ما مدى قدرة الخوارزميات على التعرف على الوجه المقنع؟
يصارع صانعو تكنولوجيا التعرف على الوجه لجعلها تتكيف مع عالم يغطي فيه كثير من الناس وجوههم بشكل روتيني لتجنب انتشار المرض، وتستخدم الحكومات والشركات الخاصة تقنية التعرف على الوجه لتحديد الأشخاص في أماكن العمل والمدارس والمطارات، وفي أماكن أخرى.
أصبحت تكنولوجيا التعرف على الوجه أكثر انتشاراً ودقة في السنوات الأخيرة، حيث ساعدت تقنية الذكاء الاصطناعي المسماة التعلم العميق في جعل أجهزة الحاسب أفضل بكثير في تفسير الصور، وتستخدم الحكومات والشركات الخاصة هذه التقنية لتحديد الأشخاص في أماكن العمل والمدارس والمطارات، وفي أماكن أخرى، وذلك بالرغم من أن بعض الخوارزميات تعمل بشكل أقل دقة بالنسبة للنساء والأشخاص ذوي ألوان البشرة الداكنة.
يصارع صانعو تكنولوجيا التعرف على الوجه من أجل جعلها تتكيف مع عالم يغطي فيه كثير من الناس وجوههم بشكل روتيني لتجنب انتشار المرض، ويقول خبراء التعرف على الوجه إن الخوارزميات تكون أقل دقة عندما يكون الوجه محجوباً، سواء من خلال عائق أو زاوية كاميرا أو قناع، وذلك بالنظر إلى قلة المعلومات المتاحة لإجراء المقارنات.
كشف القناع إلكترونياً
وتعد خوارزميات التعرف على الوجه من شركة (TrueFace)، الناشئة الواقع مقرها في لوس أنجلوس، جيدة بما يكفي، بحيث يستخدمها سلاح الجو الأميركي لتسريع عمليات الفحص الأمني عند مداخل القواعد.
لكن الرئيس التنفيذي للشركة شون مور Shaun Moore يقول إنه يواجه سؤالاً جديداً حول مدى جودة تقنية (TrueFace) عندما يرتدي الناس أقنعة الوجه.
فيما، يقول ألكسندر خانين Alexander Khanin، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة (VisionLabs)، وهي شركة ناشئة يقع مقرها في أمستردام: "عندما يكون لديك أقل من 100 ألف شخص في قاعدة البيانات، فلن تشعر بالفرق، لكن مع وجود مليون شخص، فإن الدقة ستنخفض بشكل ملحوظ، وقد يحتاج النظام إلى تعديل، اعتمادًا على كيفية استخدامه".
ويوضح بعض البائعين والمستخدمين لتقنية التعرف على الوجه أن التكنولوجيا تعمل بشكل جيد بما يكفي على الوجوه المقنعة، حيث قال أرتيم كوهارينكو، مؤسس شركة (NtechLab)، وهي شركة روسية تستخدم تقنيتها ضمن 150 ألف كاميرا في موسكو "يمكننا تحديد شخص يرتدي قناع التخفي أو قناعاً طبياً وقبعة تغطي الجبين".
وأشار كوهارينكو إلى أن شركة (NtechLab) لديها خبرة في أقنعة الوجه من خلال العقود في جنوب شرق آسيا، حيث يتم ارتداء الأقنعة للحد من نزلات البرد والإنفلونزا.
تأثير فيروس كورونا
وفي السياق، تعتبر إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP)، التي تستخدم تكنولوجيا التعرف على الوجه على المسافرين الذين يستقلون الرحلات الجوية الدولية في المطارات الأميركية، أن تقنيتها يمكنها تحديد الوجوه المقنعة.
ويوضح أنيل جاين، الأستاذ في جامعة ولاية ميشيغان، الذي يعمل على تكنولوجيا التعرف على الوجه والقياسات الحيوية، أنه لا يمكن التحقق من هذه الادعاءات بسهولة، قائلًا "يمكن للشركات اقتباس أرقام داخلية، لكن ليس لدينا قاعدة بيانات أو تقييم موثوق للتحقق من ذلك حتى الآن".
ويأمل المختبر الحكومي الأميركي في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST)، الذي يعمل كحكم عالمي فيما يتعلق بدقة خوارزميات التعرف على الوجه، في توفير تلك المصادقة الخارجية، لكن تم تعليقه بسبب الوباء نفسه الذي ساعد في ظهور المشروع.
ويقول باتريك غروثر، عالم الحاسب الذي يقود برنامج اختبار التعرف على الوجه التابع للمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST)، إن مجموعته تعد اختبارات لتحديد مدى دقة تحديد الخوارزميات للأشخاص الذين يرتدون الأقنعة.
ويخطط معهد (NIST) لإضافة الأقنعة رقمياً إلى مخزونه الحالي من الصور وخوارزميات الاختبار، وسيدعو الشركات في وقت لاحق إلى تقديم خوارزميات جديدة معدلة لأقنعة الوجه، لكن غروثر يقول إن توقيت المشروع غير مؤكد، وذلك لأن المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا قد قلل عدد الموظفين بسبب فيروس كورونا المستجد.
الذكاء الصيني في هذا المجال
وتهيمن الشركات الصينية والروسية على قوائم المتصدرين، التي تتم مراقبتها على نطاق واسع من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST).
فيما يتعلق بدقة التعرف على الوجه، وتسهل قواعد الخصوصية البسيطة لتلك الشركات جمع البيانات والخبرة التشغيلية اللازمة لتحسين خوارزميات التعرف على الوجه.
وكانت الشركات الصينية والروسية الأولى التي ادعت هذا العام أن منتجاتها جاهزة لعالم من الوجوه نصف المغطاة، وقالت شركة (SenseTime) الصينية، إحدى الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، في أوائل شهر آذار/مارس إنها حدثت منتجها للعمل مع أقنعة الوجه.
وقال متحدث باسم الشركة إن البرنامج يهتم بملامح الوجه المكشوف، مثل العيون والحاجبين والجزء المكشوف من الأنف، ويأتي ذلك بعد أن قيدت الولايات المتحدة إمكانية البيع لشركة (SenseTime) وشركات الذكاء الاصطناعي الصينية الأخرى العام الماضي بزعم توفيرها التكنولوجيا المستخدمة لقمع المسلمين الأويغور في الصين.
ويمكن للمواطنين الصينيين استخدام وجوههم للدفع في المتاجر أو استخدام أجهزة الصراف الآلي، بينما تستغل الوكالات الحكومية التكنولوجيا من أجل الوصول إلى الأشخاص المهمين في الشوارع والحشود.
وتتوخى المجموعة اليابانية (NEC)، التي توفر تقنية التعرف على الوجه، التي تستخدمها إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية في المطارات الأميركية، الحذر في مناقشة قدرة التكنولوجيا فيما يتعلق بالوجوه المقنعة.
في غضون ذلك، يقول بينجي هاتشينسون، مسؤول شركة (NEC) في الولايات المتحدة، إن مختبرات الشركة في اليابان، التي تطور خوارزمياتها، تختبرها دائماً على أقنعة الوجه، لأنها عادة ما تستخدم خلال مواسم الإنفلونزا في آسيا.
لكن الشركة اليابانية أطلقت سلسلة جديدة من الاختبار الآن بعد أن أصبحت الأقنعة قاعدة سلوكية، ويشير هاتشينسون إلى أن الأقنعة ليست جديدة بالنسبة لهم، معتبراً أن هذا لا يعني أنها مثالية تماماً، "وننصح العملاء، مثل (CBP)، باتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن التكنولوجيا في الوقت الحالي"، وفقاً له.