التقرير الدوري لمراكز الأبحاث الأميركية
ركزت دراسات وإصدارات مراكز الأبحاث الأميركية على العدوان الأميركي على سوريا بمشاركة فرنسا وبريطانيا، وأشارت بعض الإصدارات إلى أن هذا العدوان أضر بصورة الولايات المتحدة، بينما كان هدفه الإضرار بصورة الرئيس السوري.
سوريا
استرشد معهد كارنيجي بنبوءة السكرتير العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بأن المؤشرات الميدانية في سوريا تدل على "عودة أجواء الحرب الباردة تعززها نزعة الانتقام" من الآخر، موضحاً أن ما نشهده في المرحلة الراهنة من تصادم بين واشنطن وموسكو يعود إلى العام 2014 "بتعزيز وتيرته منذئذ، وبلغ ذروته في القصف الجوي لسوريا بقيادة الولايات المتحدة".
وأوضح المعهد أن موسكو لم تنظر بعين العطف للهجوم الأميركي، واعتبرته "عملاً عدوانياً من شأنه أن يؤدي لنتائج تدميرية على كافة مناحي نظام العلاقات الدولية".
كما اعتبر المعهد أن العدوان الأميركي شكّل أيضاً "أزمة صواريخ" للمرة الأولى، أسوة بأزمة الصواريخ الكوبية، تشرين الأول/أوكتوبر 1962. وحذر المعهد من نتائج آلية التعاطي مع تلك الأزمة لناحية جر الدولتين إلى صدام مباشر والتي ستترك تداعيات على "على مجمل الكون".
مؤسسة هاريتاج اعتبرت العدوان الأميركي على سوريا بمثابة "فشل لقاح ضد الغازات السامة.. وكذاك الأمر بالنسبة للسياسة الأميركية التي أسهمت بذلك". وأوضحت أن دروس التاريخ تشير إلى أن أول استخدام "للأسلحة الفتاكة" هو الأخير .. القنابل النووية تم استخدامها لوضع نهاية للحرب العالمية الثانية؛ وغابت الأسلحة البيولوجية عن ميادين القتال" آنذاك، ولم نلمس إلا استخدام سلاح "الجمرة الخبيثة في هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة.. بل إن الغازات السامة الأسهل إنتاجاً استخدت بكثافة أكبر خلال الحرب العالمية الأولى مقارنة بما نشهده الآن".
في تغطية موازية، أشادت مؤسسة هاريتاج بقرار الرئيس ترامب شنّ عدوان أميركي على سوريا "كونه جسّد الخطوط الحمر الأميركية ضد استخدام الأسلحة الكيميائية دون الإضطرار لتوسيع نطاق القوات العسكرية لأبعد من الإلتزام الأميركي المعلن بإلحاق الهزيمة بداعش".
وذكّرت المؤسسة بموقفها الرافض لنزع المخزون الكيميائي من سوريا، عام 2013، نظراً لكون الاتفاق "غير دقيق وغير واقعي ومن غير المرجح أن يتحقق". وألقت المؤسسة باللائمة على مواقف روسيا التي "فشلت في تطبيق التزامات ديبلوماسية قطعتها عام 2013، واستخدت قرار الفيتو 6 مرات في مجلس الأمن الدولي حول المسألة عينها".
معهد المشروع الأميركي شذّ عن توجهات أقرانه في المؤسسات البحثية الأخرى معتبراً أن "الغارات الجوية ضد سوريا كانت ترمي لعرض العضلات وتعزيز الموقف العسكري (الأميركي)، لكنها أتت على العكس من ذلك"، موضحاً أن الرئيس أوباما في ذلك الحين رمى "لإظهار القوة العسكرية الصلبة للحيلولة دون التعرض للسخرية" في الداخل الأميركي، لكنها لم تحدث التدمير الكافي الذي كان سيستدعي رداً مزدوجاً من إيران وروسيا.
واستطرد أنه بخلاف قرار الرئيس اوباما، آنذاك، بالتراجع عن تسديد ولو ضربة محدودة فإن الرئيس ترامب "جدير بالثناء لشنه (غارات صاروخية) مرتين على سوريا، فضلاً عن نجاحه في حشد انضمام حلفاء الولايات المتحدة للمشاركة، بينما فشل الرئيس أوباما في ذلك." وخلص المعهد للقول إن نتيجة الغارات الأخيرة كانت "استعراضاً قوياً للعضلات بحيث لا تتعرض للسخرية؛ بيد أنها أضرّت بمصداقية الولايات المتحدة على المسرح العالمي بدلاً من نظام الأسد".
بينما نوّه معهد هدسون إلى تناقض قرار الرئيس ترامب بالانسحاب العاجل من سوريا مع ما ضمنه دفتي كتابه "فن الصفقة .. الذي يقرن المفاوضات الناجحة باجتراح منابع النفوذ". وأضاف أن كتاب ترامب المذكور شدد على أنه "من أسوأ أجواء المفاوضات أن تبدو مستميتاً بالتوصل لإتفاق أمام خصمك.. إذ أن قرار قصف سوريا عزز الإنطباع بأن الرئيس يستميت في الإنسحاب من الشرق الأوسط".
إيران
في الشأن الإيراني، حذر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى من هول تصريحات الرئيس ترامب بأنه ينوي تقويض الإتفاق النووي "عبر عدم تمديد الإعفاءات من العقوبات.. بينما في الحقيقة التوجه لإعادة تفعيل نظام العقوبات لا يسري بضغطة زر، ويستدعي اتباع عديد من الخطوات التي بدونها لن يبقى معنى للإنسحاب".