"الفيفا" ونجوم مع أطفال لبنان ... بصمة أمل عبر كرة القدم

لم يحضر إنفانتينو رفقة مورينهو، كاكا، مارسيل ديساييه، يوري دجوركاييف، تيم كاهيل، صامويل إيتو والنجمة الفرنسية لورا جورج في نزهة إلى لبنان إنما جاؤوا لإطلاق مشروع جديد للـ"فيفا" وهو "كرة القدم من أجل المدارس" بجولتها الثانية. إنطلاقة المشروع من لبنان لم تكن محض صدفة، إنما اختيرت بلاد الأرز لأنها أصل الفكرة.

"مغلق من أجل كرة القدم" لافتة كان يعلقها الكاتب الأورو-غوياني ادواردو غاليانو (شعار كرة القدم) على باب منزله لمدة شهر، يجلس فيها ليتابع منافسات كأس العالم.

اللافتة التي كان غاليانو يعتمدها قد تمثّل حال الكثيرين الذين يخصصون معظم أوقاتهم لمشاهدة أبطالهم وتشجيعهم من خلف الشاشة، حيث يفرحون لانتصارات لاعبين عرفوهم لسنوات من شاشة التلفزيون فقط ويحزنون لخسارتهم.

وفي مخيلة المشجعين الذين كبروا وحفظوا أسماء لاعبيهم المفضلين منذ الصغر رغبة وأحلام بأن يصلوا إلى مستوى من يعتبرونهم قدوة كروية لهم، وما بالنا بردّة فعل المشجعين عند لقائهم بشكل مباشر مع لاعبين مثل ريكاردو كاكا (أفضل لاعب في العالم عام 2007)، هذا ما كان يمكن رؤيته في ملعب استاد الشوف ( مزرعة الشوف - محافظة جبل لبنان) أمس الأحد 13 تشرين الأول/ أكتوبر حيث حضر رئيس الفيفا جياني انفانتينو برفقة بعض "أساطير" اللعبة والمدرب جوزيه مورينيو. 

المشروع لبناني الجذور.. بصمة أمل

لم يحضر إنفانتينو رفقة مورينهو، كاكا، مارسيل ديساييه، يوري دجوركاييف، تيم كاهيل، صامويل إيتو والنجمة الفرنسية لورا جورج في نزهة إلى لبنان إنما جاؤوا لإطلاق مشروع جديد للـ"فيفا" وهو "كرة القدم من أجل المدارس" بجولتها الثانية. إنطلاقة المشروع من لبنان لم تكن محض صدفة، إنما اختيرت بلاد الأرز لأنها أصل الفكرة.

فقد تقدّم لبنان بهذا للمشروع للفيفا وتم قبوله، الذي قدّم بالتعاون بين الإتحاد اللبنانية لكرة القدم ووحدة الأنشطة الرياضية في وزارة التربية.

أهداف المشروع تصب في تطوير الرياضة المدرسية، وإدخال الفيفا وقدراتها الهائلة في التطوير الرياضي إلى المدارس، ولن يختصر على المدارس اللبنانية فقط إنما سيطال كل الدول داخل الفيفا.

هناك في لبنان وبحسب مازن قبيسي مسؤول وحدة الأنشطة ما يقارب 13,000 تلميذ يمارسون كرة القدم، لكن عدد الأندية والأكاديميات التي يمكن أن تحتضن هذا العدد هامشي جدًا. 

يهدف المشروع إلى تأهيل وتطوير قدرات مدرّسي التربية الرياضية في المدارس اللبنانية من خلال ورشات عمل الكترونية "أونلاين" وتطبيقات هاتفية، وتزويدهم بمفاهيم جديدة في عملية تعليم أساسيات كرة القدم من أجل إدراجها في مناهج الدراسة الرياضية، إلى جانب استخدامها في النشاطات بعد الدوام المدرسي.

ويعمل أيضاً على تطوير قدرات الطالب المدرسي على الصعيد البدني والمهاري، والأهم تعزيز المهارات الحياتية الأساسية الخمس لدى التلاميذ وهـي: الاحترام، التعاون، ضبط الانفعال، حل المشكلات واتخاذ القرارات في التوقيت المناسب.

المشروع الرياضي الذي تبنته الـ"فيفا" يعتبر إنجاز لبنانيًا في ظل الحال السيء لكرة القدم اللبنانية إن كان على المستوى الإحترافي أو إدارة اللعبة ومنشأها وما إلى غير ذلك.

الخطوة قد تحمل بصيصًا من الأمل للمواهب اللبنانية حيث قد تمنحهم الفرصة لصقل مواهبهم وقد تؤمن لهم فرصًا احترافية خارج لبنان، خصوصًا أن المشروع يدار تحت أعين الإتحاد الدولي للعبة لا المحلي.

يتحدث أحد الأساتذة الذين حضروا حفل الافتتاح في الشوف - جبل لبنان عن بعض التلاميذ الذين حملهم في ذاكرته، ويقول إنهم كانوا استثنائيين، كانو يلعبون كرة القدم بشكل مختلف ومستواهم كان أعلى بكثير من مجرد هاو يمارس اللعبة، لكن عدم الإهتمام أودى بهم بعيدًا ودفن تلك الموهبة. 

الغياب الإعلامي نعمة أم نقمة؟

خبر حضور وفد "الفيفا" إلى لبنان وعلى رأسه إنفانتينو جاء على غفلة، فقد تم إشاعة هذا الخبر قبل أيام قليلة فقط من إطلاق المشروع من لبنان، وجاء إعلان الخبر من قبل الأمين العام للإتحاد اللبناني لكرة القدم جهاد الشحف في ظهوره عبر برنامج رياضي.

لم يكن أحد يعلم حتى باسم المشروع أو تفاصيله ربما قلّة من المعنيين بالمشروع أو المتابعين للعمل المدرسي، لكن الإعلام لم يكن على دراية بالأمر، هذا وإن دل على شيء فهو غياب التسويق الإعلامي في الاتحاد اللبناني، أما الإتحاد الدولي الذي يصرف الملايين على العمل الإعلامي فإنه لم يشر أبدًا على موقعه الرسمي لأي حدث ولم يذكر لبنان في أي زاوية من الموقع، لكن وعلى ما يبدو أنه أسلوب "الفيفا" في مثل هذه الأحداث، لا يعلن عنها مسبقًا إنما يكتفي بنشرها فيما بعد.

الأمر الملفت أيضاً أن المعنيين في منطقة الشوف أي اتحاد بلديات الشوف السويجاني، تم إعلامهم قبل 3 أيام من الحدث، كانوا قد اعلموا قبل 20 يومًا تقريبًا أن هناك نشاط ما لكنهم لم يعلمو أي تفاصيل حول الأمر، ما اضطرهم إلى قضاء ليلة الأحد يعملون على تجهيز ستاد الشوف ليكون جاهزًا لحفل الإطلاق، حتى أنم استدعاء فرقة الفلكلور المؤلفة من أطفال مدرسة "أمجاد" اللبنانية تمّ عبر وزارة التربية بعد فوزها بكأس بطولة مدارس لبنان.

لكن هذا الغياب الإعلامي من نواحٍ عدة لم يكن نقمة إنما كان يمكن القول إنه أمسى نعمة، حفل الافتتاح كان ناجحًا، لقد كان بعشوائيته البسيطة جدًا التي لا يمكن التعليق عليها سلبًا يشبه المدارس، أو اللعبة الشعبية وما عرف بلعبة الفقراء، لقد كانت المباريات القصيرة التي خاضها اللاعبون إلى جانب الصغار واقترابهم من حيث المسافة من الجمهور فيه الكثير من الود ومشاعر الحب التي تشبه كرة القدم، لم يكن الحفل لتلميع صورة شخصية إنما كان من أجل كرة القدم فقط. 

مورينيو "للميادين نت": قد أدرّب فريقًا هذا الموسم

في ظل الأجواء الجميلة البسيطة، تحدث عدد من الحاضرين مع وفد "الفيفا" إلى "الميادين نت" وعلى رأسهم رئيس الإتحاد الدولي إنفانتينو، وعند سؤال جياني عن المشروع قال:" هذا المشروع أهم بكثير من كيفية أداء اللعبة فقط وأندية اللعبة، هذا المشروع سيطال مئات الملايين من الأطفال حول العالم، وسيعمل على تطوير السلّم القيمي لديهم، كما سنضع كل طاقتنا بهدف نجاحه"، وعند سؤاله عن جوائز "الفيفا" التي أثارت الكثير من علامات تعجّب أجاب:"أنا هنا للقيام بأعمال أخرى لا للحديث عن هذا الأمر". 

"السبيشل وان" جوزيه مورينيو الذي دائمًا ما يواجه الإعلام بأجوبته الحادة، أبدى سعادته بحضوره إلى لبنان لأول مرة، كما قال إن جمالية المشروع تكمن في ابتعاده عن التسويق وعالم الأموال إنما هو الوجه الحقيقي لكرة القدم، أما فيما يخص إنفانتينو ومقارنته بالرئيس السابق للفيفا جوزيف بلاتر، فإن جوزيه وقف في صف الرئيس الحالي حيث قال:"لا يمكنني المقارنة، لم أكن في أي مشروع للفيفا من قبل، أما عن إنفانتينو فأنا أعرفه منذ أيام الإتحاد الأوروبي، وعندما ترشّح لرئاسة الإتحاد الدولي قمت بدعمه لأنني أعرفه جيدًا وأؤمن بعمله". أما السؤال الذي يطرحه معظم محبي كرة القدم أين سيكون مورينهو مع أي فريق:"أظن ذلك، لو كان لدي فريق حالي لما كنت هنا".

مارسيل داسييه بطل كأس العالم مع منتخب فرنسا (1998) ودوري الأبطال الأوروبي مع مارسيليا وميلان كان أكثر اللاعبين بهجة وسعادة، يرقص تارة مع الأطفال ويضحك تارة أخرى مع الحاضرين، وفي حديثه قال:"إن كرة القدم بهجة للشعوب، ويجب أن تكون عاملاً لمنح الطاقة الإيجابية للناس" مضيفًأ في ما يخص المشروع:"نحن لسنا هنا لنصنع لاعبين محترفين ما يهم قبل ذلك هو خلق العوامل النفسية التي تجعل من الطفل لاعبًا حقيقيًا، من حيث الإنتظام والتحفيز والقدرة على تقبل الخسارة". 

فرصة حقيقية لتربية رياضية صحيحة

المشروع اللبناني الولادة أطلق بشكل رسميّ من قبل "الفيفا"، مشروع قد يكون فرصة حقيقة لتربية رياضية صحيحة، تبدأ بالعمل على الشقّ النفسي والديناميكي للطلاب قبل دخولهم في أجواء المنافسة الفيزيائية.

يشكّل هذا المشروع بصمة أمل للتلاميذ حول العالم خصوصًا في المناطق المهمشة وتلك التي تعاني أيضًا من سوء اهتمام في الرياضة.