"ريسبونسبل ستيت كرافت": استبداد ابن سلمان وحماقة بايدن

يُظهر إدانة امرأة بريئة بالسجن لعقود من الزمن لسبب هامشي، القمع الوحشي الذي تمارسه الحكومة السعودية على شعبها. وما استخدامها السخيف لما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب سوى ذريعة لسحق نقاد النظام.

  • استبداد بن سلمان وحماقة بايدن
    استبداد بن سلمان وحماقة بايدن

الكاتب دانيال لاريسون يتحدث في مقال له في موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" عن قضية الناشطة السعودية  سلمى الشهاب، ويشير  إلى أنّ السعودية لا يمكن أن تكون شريكاً موثوقاً به عندما تتعامل مع المنتقدين السلميين  كإرهابين.

وفيما يلي النص المنقول إلى العربية: 

أصبحت الحكومة السعودية تحت حكم ولي العهد محمد بن سلمان، أكثر قسوة وقمعية، حتى مع المعارضين المعتدلين والأبرياء.

ليس من المستهجن أن تسجن السلطات السعودية نقادها، بسبب تغريدة تعتبرها السلطات غير مخلصة أو غير متحمسة كفاية في دعم السياسات الرسمية. أحدث مثال على حملة القمع البغيضة التي تشنها الحكومة السعودية، توضح مع إصدار الحكم على سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراه السعودية، بالسجن 34 عاماً لمتابعتها وإعادة تغريدات لمعارضين ناشطين في تويتر.

ووفقاً لمراقبي حقوق الإنسان، فإن عقوبتها هي الأطول على الإطلاق لأي ناشط سعودي. كان قد حُكم عليها في البداية بالسجن ست سنوات، وهو أمر مروّع بالفعل، ولكن تمّ تشديد العقوبة بعد استئنافها الحكم.

ويُظهر إدانة امرأة بريئة بالسجن لعقود من الزمن لسبب هامشي، القمع الوحشي الذي تمارسه الحكومة السعودية على شعبها. وما استخدامها السخيف لما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب سوى ذريعة لسحق نقاد النظام. إنه مثال آخر يفضح الكذبة القائلة بأن ولي العهد إصلاحي وتحديثي. وكما قالت "المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان"، إن الحكم "يؤكد أن السعودية تتعامل مع أولئك الذين يطالبون بالإصلاحات والمنتقدين على الشبكات الاجتماعية كإرهابيين".

لطالما كان النظام السعودي استبدادياً، لكنه أصبح دولة بوليسية أكثر من ذي قبل في السنوات الأخيرة. وكان بايدن قد زعم بعد زيارته للسعودية، أنه تلقى التزامات "فيما يتعلق بالإصلاحات"، لمنع إساءة معاملة المعارضين في المستقبل، لكن الحكم المشين الذي صدر في قضية سلمى الشهاب، بعد أسابيع قليلة على تعهد بدا عديم القيمة بفجاجة.

وتوصلت صحيفة "واشنطن بوست" إلى النتيجة نفسها في افتتاحية لاذعة هذا الأسبوع، قائلة إنّ "الوعود السعودية لبايدن كانت مهزلة". وكانت التحذيرات التي أطلقها المعارضون السعوديون قبل زيارة بايدن صحيحة: فالاجتماع مع ولي العهد سيشجعه على اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة ضد منتقديه، مع العلم أن واشنطن لن تقول شيئاً ولن تفعل شيئاً رداً على ذلك.

ومن الضروري الآن أن تصحح إدارة بايدن أخطاءها السابقة وأن تمارس ضغوطاً كبيرة على الرياض لم تكن مستعدة لتطبيقها حتى الآن.

وعزَمَ ولي العهد السعودي مع سعود القحطاني، أحد كبار مساعديه، على تتبع ومعاقبة المعارضين السعوديين المقيمين في الخارج، مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي لاستهدافهم ومضايقتهم وتهديد العديد منهم وإسكاتهم.

يذكر أن القحطاني كان متورطاً بعمق في مؤامرة قتل جمال خاشقجي.

كما أوضح الصحافي بن هوبارد في كتابه، "محمد بن سلمان" ،أنّ القحطاني كان مسؤولاً عن قيادة "مكارثية" مسعورة على شبكة الإنترنت. حيث يقوم جيش المتصيدون الإلكترونيون الذين يشرف عليهم بملاحقة أي شخص يعتبرونه منحرفاً عن خط الخطاب الرسمي للنظام.

وتصف الكاتبة والناشطة السعودية مضاوي الرشيد  في كتابها "ابن الملك"، أنّ  الجيش السيبراني التابع للحكومة يقوم بترهيب النشطاء داخل وخارج المملكة العربية السعودية، ويهددونهم بالخطف والاغتيال. كما يخترقون حسابات المعارضين عبر الإنترنت وينفذون نظام مراقبة واسع الانتشار، باستخدام أحدث التقنيات المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا و"إسرائيل".

وليست سلمى الشهاب سوى واحدة من أحدث ضحايا هذا النظام الاستبدادي الآخذ في الاتساع. على سبيل المثال، لا يزال الدكتور سلمان العودة في السجن لمدة خمس سنوات بعد أن كتب تغريدة عبر فيها عن رغبته في المصالحة مع قطر في بداية الحصار الذي قادته السعودية على ذلك البلد. بعد خمس سنوات، انتهى الحصار المفروض على قطر، لكن العودة لا يزال محتجزاً من دون أي إدانة.

وتستمر حملات القمع الاستبدادي بالتصاعد على مدى السنوات الخمس الماضية، ووفقاً لتقرير حديث لصحيفة "ذا ايكومنيست"، أعده نيكولاس بيلهام، فقد تم اعتقال آلاف المواطنين السعوديين، لأسباب واهية. على الرغم من وعوده بالابتعاد عن استخدام عقوبة الإعدام، فقد أشرف محمد بن سلمان على زيادة كبيرة في عدد عمليات الإعدام، التي طالت العشرات بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب. وحتى النصف الأول من عام 2022، أعدمت الحكومة السعودية 120 شخصاً، من بينهم 81 أُعدموا في يوم واحد،  بقرار محكمة صورية.

وكانت ردة فعل إدارة بايدن علي الحكم على سلمى الشهاب، فاترة وغير مرضية حتى الآن. وقالت وزارة الخارجية الأسبوع الفائت، إنّ الولايات المتحدة تدرس القضية، ولا ينبغي تجريم ممارسة حرية التعبير أبداً". هذا البيان بداية لن يصل إلى ما هو أكثر بحد ذاته.

الحقيقة هي أنّ الحكومة السعودية تجرم روتينياً كل منتقد من مواطنيها، وتتعامل مع المعارضة كما لو كانت إرهاباً، ولا تواجه فعلياً أي انتقاد أو رد فعل من واشنطن عندما تفعل ذلك.

ولدى الإدارة فرصة في قضية سلمى الشهاب، للتراجع قليلاً عن الضرر الذي لحق بسمعتها وسمعة الولايات المتحدة، عندما تمسّكا بولي العهد مجمد بن سلمان. ويجب على بايدن الضغط على حكومة الرياض لإسقاط التهم الموجهة إلى سلمى الشهاب والسماح لها بالعودة إلى عائلتها في المملكة المتحدة.

السعودية ليست ولا يمكن أن تكون شريكاً موثوقاً به عندما تتعامل مع المنتقدين السلميين كإرهابين. وحين تدعم الولايات المتحدة الحكومات القمعية مثل هذه الحكومة وتسلحها، فإنها تعطي فعلياً طابع الموافقة على أساليبها الوحشية وتورط نفسها في انتهاكاتها.

طالما أن الحكومة السعودية، تعتقد أن لا شيء من أعمالها  قد يعرض دعم واشنطن لها للخطر، فإنّ سلوكها سيصبح أكثر تعسفاً وشناعة بمرور الوقت. فلم يواجه محمد بن سلمان حتى اللحظة رفضاً جدياً أميركياً لنهجه في الحكم، والدرس الوحيد الذي يستقيه من ذلك، أنه يمكنه أن يتضمن الإفلات من العقاب على أي من أفعاله.

لقد حان الوقت لجعل ولي العهد والحكومة السعودية يواجهان عواقب منها: وقف مبيعات الأسلحة، والمزيد من التدقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والمزيد من النقد المباشر.

نقله إلى العربية: حسين قطايا