تحدي الرأسماليين.. "الفيفا" في مواجهة الأندية الكبيرة!

أندية كرة القدم تعاني مشاكل اقتصادية ناجمة عن جائحة كورونا وتبحث عن حلول، ومن بينها "دوري السوبر الأوروبي"، الذي سيشعل فتيل مواجهة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي سيقف في وجه أي محاولة مستقلة للتوسع.

  • تحدي الرأسماليين..
    تحدي الرأسماليين.. "الفيفا" في مواجهة الأندية الكبيرة!

أكثر من عام مضى، وما يزال فيروس كورونا يترك آثاره في مختلف الأنحاء. يغلق البلاد، ويملأ المستشفيات، ويشغل الباحثين والأطباء من أجل لقاح فعال، ويبقي الاقتصاديين والخبراء في عالم الأعمال على أهبة الاستعداد بعد الشرخ الاقتصادي الذي أحدثه.

أثر كورونا في الاقتصاد يحتاج إلى خطط اقتصادية استراتيجية، وهذا ما تبحث عنه أندية كرة القدم الأوروبية، التي كان بعضها قريباً من الإفلاس، وهناك أندية كانت قريبة من حل عقود لاعبيها وتسريح رخصها.

أما الأندية الكبيرة الملتزمة بديون للمصارف وبمبالغ ونفقات وأجور عالية، والتي تسبب لها الفيروس بخسائر كبيرة، على الرغم من خفضها رواتب اللاعبين وتأجيل دفعها في بعض الأحيان، فإنها تبحث عن مصدر جديد يغدق عليها بالأموال، ويعزز سطوتها في عالم الأموال، ويعيدها إلى الواجهة كمصدر أساسي في الاستثمار من دون مخاطر.


الحل.. دوري السوبر الأوروبي 

  • تحدي الرأسماليين..
    ستضم بطولة "دوري السوبر الأوروبي" المحتملة 15 فريقاً مؤسساً

في العام الماضي، بدأ الإعلام يتحدث عن بطولة جديدة تحت مسمى "دوري السوبر الأوروبي"، ولكن ما هي هذه البطولة؟ هي بطولة ترى فيها الأندية الكبيرة فرصة لتعويض خسائرها الاقتصادية، ويقال إنها ستكون منافسة قوية، وستنافس أهم بطولة أندية في العالم؛ دوري أبطال أوروبا. 

ستضم بطولة "دوري السوبر الأوروبي" المحتملة 15 فريقاً مؤسساً، أي أن هذه الفرق تشارك بشكل موسمي، ولن يؤثر ترتيبها في الدوري المحلي في تأهلها. وبحسب وثيقة كشفت عنها صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، سيحصل كل فريق على 350 مليون يورو، وهو رقم "سحري" لبدء التعافي من أعراض فيروس كورونا الاقتصادية.

وكشفت الوثيقة المكونة من 18 صفحة أنه بخلاف الفرق الـ15 الدائمة، ستكون هناك 5 أندية إضافية تتأهل كل عام، وسيتم تقسيم الفرق إلى مجموعتين تضم كل واحدة منها 10 فرق، وسيكون اللعب محدداً بين 18 و23 مباراة في الموسم.

ولم تضم المسودة طريقة تقسيم الفرق، ولكن من المتوقع أن يتم اختيارها بناءً على مصالح سوق التلفزيون العالمي. وحتى هذه اللحظة، لم يتم الإعلان عن أسماء الأندية المؤسِسة الدائمة في البطولة. كما كشفت الوثيقة أن هناك مباحثات مع بنك "جي بي مورغان تشيس" لتمويل هذا المشروع.

أبرز ما في هذه البطولة أنها ليست من تنظيم الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وليست تحت كنف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، إنما هي بطولة من تنظيم الأندية الكبيرة في أوروبا، مثل ريال مدريد وبايرن ميونيخ وليفربول ومانشستر يونايتد وبرشلونة وغيرهم. وبالتالي، فإن كل عوائدها المالية ستذهب مباشرة للأندية. وفي حال لم تصبح البطولة تحت عباءة أي اتحاد كروي، أي "الفيفا" أو "اليويفا"، فإن جل عوائدها المالية للاتحادين ستكون بعض الضرائب؛ "فتات الخبز".


"الملك السمين" لا يحب النبلاء الحالمين!

  • رئيس
    رئيس "الفيفا" جياني إنفانتينو

كرة القدم، وبعيداً عن الملعب، يمكن وصفها بأنها "مملكة كبيرة" يحكمها ملك قوي، هو الاتحاد الدولي "الفيفا"، وتحته مجموعة من الوزراء والمستشارين، ولكنهم ليسوا مؤثرين، ويمكنهم العبث بين الحين والآخر، وهم الاتحادات القارية، وتحت وزراء البلاط "الملكي" مجموعة من النبلاء، هم الأندية الكبيرة التي تملك حلولاً وأثراً كبيراً وتحلم دائماً بالتوسع، ولكنهم متى أرادوا فعل ذلك، فعليهم أن يعودوا بالرزق إلى الوزراء، وبالمال الكثير إلى "الملك السمين" الذي يجلس على العرش، فلا يمكن التوسع من دون منح الملك حصة من الغنائم.

بطولة "دوري السوبر الأوروبي" فرصة للأندية لتعزيز نفوذها الاقتصادي، ولكن ذلك لن يحدث إذا كان لا بد من فعله من دون مشاركة "الفيفا"، الذي يملك بدوره خططاً للمستقبل، مثل توسيع بطولة كأس العالم للأندية للرفع من قيمتها الكروية، ولكن الأهم رفعة قيمتها السوقية.

وانطلاقاً من ذلك، رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" المصادقة على البطولة، مؤكداً أن المشاركة تقتصر على أندية معينة في القارة الأوروبية. بمعنى آخر، إن المنفعة تعود إلى مجموعة فقط من الأندية. لذلك، لن تحظى البطولة باعتراف "الفيفا" أو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "اليويفا".

الاتحاد الدولي "الفيفا" لم يكتفِ برفض المقترح، بل هدد اللاعبين والأندية التي قد تشارك في تلك المنافسة بمنعها من المشاركة في المسابقات التي تنظمها الاتحادات. ومن خلال بيان أصدره الاتحاد، ذكر الأندية بأنه "الملك" الذي يعود إليه كل شيء في اللعبة، إذ قال إن جميع المسابقات يجب تنظيمها أو الاعتراف بها من قبل "الفيفا" أو الاتحادات القارية.

وأضاف البيان: "في هذا الصدد، تعترف الاتحادات القارية ببطولة كأس العالم للأندية بشكلها الحالي والجديد، باعتبارها المنافسة العالمية الوحيدة للأندية. ويعترف الفيفا بمسابقات الأندية التي تنظمها الكونفدراليات، باعتبارها المنافسات القارية الوحيدة". هذا ما يسمى بالمنفعة المشتركة، وهذا ما يؤكد أن "الفيفا" لن يسمح بفرصة للتوسع على حساب منافعه، حيث كان من المفترض به أن يوسع مونديال الأندية، انطلاقاً من هذا العام، لكن الأمر تأجل بسبب الجائحة. 

وشدد البيان المذكور على أن هناك مبادئ في كرة القدم لا يمكن تغييرها، وهي المشاركة في البطولات بناء على الكفاءة والمراكز التي يتم حصدها في البطولات المحلية والقارية.

قد تشهد الأيام القريبة والبعيدة المقبلة صراعاً بين الأندية والاتحاد الدولي والاتحاد الأوروبي، لأن الأندية الأوروبية الكبرى ستسعى إلى حل مشاكلها الاقتصادية الناجمة عن الفيروس بأي طريقة، وهي ترى في "دوري السوبر الأوروبي" حلًّا مثالياً للتحرر من بعض القيود.