من شدة الألم، وهددوها بالاغتصاب والقتل لترد عليهم بالغناء لفلسطين. المناضلة أبو عرقوب قالت لـ"الميادين نت"إنها كانت تزور الأسرى العراقيين واللبنانيين والمصريين المحرومين من زيارة أهاليهم في سجون الاحتلال، وفي كثير من الأحيان كان الاحتلال لا يسمح لها بزيارتهم، وهي كانت تعتبرهم مكون أصيل من معالم الثورة الفلسطينية التي انطلقت لأجل دحر الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين.
ولا تبالي المناضلة أبو عرقوب بسنوات الأسر والإبعاد والحرمان من التعليم، لتحزم حقائبها اليوم، وتتسلح بمزيد من الإرادة والعزيمة على مواصلة مشوارها النضالي، وتعتبر أن العلم أولى اللبنات في البناء الثوري، لذا توجهت إلى التسجيل في المدرسة طلباً للعلم والنجاح، بعدما حرمها منه الاحتلال.
وكانت قوات الاحتلال تتعمد اعتقال المناضلة خديجة قبل بدء امتحانات الثانوية العامة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، لإبعادها عن أنشطة الحركة الطلابية الفلسطينية، التي ما زالت تشكل مصدر قلق دائم لسلطات الاحتلال الإسرائيلي في مواجهته، وتفوت عليه مشاريعه لتصفية قضية شعبها.
المعركة الأساسية مع الاحتلال الإسرائيلي تتمثل بالوعي
-
أطلق عليها الشهيد الأديب ماجد أبو شرار ب "الشمس التي أشرقت في الظلام" -
المناضلة خديجة أبو عرقوب ل "الميادين نت": قدت أول مظاهرة طلابية ضد العدوان الثلاثي على مصر
وترى خديجة أن عودتها للدراسة بعد نحو ستة عقود من الزمن واجباً وطنياً وأخلاقياً، كونها تعتبر أن المعركة الأساسية مع الاحتلال الإسرائيلي تتمثل بالوعي، وعقدت العزم على أن تنهي المرحلة بنجاح انتقاماً من الاحتلال وانتصاراً لإرادة الفلسطيني الذي يتطلع للعلم والبناء، في خدمة قضيته وشعبه.
مدير مدرسة الشهيد ماجد أبو شرار فيصل أبو سندس قال لـ"الميادين نت" إن المناضلة خديجة والطالبة لديها اهتمام واسع بمحاربة ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس، وعملت على إعادة 14طالباً تسربوا من مدارسهم، وأنها باتت أم ومرشدة للطلبة والمعلمين، وأنها تتفاعل وتشارك في الدروس بالشكل المطلوب.
المناضلة أبو عرقوب ألّفت عشرات الكتب المتنوعة بين الأدب والشعر والنثر، وحصلت على جائزة الشهيد غسان كنفاني عام 1997، ولقبت أيضاً بـ"شاعرة أبطال القيد والملحمة"، وهي تسعى لطباعة شتى مؤلفاتها للحفاظ على نضال وتضحيات من يجودون بزهرة أعمارهم وأعمارهم حتى يرون فلسطين محررة من دنس الاحتلال الإسرائيلي.
وتجوب المناضلة خديجة كافة مدن الضفة الغربية المحتلة، للمشاركة بالفعاليات التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث وصفها إعلام الأخير "بأم المخربين"، بينما أطلق عليها الشهيد الأديب ماجد أبو شرار بـ"الشمس التي أشرقت في الظلام".