حزب الله لا يريد الحرب لكنه يستعد لها
الباحثة الإسرائيلية أورنا ميزراحي تتساءل في تقرير بحثي لها تحت عنوان "هل يريد حزب الله حرباً مع إسرائيل الآن"، وترى أنه "على الرغم من أن حزب الله لا يمتلك مصلحة في اندلاع حرب واسعة مع إسرائيل، وحتى لو كان الذهاب إلى مواجهة عسكرية لا يندرج ضمن مصلحة إسرائيل وحزب الله، "فعلى إسرائيل الاستعداد مقدماً لاحتمال حملة عسكرية في الشمال".
عملت أورنا ميزراحي ستة وعشرين عاماً في الإستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، واثني عشر عاماً في مجلس الأمن القومي في ثمانية حكومات إسرائيلية متعاقبة حيث شمل عملها إعداد أوراق السياسات الإستراتيجية لرؤساء الوزراء، قبل أن تنضم لـ"معهد الأمن القومي للدراسات الأمنية" في تل أبيب.
تركز ميزراحي على الصراع بشكل مباشر، وهي حائزة على إجازة في الدراسات العليا في تاريخ الشرق الأوسط، وعضو فعّال في منتدى يدعم انخراط المرأة في العمل الأمني.
قبل أيام قليلة، نشرت ميزراحي تقريراً بحثياً بعنوان "هل يريد حزب الله حرباً مع إسرائيل الآن؟" استهلته بالقول إن "الكثيرين في الإعلام العربي يعتقدون أن حرباً قد تندلع هذا الصيف بين حزب الله وإسرائيل. بدأ هذا النقاش باكراً حتى قبل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وعودة الكلام عن إحتمال إستخدام إيران لحزب الله كوكيل ضد إسرائيل".
واعتبرت ميزراحي أنه "في خطاباته الأخيرة، "سعى أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله للتهدئة في وقت بعث برسائل رادعة لإسرائيل، وأكد على قدرة حزب الله قصف مواقع استراتيجية في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، واحتلال أجزاء من الجليل".
وتابعت "لكن مواقف نصر الله تشير إلى أن الحزب قلق من عدم توفر ظروف ملائمة حالياً للذهاب إلى حرب مع إسرائيل، بسبب استمرار تورطه في الحرب في سوريا ورغبته في عدم خسارة الانجازات السياسية الأخيرة في لبنان".
تدعم ميزراحي وجهة نظرها بالقول إن "كلام نصر الله يهدف إلى الردع، مع تعداد ما تعتبره عوامل تمنع الحزب من الانخراط في حرب مع إسرائيل في هذه المرحلة، بالإشارة إلى آثار مشاركته في الحرب في سوريا بشرياً ومادياً، فضلاً عن الحصار المالي الذي تتعرض له إيران والذي يستهدف الحزب أيضاً".
ميزراحي تخوض في هذه العوامل بالتفصيل، مع تكرار معطيات وأرقام تمّ تداولها مراراً حول جرحى حزب الله في الحرب السورية وموازنته السنوية إلى الاجراءات التي اتخذها للتعامل مع الظرف المالي نتيجة العقوبات الأميركية على إيران.
وفي معرض ذكرها للضغوط السياسية التي يتعرض لها الحزب بنظرها، تقف ميزراحي عند موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأن مزارع شبعا غير لبنانية فتصّفه بـ"اللافت" وتُدرجه ضمن الضغوط السياسية الأخرى كالاعتراف الأميركي بسيادة "إسرائيل" على الجولان، وإدراج بريطانيا لكامل الحزب على قائمة الإرهاب.
بعد كل هذه السردية، تستنتج ميزراحي أن "موقف حزب الله الضعيف" ردّاً على تدمير الأنفاق عند الحدود "مؤشر على عدم وجود رغبة لدى حزب الله للذهاب إلى صراع عسكري في المستقبل القريب"، مشيرة إلى أن بيان قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، والذي أعلن عن وجود ثلاثة أنفاق على الأقل "أعطى الشرعية للخطوة الإسرائيلية"، بحسب تعبيرها.
وتختم الباحثة الإسرائيلية قائلة أنه "على الرغم من أن حزب الله لا يمتلك مصلحة في اندلاع حرب واسعة مع إسرائيل في هذا الوقت، فإن احتمال حدوث التصعيد أمر لا يمكن استبعاده"، موضحةً أن "التحديات التي يواجهها حزب الله لا تعرقل جهوده للإستثمار في بناء قوته العسكرية والإنتشار استعداداً لحرب محتملة مع اسرائيل.. فالمنظمة تمتلك موارد مالية متنوعة وأصولاً كثيرة متراكمة عبر السنين. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من شأن أي خرق ينتج عن سوء تقدير فردي إسرائيلي أن يؤدي إلى ردّ من حزب الله، أو أن يبادر الحزب نفسه إلى خطوة مدفوعاً بمصلحة إيرانية"، مشددة أنه "حتى لو كان الذهاب إلى مواجهة عسكرية لا يندرج ضمن مصلحة إسرائيل وحزب الله، فعلى إسرائيل الاستعداد مقدماً لاحتمال حملة عسكرية في الشمال".